الدعوة إلى الله تعالى
إنّ الدعوة إلى الله تعالى هي أحد أساسيات دين الإسلام، سواءً كانت هذه الدعوة لغير المسلمين أو للمسلمين بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر؛ إذ إنّه لا يجوز على من عرف الله تعالى وعرف حلاوة الإيمان به أن يكتم هذا عن غيره من الناس.
إنّ مفهوم الدعوة إلى الله تعالى هو مفهومٌ شاملٌ لا يوجب على المسلمين جميعهم أن يكونوا علماء بالدين، ولا يطلب منهم أن يتعصّبوا ويقاتلوا من غير حقٍّ لهم أو أن يهاجموا كلّ من يخالفهم برأيهم لفظياً وجسدياً وبغيرها من الطرق التي نراها منتشرةً في مجتمعاتنا الحالية، بل إنّ طرق الدعوة إلى الله تعالى كثيرةٌ كأن يدعو المسلم إلى الله تعالى بأخلاقه وبالنصيحة الطيبة.
لا بدّ أن تكون الدعوة إلى الله تعالى أيضاً بالقول والفعل معاً مع التحلّي بالأخلاق الحسنة في كليهما: فيقول الله تعالى آمراً الرسول صلى الله عليه وسلم وكافة المسلمين:” ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”.
قبل أن يبدأ الإنسان بالدعوة إلى الله تعالى وأن يتتبّع عيوب الآخرين كما يفعل البعض في هذه الأيام بحجة الدعوة إلى الله تعالى عليه أن يبدأ بنفسه؛ إذ إنّه لا يمكن لشخصٍ ضلّ الطريق أن يهدي غيره إليه، ولهذا على كلّ إنسانٍ أن يتحلّى بالخلق الكريم الذي تحلّى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل البشر وأفضل من دعا إلى الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يُبصِرُ أحدُكم القَذَاةَ في عينِ أخِيه، وينْسَى الجِذْعَ في عينِهِ)، ولهذا على كلّ شخصٍ أن يصلح نفسه أوّلاً ويدعو نفسه قبل أن يصلح ويدعو الناس.
إقرأ أيضا:الثقافة العربية الإسلاميةالعلم سلاح الدعوة
نؤكّد بأنّه لا يجب على كلّ من دعا إلى الله تعالى أن يصبح عالماً بالدين، ولكن لا يمكن لشخصٍ يجهل الدين تماماً أن يتمكن من الدعوة إلى الله، ولهذا على من يريد الدعوة إلى الله تعالى أن يتعلم بعض العلم وآداب وأخلاق الدين، وأن يلتزم عند حدود علمه في نصحه ودعوته.
الأمر الأهمّ هو أن يعلم فنّ النصح والكلام وآدابه قبل أن يبدأ بجدال غيره، فإن لم تكن لديه القدرة على الجدال متحلّياً بالأخلاق فبإمكانه أن يعمل بما قاله أحد السلف رحمهم الله:” كونوا دعاةً وأنتم صامتون، قالوا: وكيف ندعو ونحن صامتون؟ قال: ادعوا الناس بأخلاقكم وأقوالكم وأعمالكم قبل أن تدعوهم بتذكيركم”.
هناك العديد من الأشخاص الذين يُكثرون من الجدال أثناء دعوتهم سواءً للمسلمين أو لغيرهم من دون علمٍ يبنى عليه هذا الجدال أو أدبٍ في الحديث؛ بل وفي بعض الأحيان يكون من يُدعى أعلم ممّن يدعوه بأمور الدين، وعلى الرّغم من هذا يستمر بالجدال على الباطل بقصد الدعوة إلى الله تعالى، وفي مثل هذه المواقف فالأفضل أن يلتزم الإنسان الصّمت، وأن يدلّ من يجادله على شخصٍ أعلم منه وأقدر منه على الخوض والدعوة بدلاً من الإفساد بالعصبية والتعصب للرأي.
طرق الدعوة إلى الله تعالى
توجد العديد من الأساليب والطرق المختلفة التي رأينا السلف يدعون إلى الله تعالى من خلالها، ولكنّ أفضلها وأعظمها على الإطلاق هو أن يتحلى الإنسان بالأخلاق الإسلامية التي تحلّى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من قبل، فهي تدفع الناس إلى رؤية جوهر الدين حتى من دون أن يتكلّم الإنسان مطلقاً.
إقرأ أيضا:انت حر ما لم تضرالطريقة الأخرى هي النصيحة والكلمة الطيبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي إحدى الوسائل التي قد يكون لها أثرٌ كبيرٌ جداً إن تمّت بالطريقة الصحيحة وبالتوقيت الصحيح أيضاً، ولكن على كلّ شخصٍ يريد أن يدعو إلى الله تعالى بلسانه أن يتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانَ يؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ)، وأمّا طرق الدعوة الأخرى التي تتضمّن الحوارات والجدال فيفضّل أن تُترك لأهل العلم والاختصاص فهم الأقدر عليها وأن يبتعد العوام عنها لأنّ الإفساد فيها يكون عادةً أكثر من الإصلاح إن لم تُدر بالطريقة الصحيحة.
إقرأ أيضا:صفات الله الواجبة