فروض وسنن

كم عدد ركعات صلاة الوتر

صلاة الوِتر

صلاة الوتر من الصّلوات التي لا مثيلَ لها بين الصّلوات؛ وذلك لأنّها تُصلّى بعدد ركعاتٍ فرديٍّ، مفصولةٍ بركعةٍ مستقلّةٍ، وقد أقسم الله سُبحانه وتعالى بالوِتر في سورة الفجر، فقال: (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ*وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)،[١] وصلاة الوِتر من أهمّ الصّلوات بعد الفرائض، حتّى إنّ بعض العلماء اعتبروها واجبةً، وقالوا إنّها فرضٌ سادسٌ يُضاف إلى الفرائض الخمس، وقد اتّفق المسلمون على مشروعيّتها، وعلى أنّ تاركها قد استحقّ الإثم والعقوبة من الله عزّ وجلّ، ولكن اختلف العلماء بشأنها في عدّة مسائل، منها: حكمها، وكيفيّتها، وعدد ركعاتها، ووقت أدائها وقضائها.

معنى صلاة الوتر

معنى الوتر لغةً

معنى الوتر في اللّغة: من وَتَرَ، والوتر: الفَرد، وتُلفَظُ وَتْر ووِتر، فيجوز لفظُها بفتح الواو أو كسرها، ويُقال: إِذا استجمرْتَ فأوتِر؛ أي ليكُن عَددُها وتراً، وَقد جاءت تسمية صَلَاة الوتر من هَذَا المُنطلق؛ حيث إنّ عدد ركعاتها إمّا رَكْعَة أَو ثَلَاث ركعاتٍ، فعددها فَرديٌّ، وتأتي بمعنى نَقُصَ، ويُقَال: وَتَرَ الشّيء؛ أَي نقصَه، وَقيل: مَعْنَاهُ أنّه أَصَابَهُ مَا يُصِيب المَوتور، وتأتي بِمَعْنى: الظّلم، فيُقَال: وَتَرَه؛ إِذا ظلمه.[٢]

معنى الوتر اصطلاحاً

يعني الوتر اصطلاحاً: صلاةٌ مَخصوصةٌ في أوقاتٍ مَخصوصةٍ، تُختَتَمُ بها صلاةُ اللّيل؛ سواءً كان أداؤها في بداية اللّيل، أو وسطه، أو حتّى في آخره، وتُؤدّى صلاة الوتر بركعاتٍ فرديّةٍ؛ ولذلك سُمِّيَت وِتراً.[٣]

إقرأ أيضا:اللحية سنة أم فرض

عدد ركعات صلاة الوتر وكيفيّها

تختلف صلاةُ الوتر عن غيرها من الصَّلوات الخمس في عدد ركعاتها وهيئاتها؛ فركعات الفرائض جميعها والنوافل والسُّنَن زوجيّةٌ، باستثناء المغرب والوتر؛ فهما فرديَّتان، وتُصلَّى الوتر بعددٍ فرديٍّ فقط، فإمّا أن تُصلّى ركعةً واحدةً، أو ثلاثَاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعةً، ومن هنا تعدّدت كيفيّات صلاة الوتر عند الفقهاء بناءً على اختلافهم في عدد ركعاتها من ناحيةٍ، وكيفيّة أدائها من ناحيةٍ أُخرى، وقد ورد هذا الخلاف في معظم كتب الفقه، وفيما يأتي بيانٌ لخلافهم وأدلّتهم في المسألتين.

عدد ركعات صلاة الوتر

اختلف فقهاء المذاهب الفقهيّة وعلماء المذهب الواحد في عدد الرّكعات المُجزّء والجائز من صلاة الوتر على عدّة أقوالٍ، وبيانُها على النَّحو الآتي:

  • ذهب علماء الحنفيّة إلى أنَّ عدد ركعات صلاة الوتر ثلاث ركعاتٍ فقط، تُصلّى معاً دون فصلٍ بينها، مثل صلاة المغرب تماماً، وما يُميِّزهما أنّ صلاة الوتر لها تسليمةٌ واحدةٌ وجلوسٌٍ واحدٌ في آخرها فقط،[٤] واستدلّ الحنفيّة على صحّة قولهم بما رُوِي عن ابن مسعود رضي الله عنه، حيث قال: (كانَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يوتِرُ بثلاثِ ركعاتٍ).[٥]
  • يرى المالكيّة أنَّ عدد ركعات صلاة الوتر ركعةٌ واحدةٌ فقط، وأدنى الكمال فيها ثلاث ركعاتٍ، يُفصَل بينهنّ بسلامٍ،[٦] واستدلّوا على ذلك بقوله عليه الصّلاة والسّلام: (صلاةُ اللّيلِ مَثنى مَثنى، فإذا خشي أحدُكم الصّبحَ صلّى ركعةً واحدةً، تُوتر له ما قد صلّى)؛[٧] حيث يدلّ على أنّ الرّكعة تصحّ أن تكون وتراً، وكذلك ما روت عائشة أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام (كانَ يُصلّي باللّيلِ إحدى عشرةَ ركعةً، يُوتِر منها بواحدةٍ)،[٨] كما رُوي أنّ رجلاً سأل النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام عن صلاة اللّيل، فقال بإصبعه: (هكذا مَثنى مَثنى، والوترُ ركعةٌ من آخرِ اللّيلِ).[٩]
  • رجَّح فقهاء الشافعيّة رأي المالكيّة، فذهبوا إلى أنَّ أقلَّ عدد ركعات صلاة الوتر ركعةٌ واحدةٌ، وأدنى الكمال لها ثلاثُ ركعاتٍ، ويجوز أن يُوتَر بخمس ركعات، أو سبعٍ، أو تسعٍ، وأكثر الوتر عندهم إحدى عشرةَ ركعةً، وقيل: ثلاث عشرة ركعةً،[١٠] ودليلهم ما رُوِي عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أنّه قال: (من شاء أوترَ بسبعٍ، ومن شاء أوترَ بخمسٍ، ومن شاء أوترَ بثلاثٍ، ومن شاء أوترَ بواحدةٍ).[١١]
  • ذهب الإمام الزهريّ إلى أنّ الوتر في رمضان ثلاثُ ركعاتٍ، وفي غيره ركعةٌ واحدةٌ فقط، وقد روى الحسن البصريّ رضي الله عنه أنّ المُسلمين قد اتّفقوا وأجمعوا على أنّ صلاة الوِتر ثلاثُ ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ في آخِرِهِنّ؛ لأنّها من النّوافل، وقد جاءت فرضيّة النّوافل على أنّها توابعُ للفرائض، فيجب أن يكون لها ما يماثلها منها، والرّكعة الواحدة ليس لها ما يماثلها في الصّلوات المفروضة،[٤] ومَثيلَتُها بين الفرائض من حيث الإفراد في عدد الرّكعات وكيفيّتها التي اتّفق عليها العلماء هي صلاة المغرب، فتُصلّى كما تُصلّى المغرب؛ ثلاثَ ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ.
  • ذهب الحنابلة إلى أنَّ أقلَّ عدد ركعات صلاة الوتر هو ركعةٌ واحدةٌ، ويجوز أن يُؤتى بها مُنفردةً كما قال الشافعيّة، وأكثر عددها إحدى عشرة ركعةً، وأجازوا أن يُوتَر بثلاث ركعاتٍ، وهو أقلّ الكمال كما قالوا، وجائزٌ أن يوتَر بخمس ركعاتٍ، أو سبعٍ، أو تسعٍ.[١٢]

كيفيّة صلاة الوتر

نتج عن خلاف الفقهاء في عدد ركعات صلاة الوتر اختلافٌ في كيفيّاتها، ممّا أوجد لها عدّة كيفيّاتٍ من الجائز أن تؤدّى بها، وهي:[١٣]

إقرأ أيضا:كيف تصلى صلاة عيد الفطر
  • أن يُصلِّي المُوتر إحدى عشرة ركعةً، يَقصد بأدائهنّ صلاة الوتر لا غيرها، ويفصل بين كلّ ركعتين منها بتشهُّدٍ وتسليمٍ، ثمَّ يأتي بركعةٍ منفردةٍ يختم صلاتَه بها، وقد قال بهذه الصّورة علماء المالكيّة والشافعيّة والحنابلة.
  • أن يأتي بثلاث عشرة ركعةً، يُسلّم بين كلّ ركعتين منها، ثمَّ يوتِر بواحدةٍ منفردةٍ ويُسلِّم، وقال بهذه الصّورة المالكيّة والشافعيّة فقط.
  • أن يُصلِّي ثلاث عشرة ركعةً متتاليةً، يُسلّم فيها بين كلّ ركعتين، حتّى يصل إلى الرّكعة الثّامنة، ثُمّ يُصلّي خمس ركعاتٍ متّصلاتٍ، ويختم بتسليمةٍ واحدةٍ، وقال بهذه الصّورة علماء المالكيّة فقط.
  • أن يأتي بتسع رَكعاتٍ، لا يجلسُ بينها إلا في الثّامنة، فإن أتمَّ الثّامنة تشهَّد وسلَّم، ثمّ يأتي بركعةٍ فرديةٍ ويُسلِّم.
  • أن يأتي بسبع رَكعاتٍ، لا يجلسُ بينها إلّا في آخر ركعةٍ، ثمّ يُسلِّم.
  • أن يُصلّي سبع رَكعاتٍ دون أن يجلسَ بينها، حتّى يصل الرَّكعة السَّادسة، وعندها يتشهَّدُ، ثمّ يقوم لأداء السّابعة، وينهي بها بعد التشهّد.
  • أن يُصلّيها خمس ركعاتٍ متّصلاتٍ، بتشهيدةٍ واحدةٍ فقط في ختامها، وسلامٍ واحد كذلك.
  • أن يُصلّي ثلاث ركعاتٍ، يفصل بينها بسلامٍ بعد ركعتَي الشّفع، ثمَّ يأتي بواحدةٍ يتشهّد فيها ويُسلِّم، وقد اتَّفق جمهور فقهاء المالكيّة والشافعيّة والحنابلة على هذه الكيفيّة، وخالفهم الحنفيّة فيها.
  • أن يُصلّي ثلاث ركعاتٍ متّصلاتٍ، بتسليمةٍ واحدةٍ وتَشَهُّدٍ واحدٍ، مثل المغرب في شكلها مع حذف التشهّد الأوسط، وهذه الصّورة هي الوحيدة عند فقهاء الحنفيّة، وقيل: للموتر أن يُصلّي ثلاث ركعاتٍ بتشهُّدَين وسلامٍ، مثل صلاة المغرب.
  • أن يُصلّي ركعةً واحدةً مُنفردةً، وقد أجاز ذلك الشافعيّ مع الكراهة، وأجازها الحنابلة دون كراهةٍ.
ممّا يجدر ذكره أنّ الفقهاء جميعاً قد اتّفقوا على أنّ أدنى الكمال في صلاة الوتر ثلاثُ ركعاتٍ؛ ويشمل ذلك من أجاز الرّكعة أو من لم يُجِزها، ومن قال بصلاتها ثلاثاً أو بصلاة ركعةٍ منفردةٍ مقرونةٍ بركعاتٍ شفعيّةٍ
السابق
ما هو فضل صلاة الضحى
التالي
كيف نصلي تحية المسجد