الشفع والوتر
تنقسم صلاة الوتر إلى شَفعٍ ووتر، فالوتر ما كان في نهايتها بركعاتٍ فردية، والشَّفع ما كان في ابتدائها من ركعاتٍ زوجية، فقد رُوِيَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئل عن الشفعِ والوترِ، فقال: (هي الصلاةُ بعضُها شفعٌ، وبعضُها وترٌ) وقد ثبتت مشروعية صلاة الوتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أمرَ بها أصحابه، ناهيك عن التزامه بها وأدائها في حِلّه وترحاله، حيث ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لم يترك صلاة الوتر في سَفَرٍ ولا في حَضَر.
معنى صلاة الشَّفع والوتر
- الشَّفع: الضم، ومنه الشفع في الصلاة، وهو ضَمُّ ركعةٍ إلى أخرى، والشَّفع: الزَّوج الذي هو ضِدُّ الفَرد، وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للمذنبين لأنها تضمهم إلى الصالحين، والشُّفعَةُ في العقار لأنها ضَمُّ ملك البائع إلى ملك الشفيع، وصلاة الشَّفع ضدُّ صلاة الوتر فالوتر: صلاة فردية، والشَّفع صلاة زوجية من ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو أكثر من ذلك.
- الوتر في الاصطلاح: هي صلاةٌ مَخصوصةٌ في أوقاتٍ مَخصوصةٍ تُختَتَمُ بها صلاة اللّيل؛ سواء كان في أول اللّيل، أو وسطه، أو آخره، وتكون عدد ركعاتها فرديةً، ولذلك سُمِّيَت وِتراً.
عدد ركعات صلاة الشَّفع والوتر
صلاةُ الشَّفع كغيرها من الصَّلوات، ولكنّها تختلف عن باقي الصّلوات بكونها تنتهي بصلاةٍ فرديَّةً؛ فتُصلَّى بركعةٍ واحدةٍ أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعةً، ولهذا السَّبب جرى التَّمييز والتفريق بين الشَّفع والوتر، وقد اختلف العُلماء في عدد ركعاتها على النَّحو الآتي:
إقرأ أيضا:كيف أستيقظ لصلاة الصبح- ذهب الحنفيّة إلى أنَّ عدد ركعات صلاة الوتر ثلاث ركعاتٍ تُصلّى كالمغرب بتسليمةٍ واحدةٍ،[٤] واحتجّوا على ذلك بما رُوِي عن ابن مسعود وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم أنّهم قالوا: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث ركعات)، وبذلك يكون الوتر عندهم لا شفع فيه لكونهم يؤدونه ثلاثاً بتسليمةٍ واحدة.
- ذهب المالكيّة إلى أنَّ أقلّ صلاة الشّفع ركعتان، وتُصلى أربعاً أو ستاً أو أكثر من ذلك، وتُختتم صلاة الشَّفع بركعة وترٍ واحدة، واستدلّوا على ذلك بقوله عليه الصّلاة والسّلام: (صلاة الليل مَثنى مَثنى، فإذا خشي أحدكم الصّبح صلّى ركعةً واحدةً تُوتر له ما قد صلّى)؛ واستدلوا كذلك بحديث عائشة رضي الله عنها أن النّبي عليه الصّلاة والسّلام (كان يُصلّي باللّيل إحدى عشرة ركعةً يُوتر منها بواحدة)، ويُروَى أنّ رجلاً سأل النّبي عليه الصّلاة والسّلام عن صلاة اللّيل فقال بإصبعه: (هكذا مَثنى مَثنى، والوتر ركعةٌ من آخر اللّيل).
- ذهب الشافعيّة إلى أنَّ أقلَّ الوتر واحدةٌ، وأدنى الكمال ثلاث ركعاتٍ فيكون بين التور شفع، ويجوز أن يُوتر بخمسٍ أو بسبعٍ أو بتسعٍ، وأكثرها إحدى عشرة ركعة، وقيل: ثلاث عشرة ركعة، يفصل بين كلِّ ركعتين منهن بسلام، فيكون أدنى الشَّفع في ذلك حسب قولهم ركعتين، ويجوز أن يصليها أربعاً أو ستاً أو ثمانيَ أو عشر ركعات أو اثنتي عشرة ركعة، ودليلهم ما رُوِي عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّه قال: (من شاء أوترَ بسبعٍ ومن شاء أوترَ بخمسٍ، ومن شاء أوترَ بثلاثٍ، ومن شاء أوترَ بواحدةٍ).
- وقال الزهريّ: (هي في رمضان ثلاث ركعات وفي غيره ركعة)، وقال الحسن: (أجمَعَ المُسلمون على أنّ الوِتر ثلاثُ ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ في آخِرِهِنّ؛ لأنّ الوتر من النّوافل، والنّوافل جاءت فرضيتها كتوابعَ للفرائض، فيجب أن يكون لها مثيلٌ منها، والرّكعة الواحدة ليس لها مثيلٌ في الصّلوات المفروضة)، ومَثيلَتُها في الفرائض من حيث الإفراد في عدد الرّكعات صلاة المغرب فتُصلى كالمغرب؛ ثلاث ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدة، وهو بقوله هذا يُوافق الحنفية فينفي صلاة الشَّفع من الوتر ويُثبتها وتراً ثلاثيةً كالمغرب.
- ذهب الحنابلة إلى أنَّ أقلَّ الوتر ركعةٌ، ولا يُكره الإتيان بها مُنفردةً كما يقول الشافعيّة، وأكثرها إحدى عشرة ركعةً، وله أن يُوتر بثلاث، وهو أقلّ الكمال، وبخمس، وبسبع، وبتسع. فإن أوتر بواحدة فلا شفع في صلاته، وإن زاد على ذلك فما زاد على الفرد يُسمى شَفعاً ما دام صُلِّي بتسليمةٍ مُستقلةٍ عن الركعة.
- وتجدر الإشارة إلى أن كلَّ صلاةٍ زوجية تُسمى بهيئتها شفعاً مع احتفاظها بصفتها الأصليّة، كما أنَّ كلَّ صلاةٍ فرديةٍ تُسمى وتراً مع احتفاظها بصفتها الأصلية، فصلاة العصر صلاة شفع، وصلاة الظهر صلاة شفع، وصلاة المغرب صلاةٌ وتر، وهذه التسمية هي للهيئة لا للصِّفة، أما صلاة الشَّفع ذات الصفة فهي الصلاة التي تأتي مرافقةً لسنَّة الوتر وتُصلى بركعاتٍ زوجية كمُقدِّمةٍ للوتر التي تتبعها بركعاتٍ فردية