أخلاق إسلاميه

إحسان النبي وأصحابه في التعامل مع اليهود والنصارى

خلق الرسول عليه الصّلاة والسّلام مع أهل الذمة

قدّم سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التّعامل مع غير المسلمين من اليهود والنّصارى؛ فعندما أسسّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام الدولة الإسلاميّة في المدينة المنورّة، وامتدّت بقاع الإسلام في كل مكان، أصبح التعامل مع اليهود والنّصارى واجباً على المسلمين، ولكن ضمن إطار وثوابت شرعيّة حددّها الله عز وجل، وامتثل لها الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وهي التعامل معهم بالبر، والقسط، والحزم، ما لم يتم نقضاً للعهود. قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).[١]

إحسان الرسول عليه الصّلاة والسّلام وأصحابه مع اليهود والنّصارى

سوف نقدم بعض الأمثلة التي تبين إحسان وفضل الرسول عليه الصّلاة والسّلام مع اليهود والنصارى.

موافقة ومخالفة الرسول عليه الصّلاة والسّلام لليهود والنصارى

كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام لا يتوانى عن أيّ فرصة لدعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام، وكان لطيفاً، رحيماً أثناء دعوتهم إلى الدين، وفي بداية قدومه عليه الصّلاة والسّلام إلى المدينة كان يوافقهم على عاداتهم ليُؤلّف قلوبهم على الإسلام، ولكنّهم عندما أصرّوا على جحودهم أمر بمخالفتهم.[٢] عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ).[٣]

إقرأ أيضا:كرم عبدالله بن عمر

منح حرية اختيار الدين

قبل الرسول عليه الصّلاة والسّلام أن يعيش اليهود والنصارى مع المسلمين في داخل المدينة،
 وأقرّ لهم حقوقاً تحميهم، وتكفّل بتطبيقها مثل حق الحياة لهم، فلم يقتل 
يهودياً أو نصرانياً بسبب ديانته، وسمح لهم بحريّة اختيار الدين، ولم 
يُجبرهم على اعتناق الإسلام. قيل إنّه أتى رجل من الأنصار، وله أبناء 
تنصّروا قبل بعثة رسول عليه الصّلاة والسّلام، فدعاهم أباهم للإسلام، 
ولكنّهم رفضوا واختصموا إلى الرسول عليه الصّلاة والسّلام، فقال الرجل: (يا
 رسول الله، أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟)،[٤] فأنزل الله سبحانه وتعالى تلك الآية: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).[٥]

عدل الرسول عليه الصّلاة والسّلام ورفع الظلم عن اليهود

كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يُعاملهم بعدل، ويرفع الظّلم عنهم،
 ويدفع الديّة لهم، ولو كان على حساب المسلمين. سرق رجل مسلم أنصاري درعاً 
من جارٍ له مسلم، وخبّأها عند رجل من اليهود، ثم اتّهم صاحب الدّرع اليهودي
 بسرقتها، وكاد الّرسول عليه الصّلاة والسّلام أن يصدّقهم بسبب الدلائل، 
ويعاقب اليهودي، فأنزل الله تعالى هذه الآيات من سورة النساء: (إِنَّا 
أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ 
بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * 
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلَا 
تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا 
يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) إلى قوله تعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)،[٦] ثم قام الرسول عليه الصّلاة والسّلام أمام الملأ، وأعلن براءة اليهودي، وأنّ السّارق مسلم.[٧]

يوجد مثال آخر، وهو أنّه لمّا قُتل الصحابي عبد لله بن سهل من قبل يهود أهل خيبر لم يثبت ذلك عليهم بالبيّنة، فلم يُعاقبهم الرسول عليه السّلام، ودفع الديّة من بيت مال المسلمين.[٢]

إقرأ أيضا:أبناء أدم عليه السلام

معاملة الرسول عليه الصّلاة والسّلام بالخلق والأمانة

كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يعاملهم بالحُسنى، والبر، والعدل، والتقوى، وحسن الخلق، حفظ الأمانة،
 ومن الأمثلة أنّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام استدان بعض الدراهم من 
يهودي ولم يحن وقت دفع الدين بعد، وبينما كان الرسول جالساً مع أصحابه، إذا
 بالرجل دخل على الرسول عليه الصّلاة والسّلام وتجاوز جميع الصحابة، وشدّ 
الرسول عليه الصّلاة والسّلام شداً عنيفاً، وقال له بغلظة: أوفِ ما عليك من
 الدين يا محمد، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وطلب من الرسول عليه 
الصّلاة والسّلام قتله، فقال الرّسول عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب: 
مُرْهُ بحسن الطلب ومرني بحسن الأداء، فردّ اليهودي: والذي بعثك بالحق يا 
محمد ما جئت لأطلب منك ديناً إنما جئت لأختبر أخلاقك، فأنا أعلم أنّ موعد 
الدين لم يحن بعد، فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله. وحسُن 
إسلام ذلك اليهودي
السابق
من هم العشرة المبشرين بالجنة
التالي
أخلاق المسلم