تعد الارزاق من الله تعالي ليكن منا الفقير ومنا الغني ومن فروض الله تعالي علينا الزكاة لتعتبر شعور للغني بالفقير وايضا شعور الفقير بالمحتاج ليكن ما يسمى زكاة الفطر .
معنى زكاة الفطر
أْي: الزكاة التي سببُها الفطر من رَمضان، وتُسمَّى أيضًا صدقة الفطر، وبكلا الاسمَيْن وردت النصوص
وسُمِّيت صدقة الفطر بذلك لأنها عند الفطر عطيَّةٌ يُراد بها المثوبة من الله، فإعطاؤها لمستحقِّيها في وقتها عن طيب نفس يُظهِر صدقَ الرغبة في تلك المثوبة، وسُمِّيت زكاة لما في بذلها خالصةً لله من تزكية النفس وتطهيرها من أدرانها، وتنميتها للعمل، وجبرها لنقصه
تاريخ مشروعيَّتها والدليل عليها
وكانت فرضيَّتها في السنة الثانية من الهجرة؛ أي: مع رَمضان، وقد دَلَّ على مشروعيَّتها عمومُ القرآن، وصريحُ السُّنة الصحيحة، وإجماع المسلمين, قال تعالى -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [الأعلى: 14]؛ أي: فاز كلَّ الفوز، وظفر كلَّ الظفر، مَن زكَّى نفسه بالصدقة فنمَّاها وطهَّرها.
وقال عكرمة – رحمه الله – في الآية: “هو الرجل يقدِّم زكاته بين يدي – يعني: قبل – صلاته”؛ أي: العيد، وهكذا قال غيرُ واحدٍ من السَّلَف – رحمهم الله – في الآية هي زكاة الفطر.
ورُوِي ذلك مرفوعًا إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- عند ابن خزيمة وغيره، وقال مالك – رحمه الله -: هي – يعني: زكاة الفطر – داخلةٌ في عموم قوله – تعالى -: ﴿ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: 43].
إقرأ أيضا:كيف أدفع الزكاةوثبَت في الصحيحين وغيرِهما من غيرِ وجهٍ: “فرَض رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- زكاةَ الفطر”[1]، وأجمَعَ عليها المسلِمون قديمًا وحديثًا، وكان أهلُ المدينة لا يرَوْن صدقةً أفضل منها. حكمها:
حكى ابن المنذر وغيرُه الإجماع على وجوبها، وقال إسحاق – رحمه الله -: “هو كالإجماع”. قلت: ويَكفِي في الدلالة على وجوبها مع القدرة في وقتها تعبيرُ الصحابة – رضِي الله عنْهم – بالفرض، كما صرَّح بذلك ابن عمر وابن عباس؛ قال ابن عمر – رضِي الله عنْهما -: “فرَض رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- زكاةَ الفطر…” الحديث، وبنحوه عبَّر غيرُه – رضِي الله عنْهم.
حكمة مشروعيَّتها
شُرِعَتْ زكاة الفطر تَطهِيرًا للنفس من أدرانها، من الشح وغيره من الأخلاق الرَّدِيئة، وتَكمِيلاً للأجر، وتنميةً للعمل الصالح، وتَطهِيرًا للصيام ممَّا قد يُؤثِّر فيه ويُنقِص ثوابَه من اللغو والرفث ونحوهما، ومُواسَاة للفُقَراء والمساكين، وإغناءً لهم عن ذلِّ الحاجة والسؤال يوم العيد.
فعن ابن عباسٍ مرفوعًا: “فرَض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاةَ الفطر طُهرَةً للصائم من اللغو والرفث، وطعمةً للمساكين”[2]؛ رواه أبو داود والحاكم وغيرُهما.
وفيها إظهارُ شكر نعمة الله – تعالى – على العبد بإتمام صيام شهر رَمضان وما يَسَّر من قيامه، وفعل ما تيسَّر من الأعمال الصالحة فيه.
إقرأ أيضا:كيف تحسب زكاة المالوفيها إشاعة المحبَّة والمودَّة بين فِئات المجتمع المسلم.
على مَن تجب الفطرة
زكاة الفطر زكاة بدن، فتجب على كلِّ مسلم ذكَرًا كان أو أنثى، حُرًّا كان أو عبدًا، وسواء كان من أهل المدن أو القرى أو البوادي، بإجماع مَن يُعتَدُّ بقوله من المسلمين.
ومن أدلَّة وجوبها حديثُ ابن عمر – رضِي الله عنْهما – قال: “فرَض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاةَ الفطر صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعير، على العبد والحرِّ، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمَر بها أنْ تُؤدَّى قبلَ خروج الناس إلى الصلاة”؛ متفق عليه.
ونحو هذا الحديث ممَّا فيه التصريحُ بالفرض والأمر، وإنما تجب على الغني، وليس المقصود بالغنيِّ في هذا الباب الغني في باب زكاة الأموال، بل المقصود به في زكاة الفطر مَن فضل عنده صاعٌ أو أكثر يومَ العيد وليلته من قوته وقوت عياله، ومَن تجب عليه نفقَتُه.
أنواع الأطعمة التي تخرُج منها زكاة الفطر:
ثبَت في الصحيح عن أبي سعيدٍ الخدري – رضِي الله عنه – قال: “كُنَّا نُعطِيها – يعني: صدقة الفطر – في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعا من طعام، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من الزبيب))؛ متفق عليه[3]، وفي روايةٍ عنه في الصحيح، قال: ((وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر))[4].
إقرأ أيضا:مشروعية زكاة الفطرفالأفضل الاقتصارُ على هذه الأصناف المذكورة في الحديث ما دامَتْ موجودةً، ويُوجَد مَن يَقبَلُها ليَقتات بها، فيُخرِج أطيَبَها وأنفَعَها للفقراء؛ لما في البخاري أنَّ ابن عمر – رضِي الله عنْهما – كان يُعطِي التمر[5].
وفي “الموطأ” عن نافع كان ابن عمر لا يُخرِج إلا التمر في زكاة الفطر، إلا مرَّة واحدة فإنَّه أخرج شعيرًا لَمَّا أعوز أهل المدينة من التمر – يعني: لم يوجد في المدينة – فأعطى شعيرًا”[6].
وفي هذا تنبيهٌ على أنَّه ينبَغِي أن يُخرِج أطيبَ هذه الأصناف وأنفَعَها للفقراء والمساكين، ومذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور أنَّ البُرَّ أفضلُ ثم التمر؛ قال – تعالى -: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، فإخراجها من أحد هذه الأصناف إذا وجد مَن يَقبَلُه ليَقتات به أفضل؛ لأنَّ فيه موافقةً للسُّنة واحتِياطًا للدين، فإن لم توجد فبقيَّة أقوات البلد سواها.
وذهَب بعضُ أهلِ العلم وهو قولُ مالكٍ والشافعي وأحمد وغيرهم إلى أنَّه يُجزِئ كلُّ حبٍّ وثمرٍ يُقتات، ولو لم تعدم الخمسة المذكورة في الحديث، وهو اختيارُ شيخ الإسلام ابن تيميَّة، واحتجَّ له بقوله – تعالى -: ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾ [المائدة: 89]، وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((صاعًا من طعام))[7]، والطعام قد يكون بُرًّا أو شعيرًا، وقال: “هو قولُ أكثر العُلَماء، وأصحُّ الأقوال، فإنَّ الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المساواة للفقراء”.
وقال ابن القيِّم – رحمه الله -: “وهو الصواب الذي لا يُقال بغيره؛ إذ المقصود سَدُّ خلَّة المساكين يومَ العيد، ومواساتهم من جنس ما