تأملات قرأنية

أحكام التجويد كاملة

التّجويد

إنّ التجويد في اللغة يعني: الإتيان بالشّيء الجيّد، وأمّا في الاصطلاح فقد عرّفه العلماء على أنّه: هو علم يعرف به إخراج كلّ حرف من مخرجه، متصفاً بصفاته. وقد وصل إلينا هذا العلم من خلال أئمّة ثقات، وضعوا أصوله، وقاموا باستنباط أحكامه، وذلك من خلال قراءة النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – المأثورة، وصحابته، والتّابعين.

الهدف الرّئيسي من هذا العلم هو حفظ اللسان من الوقوع في اللحن عند قراءة ألفاظ القرآن الكريم، وعند أدائه، ولذلك فإنّ مراعاة قوانين قراءته فرض عيّن على كلّ شخص مكلّف. (1)

أحكام التجويد كاملة

قسّم علماء التجويد هذا العلم إلى عدّة أقسام، كي يسهل على المسلم فهمه، وفي ما يأتي شرح لها على التفصيل.

أحكام الاستعاذة والبسملة

يعدّ حكم الاستعاذة سنّةً مستحبّةً، وهي أمر مطلوب عند قراءة القرآن الكريم، وذلك على الرّغم من أنّها ليست جزءً منه، وقد قال بعضهم إنّ حكمها هو الوجوب، خاصّةً عند البدء بالقراءة، حتّى لو كانت القراءة من بداية السّورة، أو من خلالها (1)، وأمّا الدّليل على ذلك فهو قوله الله سبحانه وتعالى: (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) سورة النحل، 98 .

إقرأ أيضا:تفسير سورة الفلق

ومن السّنة أن يُجهر بالاستعاذة في حالتين، هما: (1)

  • عند قراءة المسلم في الأماكن العامّة، أو الاحتفالات، أو الاجتماعات، ونحوها.
  • عند تعليم المسلم لغيره وتعلمه، وذلك حتّى ينتبه الحاضرون وينصتوا للقراءة من بدياتها.

ويسرّ بالاستعاذة في أربع حالات، هي: (1)

  • عند قراءة المسلم للقرآن قراءةً سريّةً.
  • عند قيام المسلم بأداء الصّلاة.
  • عند قراءة المسلم على الدّور وبالترتيب، حيث تكون القراءة جهريّةً مع الجماعة ولا يكون هو المبتدئ بالقراءة.
  • عندما يكون خالياً، سواءً أكانت القراءة سريّةً أم جهريّةً.

أمّا البسلمة فهي كلمة منحوتة من قول: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وعند حفص تعدّ واجبة القراءة في أوّل كلّ سورة، إلّا في بداية سورة براءة، وأمّا البسلمة في أواسط السّور فإنّ المسلم مخيّر في قراءتها، فهو إن أراد بسمل، وإن أراد اكتفى بالاستعاذة وحدها.

وأمّا في حال وقعت البسملة بين سورتين، فإنّ لذلك أربع أوجه محتملة، وهي: (1)

  • قطع الكلّ: ويعني ذلك قطع آخر السّورة عن البسملة، وقطع البسملة عن بداية السّورة التالية أيضاً، ويعدّ هذا الوجه جائزاً شرعاً.
  • وصل البسملة مع بداية السّورة التّالية: ويعدّ هذا الوجه جائزاً أيضاً.
  • وصل الكلّ: ويعني ذلك وصل البسملة مع السّورة التي قبلها، ومع السّورة التي بعدها أيضاً، ويعدّ هذا الوجه جائزاً أيضاً.
  • وصل آخر السّورة بالبسملة: وذلك مع قطعها عن أوّل السّورة التّالية، ويعدّ هذا الوجه ممتنعاً شرعاً، وذلك لأنّه يوهم المستمع أنّ البسملة تابعة لآخر السّورة السّابقة.

وأمّا في حال ابتداء المسلم بالقراءة، فإنّه يختار ما بين الأوجه الأربعة التي تلي: (1)

إقرأ أيضا:متى نزلت سورة النور
  • قطع الجميع، ويعني ذلك قطع الاستعاذة عن البسملة، ثمّ قطع البسملة عن أوّل السّورة التّالية.
  • قطع الاستعاذة عن البسملة، ثمّ وصل البسملة ببداية السّورة التّالية.
  • وصل الاستعاذة بالبسملة، ثمّ قطع البسملة عن بداية السّورة التّالية.
  • وصل الجميع، ويعني ذلك وصل الاستعاذة بالبسملة، ثمّ وصل البسملة ببداية السّورة التّالية.

أحكام النون الساكنة والتنوين

وتحت هذا تندرج العديد من الأحكام التي تحتاج إلى تفصيل دقيق، نذكر منها على وجه الإجمال لا التفصيل: (2)

  • الإظهار الحلقي: والإظهار لغةً يعني: البيان والوضوح، واصطلاحاً: هو إخراج كلّ حرف من مخرجه من غير غنّة فى الحرف المظهر. وأمّا حروف الإظهار فهى حروف الحلق: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، وعدد حروف الإظهار ستّة أحرف، تمّ جمعها مع بعضها البعض فى أوائل حروف شطر هذا البيت، وهي:

أخى هاك علماً حازه غير خاسر.

وللإظهار عدّة مراتب، هي:

    • أعلى مرتبة ظهوراً: وتكون عند حرفي الهمزة والهاء، وذلك لأنّهما يخرجان من أقصى الحلق.
    • أوسط مرتبة ظهوراً: وتكون عند حرفي العين والحاء، وذلك لأنّهما يخرجان من وسط الحلق.
    • أدنى مرتبة ظهوراً: وتكون عند حرفي الغين والخاء، وذلك لأنّهما يخرجان من أدنى الحلق.

وأمّا الأمثلة على الإظهار فمنها: وَمَنْ أَعْرَضَ، كُلٌّ آمَنَ، الْأَنْهارُ، مِنْ هادٍ، فَرِيقاً هَدى، هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ.

إقرأ أيضا:ما وقر في القلب
  • الإدغام: الإدغام في اللغة هو: إدخال شيء فى شيء، وأمّا اصطلاحاً فهو: إدخال الحرف السّاكن فى الحرف المتحرّك، حيث يصيران حرّفاً واحداً مشدّداً، وحروف الإدغام ستّة، وقد قام صاحب التّحفة بجمعها فى كلمة: يرملون.

وللإدغام قسمان أساسيّان هما:

    • الإدغام بغنّة.
    • الإدغام بغير غنّة.

وحروف الإدغام بغنّة هي أربعة، مجموعة في كلمة ينمو، فإذا جاء حرف من هذه الأحرف بعد النّون السّاكنة أو التّنوين، على شرط أن تكون النّون السّاكنة قد جاءت في نهاية الكلمة الأولى، وحرف الإدغام في بداية الكلمة الثّانية، فيكون الحكم حينها هو الإدغام، أو بعد التّنوين، ولا يكون ذلك إلا من كلمتين أيضاً. وشرط الإدغام عدم اجتماع النّون السّاكنة مع حروف الإدغام فى كلمة واحدة، والأمثلة على الإدغام كثيرة، منها: وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ.

  • الإقلاب: والإقلاب في اللغة يعني: تحويل الشّيء عن وجهته، ويقال: قلب الشّيء: أي حوّل عن وجهته، وأمّا في الاصطلاح: وضع حرف مكان حرف آخر، وهو عبارة عن قلب للنون السّاكنة ونون التنوين ميماً خالصةً لفظاً لا خطاً، قبل حرف الباء مع الغنّة والإخفاء. وللإقلاب حرف واحد وهو حرف الباء، ففي حال جاء حرف الباء بعد النّون السّاكنة، سواءً أكان ذلك من كلمة أو من كلمتين، أو بعد التنوين والذي لا يكون إلا من كلمتين، فإنّه يجب في هذه الحالة إقلاب النّون ميماً. والسّبب في ذلك هو صعوبة الإتيان بالنّون السّاكنة ونون التنوين للإظهار والإدغام، بسبب الثّقل عند النّطق.، وذلك يعود إلى الاختلاف في مخرج كلّ من الباء والنّون السّاكنة.
السابق
ايات حرق الجن
التالي
الا بذكر الله تطمئن القلوب