عقلانيون

الإلحاد و العقلانية.. مكونان لا يمتزجان!

عَرَّف ريتشارد دوكنز الإيمان بأنه (الاعتقاد الأعمى بشيء ليس له دليل). من هذا التعريف من الممكن أن نقول أن الاستنتاج بوجود الله لا يحتاج إلى إيمان (بمفهوم دوكنز)، بل الإلحاد الذي يتطلب الإيمان. فالإلحاد يجعلك تعتقد أن كل شيء يأتي من لا شيء. ولكن على الطرف الآخر.. المنطق يساعدك في أن تعتقد أن كل شيء يأتي من الله سبحانه وتعالى…

(مقتطف من المقال)

محسن حفني

الزيت والماء

هل الاعتقاد في وجود إله والتفكير المنطقي مثل الزيت والماء لا يمتزجان؟!!

كثير من الناس يعتقدون أن الإيمان والمنطق نقيضان، وأن الاعتقاد في وجود إله والتفكير المنطقي مثل الزيت والماء لا يمتزجان.

 إنهم مخطئون، الإلحاد هو أبعد ما يكون عن العقلانية.. بالمنطق يمكن أن تستنتج أن هناك إلهاً. إذا نظرت إلى الكون.. مع حس سليم وبعقل مفتوح، ستجد أنه مليء ببصمات الخالق المبدع، الله عز وجل.

مبدأ السببية.. يصيب الإلحاد في مقتل!

من الممكن أن نبدأ بفرضية توماس ألاكويني، أحد فلاسفة القرن الثالث عشر وأحد علماء اللاهوت.
تبدأ الحجة بملاحظة بسيطة جدًّا هي أن (الأشياء تتحرك).

إقرأ أيضا:معالم الموجة التشكيكية المعاصرة وسماتها (1)

ولكن لا شيء يتحرك من دون سبب. لا بد من وجود شيء يسبب هذه الحركة. وأيًّا كان سبب ذلك، يجب أن يكون هذا الشيء ناجماً عن شيء آخر، وهلمَّ جرا.

ولكن هذه السلسلة السببية لا يمكن أن تعود إلى الوراء إلى الأبد. يجب أن يكون لها بداية. يجب أن يكون هناك مُحرِك غير مُتَحَرِك لتبدأ كل حركة في الكون: الدومينو الأول لبدء سلسلة الانتقال كله، بما أن المادة المجردة لا يمكن أن تحرك نفسها بنفسها.

ميكانيكا الكم

الاعتراضات الحديثة لهذه الحجة هو أن بعض الأشياء المتحركة في ميكانيكا الكم -الاضمحلال الإشعاعي، على سبيل المثال- ليس لها سبب واضح، ولكنها معلقة على الثانية.

ولكن ليس لأن العلماء لا يرون سبباً، فهذا لا يعني أنه ليس هناك سبب. بل يعني فقط أن العلم لم يجده حتى الآن. وربما يوجد يوماً ما. ولكن بعد ذلك سيكون هناك سبب جديد لتوضيح ذلك السبب!

وإذا عجز العلم عن إيجاد السبب الأول.. فهذا ليس معناه ضربة قاضية للعلم. ولكن يعني ببساطة أن السبب الأول يكمن خارج نطاق العلم.

وهناك طريقة أخرى لتفسير هذه الحجة.. هي أن كل شيء له بداية يجب أن يكون له سبب. لا شيء يمكن أن يأتي من لا شيء. فإن لم يكن هناك سببٌ أول، فلا يمكن أن يكون هناك أسباب ثانية أو ثالثة. وبعبارة أخرى: إذا لم يكن هناك خالق، لا يمكن أن يكون هناك كون.

إقرأ أيضا:القرآن الكريم.. حمَّال أوجه لا تجادلوا به!

ولكن، ماذا لو كان الكون قديما بلا حدود، قد يسأل أحد هذا السؤال.. كل العلماء اليوم يتفقون على أن الكون ليس قديماً بلا حدود، وأن الكون بدأ بالانفجار الكبير.

لا شيء يبدأ دون سبب 

إذا كان للكون بداية، يعني أن الكون لم يكن موجوداً. والأشياء التي لم تكن موجودة، يجب أن يكون هناك سبباً لتواجدها.

هناك تأكيد على هذه الحجة من نظرية الانفجار الكبير في علم الكونيات. ونحن نعرف الآن أن كل المواد التي يتكون منها الكون، وجدت قبل نحو 13.7 مليار سنة نتيجة للانفجار الكبير وأن الكون يمر بحالات من التمدد والتبريد منذ ذلك الحين.

 ولا تجد الآن عالماً يشك في تلك النظرية، التي كان البعض يشك بها قديماً قبل أن تثبت علميًّا، مما دعا العلماء الملحدين لأن يقولوا: (نظرية الانفجار العظيم ليست إلا دِيناً متخفياً في هيئة العلم).

الآن إضافة إلى هذه الفرضية، يوجد فرضية أخرى منطقية جدًّا، ألا وهي مبدأ السببية أن لا شيء يبدأ دون سبب كاف. ومن تلك الفرضية يمكنك الحصول على الاستنتاج الآتي، بما أنه يوجد انفجار عظيم، فلا بد من وجود مُفَجِّر لهذا الانفجار.

من هو مُفَجِّر الانفجار العظيم؟

الإلحاد

إقرأ أيضا:بين درب الأنبياء ودروب الوثنيين.. أين الطريق إلى الخلاص؟!

لماذا لا يكون سبب الانفجار العظيم مجرد عالَم آخر أو كَوْن موازٍ؟!!

هل هذا المُفَجِر هو الله؟ لماذا لا يكون مجرد عالَم أو كَوْن آخر موازٍ؟

بالطبع لا يمكن أن يكون كَوْناً أو عالَماً آخر، لأن نظرية النسبية العامة لآينشتاين تقول إن كل الوقت نسبي بالنسبة للمادة، وبما أن المواد كلها بدأت قبل 13.7 مليار سنة، فكل وقت بدأ أيضا قبل 13.7 مليار سنة. لذلك ليس هناك وقت قبل الانفجار الكبير.

وحتى لو كان هناك متسع من الوقت قبل الانفجار الكبير، وحتى إذا كانت هناك أكوان متعددة، سيكون الوضع كالآتي، العديد من الأكوان مع العديد من الانفجارات الكبيرة، كما تقول نظرية الأوتار أن ذلك ممكن حسابيًّا، ولكن تلك الانفجارات المتعددة تحتاج أيضا الى بداية، وليست مجرد بداية بل بداية مطلقة.. بداية مطلقة هو ما يعني عند معظم الناس (الله سبحانه وتعالى).

ومع ذلك، بعض الملحدين يعتقدون أن وجود عدد لانهائي من الأكوان الأخرى أكثر عقلانية من وجود الخالق. ناهيك عن أنه لا يوجد أي دليل علمي على الإطلاق أن أيًّا من هذه الأكوان موجودة، ناهيك عن الآلاف أو التريليونات من تلك الأكوان الوهمية.

و قد عَرَّف ريتشارد دوكنز -وهو من أكبر المنظرين للإلحاد المعاصرين- الإيمان بأنه (الاعتقاد الأعمى بشيء ليس له دليل). من هذا التعريف من الممكن أن نقول أن الاستنتاج بوجود الله لا يحتاج إلى إيمان (بمفهوم دوكنز)، بل الإلحاد الذي يتطلب الإيمان. فالإلحاد يجعلك تعتقد أن كل شيء يأتي من لا شيء. ولكن على الطرف الآخر المنطق يساعدك في أن تعتقد أن كل شيء يأتي من الله سبحانه وتعالى.

السابق
على ساحة الإنترنت.. عصابات الإلحاد تُسيطر!!!
التالي
الإلحاد.. تاريخ ودوافع وأسباب!