الصلاة
خلق الله -تعالى- الإنسان لغاية عمارة الأرض واستخلافها، وحتى تكون عمارة الأرض بالحقّ وبالطريقة الصحيحة فإنّ الله -تعالى- أوجب على الإنسان عبادته وتوحيده، وعبادة الله -تعالى- تتّخذ عدّة صور وأشكال، فمنها: العبادات القلبيّة، والفعليّة، والقوليّة، ولكلّ نوع من أنواع العبادات السّابقة عدد من الأمثلة؛ فمثال العبادات الفعليّة: الصّلاة التي يؤدّيها العبد المسلم، متضمنة أركاناً وشروطاً محدّدةً؛ كما أنّ الصّلاة من أعظم أُسس وقواعد الدّين الإسلاميّ؛ فهي الرّكن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، وهي أول ما يُسأل عند العبد عند حسابه يوم القيامة؛ فالمحافظة على أداء الصّلاة سبب قبول باقي أعمال العبد، وسبب انشراح القلب والبعد عن المنكرات، والفواحش، والظلم، والشهوات، والشبهات، والثبات على الحقّ والبرّ والتقوى، وأداء الصّلاة يكون بالقيام بأفعال مخصوصة، ومن الأفعال المخصوصة بالصّلاة تكبيرة الإحرام، فما هي تكبيرة الإحرام، وكيف تكون؟[١]
تكبيرة الإحرام
التكبير هو حمد الله -تعالى- والثناء عليه وتكون بقول العبد المسلم: الله أكبر، وتكبيرة الإحرام هي قول العبد المسلم في بداية صلاته: الله أكبر، والغرض من تكبيرة الإحرام إعلان العبد الانقطاع عن كلّ شيء والدخول في الصّلاة، وهي ركن من أركان الصّلاة، وتسمّى أيضاً: تكبيرة الافتتاح؛ لأنّ العبد المسلم يفتتح صلاته بها،[٢] وسُمّيت التكبيرة الأولى في الصّلاة بتكبيرة الإحرام لأنّ المسلم يحرم عليه كلّ فعل كان حلالاً قبل البدء بالصلاة من الأفعال التي تفسد الصلاة؛ مثل: الأكل والشرب والكلام وغير ذلك من مُفسدات الصلاة.[٣]
إقرأ أيضا:لرفع البلاء- حُكم تكبيرة الإحرام ودليل مشروعيّتها: إنّ تكبيرة الإحرام هي الركن الثالث من أركان الصّلاة؛ أي أنّ الصلاة لا تصح ولا تعتبر دون تكبيرة الإحرام، وإذا تركها المصلّي عامداً أو ساهياً وجب عليه إعادة الصلاة، ودليل ذلك قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا قُمتَ إلى الصلاةِ، فأسبِغِ الوُضوءَ، ثم استَقْبِلِ القِبلَةَ، فكَبِّرْ واقرَأْ بما تيسَّرَ معَك من القرآنِ)،[٤] كما أنّ العلماء اتفقوا على أنّ تكبيرة الإحرام فرض من فروض الصلاة، واتفقوا على أنها تكون بالنطق بها، فالنيّة في القلب لا تكفي لسقوط فرض تكبيرة الحرام عن المصلّي.
- شروط تكبيرة الإحرام: اشترط الفقهاء عدّة شروط لصحّة تكبيرة الإحرام؛ وهي: النطق بها باللغة العربية إن كان المُصلّي قادراً بعد وقوفه لأداء الصلاة المفروضة عليه، وأن تكون بلفظ: الله أكبر، والمحافظة على ترتيب الكلمتين، وأن يسمع المصلّي صوته عند النطق بها، وتكون بعد دخول وقت الفرض وبعد استقبال القبلة، وإن كان المصلّي مأموماً فإنّه يأتي بها بعد تكبير الإمام، ويُستحب للمصلّي رفع يديه لتكبيرة الإحرام وقد انعقد إجماع العلماء على ذلك؛ فالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يرفعهما.
- كيفيّة تكبيرة الإحرام: بيّن العلماء كيفية أداء تكبيرة الإحرام بناءً على الأحاديث النبوية التي وردت في كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون تكبيرة الإحرام برفع المصلي يديه نحو منكبيه؛ أي أن تحاذي أطراف أصابع المصلي أعلى أذنيه، والإبهامان يحاذيان شحمتي الأذن، ودليل ذلك ما رُوي عن الصحابي عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- في صحيح مسلم؛ حيث قال: (كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا قامَ للصلاةِ رفعَ يديه حتى تكونا حَذْوَ مِنْكِبَيْه)