خلّص الله الإنسان وشرّع له شريعة الاسلام، وبين فيها الحلال والحرام، وبينهما أمور مشتبهات؛ وذلك لأنّّ الدين الإسلامي ليس خطًا واحدًا إمّا أن تسير عليه أو ستسقط في الجحيم، ولكنّ الإسلام مساحة كبيرة من الحلال وتبعد عنها مساحة الحرام، وبينهما مساحة كلما اقتربت من الحلال أصبحت فيه، وكلّما اقتربت من الجانب الآخر في المشتبهات اقتربت للحرام.
وهذه المشتبهات هي الطريق في خطوات الشيطان، والوقوع في الحرام لا يكون مرةً واحدةً، إنّما يكون خطوة تتبعها خطوة، حيث لا يشعر الإنسان بنفسه ما لم يراجع نفسه مليًا، وبين كل فترة والأخرى يضع نفسه على ميزان الإيمان ويفاضل بين الهوى والنفس والشيطان وبين إيمانه بالله، ليرى أين يسير بالضبط.
قال عز وجل: “يا أيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان، ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر، ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدٍ أبدًا ولكنّ الله يزكي من يشاء، والله سميعٌ عليم”
نلاحظ أنه في الآية الكريمة الخطاب موجه للذين آمنوا، وهذا دليل أنّ الشيطان يعمل على كل طبقات الإيمان، الشيطان يغري ضعيف الإيمان نحو المعاصي ويزينها له، ويمهد الطريق إليها، بينما لا يقوى على فعل ذلك لمن هو قوي الإيمان، فيزين له التفريط في بعض الطاعات، وتعليل ذلك له بالتعب وغيرها.
وقال قتادة: كلُّ معصيةٍ فهي من خطوات الشيطان، وسأل رجل ابن مسعود فقال: إنّي حرمت أن آكل طعامًا وسمّاه، فقال: هذا من نزغات الشيطان، كفّر عن يمينك وكُل.
إقرأ أيضا:يؤذيني ابن آدم يسب الدهر و أنا الدهروإنّ الإمام الجوزي رحمه الله ألّف كتابًا بعنوان تلبيس إبليس، وهو كتاب قيم جدًا يحكي عن طرق إبليس الشريرة في تغليف المعصية بغلاف الطاعة، فيوقع بها من سهى قلبه ولم يراجع نفسه بما يفعل.
فكل الأشياء تتم بشكل تدريجي، هذه سنة في الكون، فالله سبحانه لم يقل (لا تزنوا) بل قال (ولا تقربوا الزنا)، وهذه هي خطوات الشيطان التي تُقرب للفواحش والمنكرات.
فتاة محجبة، لكنّها ذات سُفور، تخرج شيئًا من شعرها وتلبس الضيق وتقول بأنّها محجبة، فهذا هو تلبيس إبليس لها.
ورجل يعمل من الأعمال الصالحة، فيوسوس له الشيطان لماذا لا تكتب اسمك وتوقعيك على الطرود الغذائية؟ ألست تتعب ليل نهار لتؤمنها للمحتاجين؟ هكذا يجعلُ العمل الصالح مبطنًا بمنكر الرياء، وشيئًا فشيئًا حتّى يتحول العمل الصالح إلى عمل تجاري يبغي منه مالًا.
ذاك الشاب كذب ذات مرة، فأراد بعدها أن يتوب ويتراجع، فأخبره الشيطان أنه إن أخبر أحد بكذبته فإنّه سوف يفضح، وليغطي على كذبته بشيء آخر من باب الستر ليس أكثر!! هكذا يوسوس الشيطان، ويستمر الشاب بكذبة تلو الأخرى ويقع في منكراتٍ تحت غطاء كذبه.
إقرأ أيضا:شروط الإمام البخاري في قبول الحديثإذن هي خطوات يجب أن نقعد مع ذواتنا كل فترة جلسة محاسبة لنرى أين وصلنا، فالتراجع عن خطوة أسهل من التراجع عن مئة خطوة، وتصحيح خطأ واحد أسهل من إزالة أو تصحيح جبل من الأخطاء، فاحرص على تقويم ذاتك واحذر من خطوات الشيطان.