الجهاد في الإسلام
لمّا جاء الإسلام؛ قام على مجموعة من الأسس والأركان؛ حيث إنّ المسلمين في ذلك الوقت كان عددهم قليل ومستضعفين؛ ممّا جعلهم يتعرّضون لظلم قريش وتعذيبهم؛ الأمر الذي أدّى إلى قتل الكثير ممن أسلم في بداية الإسلام حتى هاجر المسلمون فراراً بدينهم إلى الحبشة، وسعى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى إيجاد مكان أكثر أمناً من مكة -التي أصبحت مكاناً غير مناسب للإقامة فيه- بالنسبة لرسول الله وصحبه في تلك الفترة، حتى استقرّ الأمر ووقع الاختيار على المدينة المنورة التي استعدّ أهلها لاستقبال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المسلمين، فهاجر المسلمون وتركوا أموالهم وأمتعتهم، فنهبها كفار قريش وسلبوها، فما كان من المسلمين حينها إلا أن يسعوا لاسترداد تلك الأموال بالقوة؛ إلّا أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منعهم حتى يأتي أمر الله وإذنه بالسماح لهم بذلك.
حدث أنه وفي طريق عودة إحدى قافلات قريش محملةً بالأموال والممتلكات؛ عرض المسلمون على رسول الله فكرة استرداد أموالهم التي نهبها منهم كفّار قريش عن طريق اعتراض تلك القافلة، حينها جاء أمر الله بالسماح للمسلمين بالقتال والجهاد لأجل استرداد حقوقهم، قال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
إقرأ أيضا:ما هي السنةتعريف الجهاد
الجهاد لغة: من الْجَهْد أو الْجُهْد، وهو بذل الجهد والطاقة، والجهاد والمجاهدة مصدران لقولك جاهد: أي بَذْل الجُهد بالضم، وهو الطاقة وتحمّل الجَهد بالفتح، وهو المشقة في مقابلة العدو والقتال والمقاتلة كذلك. أمّا الجهاد اصطلاحاً: فهو بذل الجهد في قتال الكفار والمشركين ومن في حُكمِهِم؛ ممّن يضمُر الشرّ للمسلمين، وقيل: هو قتال مسلم كافر غير ذي عهد؛ لإعلاء كلمة الله، أو حضوره له، أو دخول أرضه.
حكم الجهاد وضوابطه
الجهاد في سبيل الله فرض كفاية على المسلمين؛ بحيث إذا قامت به جماعة، وأدّت حقّه بأن تردّ أعداء الإسلام إذا ما هاجموا الدولة الإسلامية؛ فإنّه في هذه الحالة يسقط عن الباقين، ويكون الجهاد فرض عين على الأمّة إذا لم تقم به تلك الفئة أو الجماعة، أو احتل شبرٌ من أرض الإسلام؛ فإنّه في هذه الحالة يكون فرض عين على جميع المسلمين، فيجب على كل المسلمين الاستنفار حتى تتحرّر تلك البُقعة، ويجب الجهاد على المسلمين في ثلاث حالات هي:
- إذا حضروا القتال مع جيش المسلمين.
- إذا احتلّ العدو أرضاً إسلامية، أو قَدِم إلى بلاد المسلمين بقصد الغزو.
- إذا دعى إمام المسلمين (القائد) أبناء الأمّة إلى القتال.
شروط الجهاد
يشترط في من أراد الجهاد عدداً من الشروط كما قال الفقهاء منها:
إقرأ أيضا:ما هي كنية الامام مسلم- التكليف: بمعنى أن يكون بالغاً عاقلاً؛ فلا يجب الجهاد على الصبيّ أو المجنون أو المعتوه؛ لأنّهم ليسوا أهلاً للتكليف والعبادة التي هي أولى من الجهاد، فيكون الجهاد من باب أولى أن يكون غير مفروضاً عليهم.
- الحرية: أي أن يكون حرّاً لا عبداً لأحد؛ حيثُ إنّ العبد لا يملك أمرَ نفسه، وبالتالي لم يَجُز له القتال إلا إذا سمح له سيّده بذلك.
- القدرة: أن يمتلك القدرة والقوة على القتال، وتنقسم القدرة إلى ماليّة وجسديّة.
- الذكورية: أن يكون ذكراً، فالنساء لم يُفرَض الجهاد عليهن.
- إذن الوالدين: لا يجاهد المسلم إن لم يسمح له والداه بذلك، فالجهاد يجب أن يكون برضاهما وموافقتهما؛ حيثُ إنّ الوالدين هما أساس وجود الأبناء، وبدون رضاهما لا يجوز الجهاد؛ الذي ربما يؤدي إلى هلاك ابنهما الذي تَعِبا في تربيته.
- إذن ولي الأمر: لا يجاهد المسلم وحده بدون إذن ولي أمره من المسلمين وإمامهم؛ حيث إنّه هو الموكّل بتقدير وقت وظروف الجهاد، وعواقبه، وإنْ أخطأ أو قصَّر؛ فإنه يتحمّل وزر ذلك لا غيره؛ فيجب الالتزام بأمره