ملخص المقال
-
- أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير، وعمرة بنت عبد الرحمن.. فمن هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ؟
كتب عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد إلى أبي بكر بن محمد بالمدينة: “انظر ما كان من حديث رسول الله، أو سُنَّةٍ ماضية، أو حديث عَمْرَةَ فاكتبه؛ فإني خفت دُروسَ العلم، وذهابَ أهلِه”.
فمن هي عمرة؟
نسب عمرة الأنصارية
هي عَمْرة بنت عبد الرحمن بن سعْد بن زرارة بن عدس، الأنصاريَّة النجاريَّة المدنيَّة، الفقيهة. جدّها من أوائل الصحابة الأنصاريين، شقيق أسعد بن زرارة أحد النقباء المشهورين. أمها سالمة بنت حكيم بن هاشم بن قوالة. وأختها لأمها الصحابية أم هشام بنت حارثة بن النعمان.
ولدت عمرة في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، حوالَي سنة 29هـ، وكانت ممن تربّين في حِجر السيدة عائشة، وتعلمت منها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زواج عمرة الأنصارية
تزوَّجت عبدَ الرحمن بن حارثة بن النعمان، فولدتْ له محمَّدًا الذي صار يُكنّى بأبي الرِّجال، وهو لَقب كان له منه نصيب.
شهادات العلماء في عمرة الأنصارية
كان لمكانة عمرة وقربها من السيدة عائشة رضي الله عنها أثر -بعد فضل الله تعالى- في تكوين ذلك المخزون العلمي الضخم للسُّنة النبوية الشريفة عندها رحمها الله تعالى؛ مما جعل كثيرًا من العلماء والأمراء يثنون عليها.
يقول الإمام الحافظ يحيى بن معين: عمرة بنت عبد الرحمن ثقة حجة.
وشهد الإمام المحدّث سفيان بن عيينة لها بالعلم فقال: أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير، وعَمْرة بنت عبد الرحمن.
وقال الإمام الذهبي: كانت عالمة، فقيهة، حُجّة، كثيرة العلم، وحديثها كثير في دواوين الإسلام.
سأل القاسمُ بن محمد الإمامَ الزهري: أراك تحرص على العلم، أفلا أدلك على وعائه؟ قال: بلى. قال: عليك بعمرة بنت عبد الرحمن؛ فإنها كانت في حِجر عائشة رضي الله عنها! قال الزهري: فأتيتها فوجدتها بحرًا لا ينضب.
عن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي عن أبيه: سمعت علي بن المديني، وذكر عمرة بنت عبد الرحمن، ففخّم من أمرها، وقال: عمرة أحد الثقات العلماء بعائشة، الأثبات عنها.
تلاميذ عمرة الأنصارية
روى عن عَمْرة الأئمة: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه رحمهم الله جميعًا.
وكان من تلاميذها: عروة بن الزبير، والإمام ابن شهاب الزهري، والإمام عمرو بن دينار.
أسباب تميز عمرة الأنصارية
نشأتها العلمية:
ترعرعت عَمْرة عند عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- التي ضمَّتها مع إخوتها وأخواتها إلى حِجْرها بعد وفاة والدهم، فنشأت في بيت التقوى والعلم؛ فلا عجب أن تقتبس من شمائلها، وأن تصبح عالمة المدينة وفقيهتها في عصرها.
ولم تتوقف عمرة في روايتها على السيدة عائشة رضي الله عنها، بل حدّثت عن أمهات المؤمنين والصحابيات، وكانت تأخذ عنهن كل صغيرة وكبيرة في السُّنَّة، منهن: السيدة أم سلمة، والصحابية أم هشام بنت حارثة الأنصارية، وحبيبة بنت سهل، وأم حبيبة، رضي الله عنهن أجمعين.
قوة حفظها:
تعتبر عمرة من المُكْثرات في رواية الحديث؛ لما وهبها الله من حافظة قوية، وأغلب ما روت عمرة من أحاديث كان عن السيدة عائشة.
وممّا أخرجه الإمام البخاري أن يحيى بن سعيد كان يذكر حديث عَمْرة للقاسم بن محمد -وهو أحد الفقهاء السبعة- فيقول له: (أتتك -والله- بالحديث على وجهه).
السؤال للتعلم:
– عن عمرة قالت: سألتُ عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله؟ قالت: كان يركع فيضع يديه على ركبتيه، ويجافي بِعَضُدَيْه.
ذكاؤها:
يقول الإمام ابن إسحاق الفزاري في كتابه (السِّيَر)، وابن سعد في طبقاته: “كانتْ ذكيَّة الفؤاد، لمَّاحة، فوعتْ عن أمِّ المؤمنين كثيرًا من العِلم”.
عمرة الأنصارية وحمل هم الدعوة
نقل الإمام المِزّي وابن كثير في كتابيهما ما نصه: وكتبتْ إليه -أي إلى الحسين- عمرة بنت عبد الرحمن تعظّم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة، وتخبره أنه إنما يُساق إلى مصرعه، وتقول:
“أشهد لَحَدَّثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يُقتل حسين بأرض بابل»؛ فلما قرأ كتابها قال: “فلا بد لي إذن مِن مصرعي”!!
وفاة عمرة الأنصارية
عندما اقتربت وفاتها قالت لأخيها، وكان لهم بستان قرب البقيع: أعطوني موضع قبري في حائط، فإني سمعت عائشة تقول: “كسر عظْم الميت ككسره حيًّا”؛ يعني في الإثم.
توفيت عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية وهي ابنة سبع وسبعين سنة، وقد اختلفوا في وفاتها؛ فقيل توفيت سنة ثمان وتسعين، وقيل توفيت في سنة ست ومائة. رضي الله تعالى عنها وأرضاها.