ومن الردود التي توضح عجز فكر ودعوى منكري الألوهية وبطلانها:
1- أن الطبيعة حقيقة من حقائق الكون، وليست تفسيرًا له، فالدين يُبين لنا الأسباب والدوافع الحقيقية من خلق هذا الكون، وما اكتشف من اكتشافات علمية في مجال الطبيعة ما هو إلا الهيكل الظاهر للكون.
– فالعلم الحديث تفصيل لما يحدث، وليس بتفسير لهذا الأمر الواقع، ونذكر مثالًا على ذلك:
لقد كان الإنسان القديم يعرف أن السماء تمطر، وكان ينسب ذلك إلى الله سبحانه وتعالى، وأنه جل شأنه هو الذي قدَّر وأذن للسماء بأن تُمطِر، فكل ما يحدث في الكون يكون وفقًا لمشيئته وإرادته سبحانه وتعالى.
ولكننا اليوم نعرف ما ينتج عن عملية تبخر الماء في البحر، حى نزول قطرات على الأرض، وكل هذه المشاهدات صور للواقع.
فهل يعني ذلك: أن العلم قد كشف لنا كيف صارت هذه الوقائع قوانين؟! وكيف قامت هذه القوانين بين الأرض والسماء على هذه الصورة المذهلة حتى أن العلماء يستنبطون منها القوانين العلمية؟!
بالطبع: لا.
فالإنسان لم يكتشف سوى نظام الطبيعة.
وإذا ما ادَّعى الإنسان أن كشفه لنظام الطبيعة يُعَدُّ كشفًا لتفسير هذا الكون، فإن ذلك يكون ما هو إلى خُدْعة لنفسه.
فقد صار حتمًا علينا بعد هذه المشاهدات أن نؤمن بأن من وراء هذا النظام العتيق للكون الواسع الفسيح إله خالق عظيم.([1])
مثال آخر:
إن الكون على حاله ليس إلا كمثل ماكينة تدور تحت غطائها، ولا نعلم عنها إلا أنها تدور، ولكننا إذا فتحنا غطاءها، فسوف نشاهد كيف ترتبط هذه الماكينة بدوائر وتروس كثيرة، يدور بعضها ببعض، ونشاهد حركاتها كلها.
فهل معنى ذلك: أننا قد علمنا خالق هذه الماكينة وصانعها بمجرد مشاهدتنا لما يدور داخلها؟ بالطبع: لا.
فهل يُفهم منطقيًّا أن مشاهدتنا لما يدور بداخل الماكينة أثبتت أن الماكينة جاءت من تلقاء ذاتها؟! وأنها تقوم بدورها ذاتيًّا؟!([2])
بالطبع: لا.
فلا يصدر مثل ذلك القول من عاقل، بل من منكر جاحد.
إذن فكيف نُثبت بعد مشاهدة لبعض عمليات الكون أنه جاء تلقائيًّا، ويتحرك ذاتيًّا؟!
فلو أن هذه الاكتشافات العلمية لهذا الكون زادت مليون ضعف عنها اليوم أو أكثر، فلا يكون مثل ذلك إلا مشاهدة لبعض عمليات الكون، وليس إثباتًا لمجيئه أو تركه تلقائيًّا ذاتيًّا.
بل إن ذلك كله يدفعنا بقوة للإيمان برب هذا الكون وخالقه ومُبدعه على مثل هذا النظام الدقيق، والذي يستحيل أن يكون مجيئه مصادفة، كما يدعي الكاذبون المفترون.
2- أن الكون ليس مُكتفٍ بنفسه أو غني عن أي شيء خارجه؛ لأنه قد ثبت لدينا عقلا ونقلا –من كلام الأنبياء والمرسلين والكتب السماوية- أن للكون خالق عظيم، ذو صفات مُغايرة لصفات المخلوقين.
إقرأ أيضا:أهم مواسم اليهود وأعيادهم
3- ولما أشرنا سابقًا، يكون من المُحال أن تكون المادة أزلية أو تكون قد تجمعت بمحض الصدفة؛ لتأخذ تلك الأشكال التي يتكون منها عالمنا من حياة وعقل.
4- أن الحواس ليست طريقًا إلى معرفة كل ما يحتاج الناس إلى معرفته، فلا تناقض بين الاعتماد على الحس في معرفة ما من شأنه أن يُعرف بها، والاعتماد على العقل في معرفة ما لا يُعرف إلا به، فلا تقابل بين العلم الطبيعي والدين، بل إن الدين يعترف بالمنهج العلمي الطبيعي كوسيلة إلى المعرفة، ولكنه يقول: إنه –العلم الطبيعي- ليس وسيلة إلى كل المعارف.
إقرأ أيضا:الله في النصرانية
فهناك معارف لا تدرك إلا بالرواية، وأخرى لا تُدرك إلا بالاستنتاج العقلي، وأخرى لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الأنبياء والرسل والكتب السماوية.
فالعاقل هو الذي يستفيد من كل هذه الوسائل بحسب نوع المعرفة التي يريدها.([3])
——————-
([1] ) كتاب: الإسلام يتحدى، وحيد الدين خان.
([2] ) موجز من كتاب: الإسلام يتحدى.
([3]) الفيزياء ووجود الخلق، للدكتور/ جعفر شيخ إدريس.