في العصر العباسي كانت مكة موضع اهتمام الخلفاء، فتمّ في أيامهم شراء الدور الملاصقة للمسجد فضمت جميعها إليه وفرشت أرضيتها بالرخام وزينت الجدران والسقوف بالنقوش، وبلغ من اهتمام العباسيين في الحرم المكي أن الخليفة المهدي اشترى الذراع مما يحيط بالحرم بمبلغ 25 دينارًا لتصبح مساحته ضعفي ما كانت عليه، ولعل أشهر ما تركه العباسيون في مكة من آثار دار القوارير بين الصفا والمروة، كانت معدة لإقامة هارون الرشيد في أثناء وفوده إلى مكة.
من جهة أخرى تعرضت مكة في عهدهم لكثير من الأحداث الدامية بسبب أعمال العنف وحركات التمرد التي كان يقوم بها الأشراف العلويون.
ولعل أخطر الأحداث التي شهدتها مكة تلك التي قام بها القرامطة في أثناء عدوانهم عليها سنة 317هـ/929م وعلى قيادتهم أبو طاهر القرمطي حيث قتلوا آلاف الحجاج وطمروا بئر زمزم واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه إلى أن أعيد بأمر من الخليفة العبيدي الفاطمي المنصور بن القائم سنة 330هـ/941م.
وعلى العموم كان الحجاز برمته – ومكة جزء منه – موضع نزاع منذ بداية القرن الرابع الهجري بين الفاطميين في مصر والعباسيين في العراق.