المنهيات الشرعية

الحقد

الحقد لغة

هو الاسم من قولهم: حقد فلان يحقد، وهو مأخوذ من مادة (ح ق د) التي تدل على الضغن، يقول ابن فارس:

«الحاء والقاف والدال أصلان: أحدهما الضغن، والآخر ألا يوجد ما يطلب، فالأول الحقد، والآخر قولهم:

أحقد القوم إذا طلبوا الذهبة في المعدن فلم يجدوها «1» ، وقال الجوهري: الحقد: الضغن وجمعه أحقاد، يقال: حقد عليه وحقد عليه، وأحقده غيره، ورجل حقود «2» .

وقال ابن منظور: الحقد إمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها، والحقد: الضغن، وهو الحقيدة والجمع حقائد، قال أبو صخر الهذلي:

وعد إلى قوم تجيش صدورهم … بغشي، لا يخفون حمل الحقائد يقال من ذلك: حقد علي يحقد حقدا، وحقد (بالكسر) حقدا وحقدا فيهما «3» ، فالحقد: الفعل (أي المصدر) ، والحقد: الاسم (من ذلك) ، وتحقد كحقد (في المعنى) ، قال جرير:

ولقد جمعن مع البعاد تحقداورجل حقود: كثير الحقد، وأحقده الأمر:

صيره حاقدا، وأحقده غيره (جعله يحقد) «4» .

الحقد اصطلاحا

قال الجرجاني: الحقد: هو طلب الانتقام، وتحقيقه: أن الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقدا «5» .

إقرأ أيضا:عقوق الوالدين

وقيل: هو سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة «6» .

وقال الجاحظ: الحقد: هو إضمار الشر للجاني إذا لم يتمكن من الانتقام منه فأخفى ذلك الاعتقاد إلى وقت إمكان الفرصة «7» .

اقرأ ايضا : ما اسم قاتل ربع العالم

بين الحقد والضغينة

إن تأمل ما ذكره الجوهري وابن فارس وصاحب اللسان يشير بوضوح إلى أن الحقد يتساوى مع الضغينة ويرادفها تماما عند ابن فارس والجوهري،وجزئيا عند ابن منظور لأنه جعلها والضغن سواء في المعنى الثاني للحقد، فما الضغينة إذن؟ أما الجوهري فلم يزد على أن قال: الضغينة هي الحقد «1» ، ثم ذكر مشتقاتها بما لا يخرج عن معنى الحقد أيضا، وكأن اللفظين مترادفان عنده تماما، وذهب ابن فارس إلى أن الضغن أصل صحيح يدل على تغطية الشيء في ميل واعوجاج ولا يدل على خير، ثم قال عقب ذلك: من ذلك الضغن: الحقد … «2» ، ومن ثم يكون الحقد عند ابن فارس أيضا مرادفا للضغن له معناه نفسه، وقال ابن منظور في (ضغن) : الضغن والضغن: الحقد، والضغن: الحقد والعداوة والبغضاء «3» ، ومنه حديث عمر- رضي الله عنه-: «أيما قوم شهدوا على رجل بحد، ولم يكن (ذلك) بحضرة صاحب الحد فإنما شهدوا على ضغن» أي حقد وعداوة، يريد فيما كان بين الله والعباد كالزنا والشرب ونحوهما «4» ، أما قول الله عز وجل: أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم (محمد/ 29) ، فقد جاء في تفسيره أن الضغينة: هي ما يضمر من المكروه، ثم اختلف في تفسيره فقيل: الغش، وقيل: الحسد، وقيل: الحقد «5» ، وقال القرطبي: المعنى: أم حسبوا أن لن يظهر الله عداوتهم وحقدهم لأهل الإسلام «6» ، ونخلص من ذلك إلى أن الضغينة والضغن قديراد بهما الحقد مطلقا، وقد يراد بهما الحقد الذي تصاحبه العداوة ومن ثم فسر الراغب الضغينة بأنها: الحقد الشديد «7» .

إقرأ أيضا:الخداع

الألفاظ المرادفة أو المقاربة للحقد

وردت في اللغة ألفاظ عديدة يقترب معناها من الحقد بمعناه الاصطلاحي، وربما استعملت في نفس معناه منها:

1- الضغينة: إذا فسرت كما سبق بأنها الحقد الشديد أو الحقد المصحوب بالعداوة (الظاهرة) .

2- النقمة: وهي الكراهية التي تصل إلى حد السخط «8» .

3- الغل: وممن استعمل ذلك القرطبي في تفسيره عندما قال: الغل: هو الحقد الكامن في الصدر «9» .

4- الدخن: وممن استعمل الدخن في معنى الحقد أو فسره به ابن حجر في الفتح عندما قال:

الدخن: وهو الحقد «10» .

5- الدخل: قال الفراء: هو الدغل والخديعةوالمكر، وقال أبو عبيدة: هو الغل والغش «1» .

6- الغش (المتعلق بالقلب) «2» .

7- البغضاء «3» .

8- الداغلة: قال في اللسان: هي الحقد المكتتم «4» ، ومثلها الدغل.

حكم الحقد

ذكر ابن حجر الحقد مع كل من الغضب بالباطل والحسد على أنها جميعا من كبائر الباطن، وعلل جمعه لهذه الكبائر الثلاث بقوله: لما كانت هذه الثلاثة بينها تلازم وترتب، إذ الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب كانت بمنزلة خصلة واحدة، وذم كل يستلزم ذم الآخر، لأن ذم الفرع وفرعه يستلزم ذم الأصل وأصله وبالعكس «5» .

إقرأ أيضا:الإصرار على الذنب والعناد

سبب الحقد وعلاجه

قال الغزالي: إن من آذاه شخص بسبب من الأسباب، وخالفه في غرضه بوجه من الوجوه، أبغضه قلبه وغضب عليه، ورسخ في قلبه الحقد عليه، والحقد يقتضي التشفي والانتقام، فإن عجز المبغض (الحقود) أن يتشفى بنفسه أحب أن يتشفى من خصمه الزمان، وقد يحدث الحقد بسبب خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله تعالى «6» .

أما علاج الحقد فيكمن أولا في القضاء على سببه الأصلي وهو الغضب «7» ، فإذا حدث ذلك الغضب ولم تتمكن من قمعه بالحلم وتذكر فضيلة كظم الغيظ ونحوهما، فإن الشعور بالحقد يحتاج إلى مجاهدة النفس والزهد في الدنيا، وعليه أن يحذر نفسه عاقبة الانتقام، وأن يعلم أن قدرة الله عليه أعظم من قدرته، وأنه سبحانه بيده الأمر والنهي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، هذا من ناحية العلم، أما من حيث العمل فإن من أصابه داء الحقد فإن عليه أن يكلف نفسه أن يصنع بالمحقود عليه ضد ما اقتضاه حقده فيبدل الذم مدحا، والتكبر تواضعا، وعليه أن يضع نفسه في مكانه ويتذكر أنه يحب أن يعامل بالرفق والود فيعامله كذلك «8» .

إن العلاج الأنجع لهذا الداء يستلزم أيضا من المحقود عليه إن كان عاديا على غيره أن يقلع عن غيه ويصلح سيرته، وأن يعلم أنه لن يستل الحقد من قلب خصمه إلا إذا عاد عليه بما يطمئنه ويرضيه وعليه أن يصلح من شأنه ويطيب خاطره، وعلى الطرف الآخر أن يلين ويسمح ويتقبل العذر، وبهذا تموت الأحقاد وتحل المحبة والألفة «9» .

الحقد داء دفين يفتك بالأفراد والمجتمعات

قال بعض العلماء: ليس أروح للمرء، ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب، مبرأ من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمة تنساق لأحد رضي بها، وأحس فضل الله فيها، وفقر عباده إليها، وإذا رأى أذى يلحق أحدا من خلق الله رثى له، ورجا الله أن يفرج كربه ويغفر ذنبه، وبذلك يحيا المسلم ناصع الصفحة، راضيا عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى، ذلك أن فساد القلب بالضغائن داء عضال، وما أسرع أن يتسرب الإيمان من القلب المغشوش، كما يتسرب السائل من الإناء المثلوم.

إن الشيطان ربما عجز أن يجعل من الرجل العاقل عابد صنم، ولكنه- وهو الحريص على إغواء الإنسان وإيراده المهالك لن يعجز عن المباعدة بينه وبين ربه، حتى يجهل حقوقه أشد مما يجهلها الوثني المخرف، وهو يحتال لذلك بإيقاد نار العداوة في القلوب، فإذا اشتعلت استمتع الشيطان برؤيتها وهي تحرق حاضر الناس ومستقبلهم، وتلتهم علائقهم وفضائلهم، ذلك أن الشر إذا تمكن من الأفئدة (الحاقدة) تنافر ودها وارتد الناس إلى حال من القسوة والعناد، يقطعون فيها ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض.

إن الحقد هو المصدر الدفين لكثير من الرذائل التي رهب منها الإسلام، فالافتراء على الأبرياء جريمة يدفع إليها الكره الشديد (الحقد) ، وقد عدها الإسلام من أقبح الزور، أما الغيبة فهي متنفس حقد مكظوم، وصدر فقير إلى الرحمة والصفاء، ومن لوازم الحقد سوء الظن وتتبع العورات، واللمز، وتعيير الناس بعاهاتهم، أو خصائصهم البدنية أو النفسية، وقد كره الإسلام ذلك كله كراهية شديدة.

إن جمهور الحاقدين تغلي مراجل الحقد في أنفسهم، لأنهم ينظرون إلى الدنيا فيجدون ما تمنوه لأنفسهم قد فاتهم، وامتلأت به أكف أخرى، وهذه هي الطامة التي لا تدع لهم قرارا، وهم بذلك يكونون خلفاء إبليس- الذي رأى أن الحظوة التي كان يتشهاها قد ذهبت إلى آدم- فآلى ألا يترك أحدا يستمتع بها بعدما حرمها، وهذا الغليان الشيطاني هو الذي يضطرم في نفوس الحاقدين ويفسد قلوبهم، فيصبحون واهني العزم، كليلي اليد، وكان الأجدر بهم أن يتحولوا إلى ربهم يسألونه من فضله، وأن يجتهدوا حتى ينالوا ما ناله غيرهم، إذ خزائنه سبحانه ليست حكرا على أحد، والتطلع إلى فضل الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب هي العمل الوحيد المشروع عند ما يرى أحد فضل الله ينزل بشخص معين، وشتان ما بين الحسد والغبطة أو بين الطموح والحقد «1» .

[للاستزادة: انظر صفات: الحسد- الخبث- الغل- اتباع الهوى- نكران الجميل- الأذى- السخط- الطمع- الغش- الغضب.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الرضا- القناعة- المحبة- الاعتراف بالفضل- الشكر] .

الآيات الواردة في «الحقد» معنى

1- ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام (204) وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (205) «1»

2- كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون (8) «2»

3- يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون (64) «3»

4- ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89) «4»

5- ثم أغرقنا الآخرين (82) (*) وإن من شيعته لإبراهيم (83) إذ جاء ربه بقلب سليم (84) «5» *

6- ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم (28) أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم (29) «6»

7- إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم (36) إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم (37) «7»

8- سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا (11) بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا (12) «8»

اقرأ ايضا :ماهي أخلاق الاسلام 

الأحاديث الواردة في ذم (الحقد)

1-* (عن أبي ثعلبة- رضي الله عنه- قال:

قال النبي؟: «يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه» ) * «1» .

2-* (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله؟: «ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن، فإن الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يشرك بالله شيئا، ولم يكن ساحرا يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه» ) * «2» .

3-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

قام رسول الله؟ من الليل، فصلى فأطال السجود حتى ظننت أنه قبض، فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت إبهامه، فتحرك فرجع، فلما رفع رأسه من السجود، وفرغ من صلاته قال: «يا عائشة،- أو يا حميراء- أظننت أن النبي؟ قد خاس بك «3» » ، قلت: لا والله يا رسول الله، ولكني ظننت أنك قبضت لطول سجودك، فقال:

«أتدرين أي ليلة هذه؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال:

هذه ليلة النصف من شعبان، إن الله عز وجل يطلع على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويؤخر أهل الحقد كما هم» ) * «4» .

4-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله؟ يقول: «النميمة والشتيمة والحمية فى النار» وفي لفظ: «إن النميمة والحقد في النار، لا يجتمعان في قلب مسلم» ) * «5» .

الأحاديث الواردة في ذم (الحقد) معنى

5-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كنا جلوسا مع رسول الله؟ فقال: «يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة» ، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال، فلما كان الغد قال النبي؟ مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالثقال النبي؟ مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول، فلما قام النبي؟ تبعه عبد الله بن عمرو، فقال: إنى لاحيث «1» أبي، فأقسمت أني لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت. قال: نعم.

قال أنس: فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار تقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر حتى لصلاة الفجر «2» . قال عبد الله:

غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث الليالي، وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة، ولكن سمعت رسول الله؟ يقول لك ثلاث مرات: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث المرات، فأردت أن آوي إليك، فأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله؟؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني فقال:

ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك. وفي رواية البزار- سمى الرجل المبهم سعدا- وقال في آخره:

فقال سعد: ما هو إلا ما رأيت يا ابن أخي إلا أني لم أبت ضاغنا على مسلم. أو كلمة نحوها) * «3» .

6-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال:

تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب فيتاب عليه، ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا) * «4» . قال المنذري: الضغائن:

هي الأحقاد.

7-* (عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما- قال: كان الناس يسألون رسول الله؟ عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت:

يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: «نعم» ، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم، وفيه دخن «5» » ، قلت: وما دخنه؟ قال قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر … الحديث» ) * «6» .

8-* (جاء في حديث الدية عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله؟: «عقل شبه العمد مغلظة، مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه، وذلك أن ينزو الشيطان بينالناس فتكون دماء في غير ضغينة ولا حمل سلاح … الحديث» ) * «1» .

9-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله؟: «لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم «2» الصدر) * «3» .

10-* (عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله؟ يقول: «الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه. ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله «4» ، ألا وهي القلب) * «5» .

11-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله؟ يقول: «سيصيب أمتي داء الأمم، فقالوا: يا رسول الله وماداء الأمم؟ قال:

«الأشر «6» والبطر والتكاثر والتناجش في الدنيا والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي» ) * «7» . 12-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله؟: «تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين، ويوم الخميس. فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا. أنظروا هذين حتى يصطلحا. أنظروا هذين حتى يصطلحا» ) * «8» .

13-* (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان النبي؟ يقول: «رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي، رباجعلني لك شكارا، لك ذكارا، لك رهابا، لك مطواعا، لك مخبتا، إليك أواها منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، وسدد لساني، واهد قلبي، واسلل سخيمة صدري «1» » ) * «2» .

وانظر الأحاديث الواردة في ذم صفات: البغض- الحسد- الغل

من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذم (الحقد)

1-* (قال: عثمان- رضي الله عنه- ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله- عز وجل- على صفحات وجهه وفلتات لسانه) * «3» .

2-* (قال زيد بن أسلم- رضي الله عنه-:

دخل على أبي دجانة وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، أما الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليما) * «4» .

3-* (وقال قتادة- رضي الله عنه- في تفسير قوله تعالى: إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم (محمد/ 37) : قد علم الله أن في سؤال الأموال خروج الأضغان) * «5» .

4-* (ذكر الذهبي أن أبا إسحاق (الشيرازي) نزع عمامته- وكانت بعشرين دينارا- وتوضأ في دجلة، فجاء لص فأخذها، وترك عمامة رديئة بدلها، فطلع الشيخ فلبسها، وما شعر حتى سألوه وهو يدرس، فقال: لعل الذي أخذها محتاج «6» ) * «7» .

5-* (قال ابن كثير في قوله تعالى: أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم (محمد/ 29) :

والأضغان جمع ضغن وهو ما في النفوس من الحسد والحقد للإسلام وأهلهوالقائمين بنصره) * «1» .

6-* (قال ابن عقيل: للإيمان روائح ولوائح لا تخفى على اطلاع مكلف وذلك بالتلمح للمتفرس، وقل أن يضمر مضمر شيئا إلا وظهر مع الزمان على فلتات لسانه وصفحات وجهه) * «2» .

7-* (قال الشيخ تقي الدين بن تيمية- رحمه الله- معلقا على الحديث «ألا إن فى الجسد مضغة … » :

أخبر؟ أن صلاح القلب مستلزم لصلاح سائر الجسد، وفساده مستلزم لفساده، فإذا رأى أحد ظاهر الجسد فاسدا غير صالح علم أن القلب ليس بصالح بل فاسد، ويمتنع فساد الظاهر مع صلاح الباطن كما يمتنع صلاح الظاهر مع فساد الباطن، إذ كان صلاح الظاهر وفساده ملازما لصلاح الباطن وفساده) * «3» .

8-* (قال: ابن القيم- رحمه الله تعالى-: من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهواته، إذ القلوب المتعلقة بالشهوات «4» محجوبة عن الله تعالى بقدر تعلقها، القلوب آنية الله في أرضه، فأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها، وإذا غذي القلب بالتذكر وسقي بالتفكر ونقي من الدغل «5» رأى العجائب وألهم الحكمة) * «6» .

9-* (قال الغزالي: اعلم أن الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب فهو (أي الحسد) فرع فرعه، والغضب أصل أصله- أي أصل الحقد-) * «7» .

10-* (قال الشاعر:

بني عمنا إن العداوة شأنها … ضغائن تبقى في نفوس الأقارب)

  • «8» .

11-* (قال عنترة:

لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب … ولا ينال العلا من دأبه الغضب ) * «9» .

12-* (وقال عمرو بن كلثوم:

وإن الضغن بعد الضغن يفشو … عليك ويخرج الداء الدفينا)

  • «10» .

من مضار (الحقد)

(1) الحقد يفضي إلى التنازع والتقاتل واستغراق العمر في غم وحزن.

(2) الحقد مرض عضال من أمراض القلب، يخشى معه أن يتسرب الإيمان من هذا القلب المريض.

(3) الأحقاد نزغ من عمل الشيطان لا يستجيب له إلا من خفت أحلامهم وطاشت عقولهم.

(4) الحقد مصدر للعديد من الرذائل مثل الحسد والافتراء والبهتان والغيبة.

(5) في الحقد دليل على غباء صاحبه ووضاعته لأنه ينظر إلى الأمور نظرة قاصرة لا تجاوز شهواته الخاصة.

(6) الحقد يغضب الرب عز وجل ويؤدي بصاحبه إلى الخسران المبين في الدنيا والآخرة.

(7) الحاقد قلق النفس دائما لا يهدأ له بال طالما رأى نعمة الله يسعد بها سواه.

(8) الحاقد ساقط الهمة، ضعيف النفس، واهن العزم، كليل اليد.

(9) الحاقد رجل مضلل ضائع، مخطيء في تقديره فهو محصور التفكير في الدنيا ومتاعها ويتبع بالغيظ من نال منها حظا أوفر.

(10) الحاقد جاهل بربه وبسننه في هذا الكون، لأن لله حكما قد لا تظهر فى التو واللحظة، وقد يكون ما ظنه الحاقد نعمة فاتته وأدركت غيره مجرد ابتلاء واختبار تجلب على صاحبها من العناء ما لا يطيقه الحاقد الذي يتمناها.

(11) الحقد يظهر عيوب الإنسان ويكشف عن الداء الدفين فيه.

السابق
الضعف
التالي
البطر