دور المسجد
تعد المساجد من أهم وسائل نشر الدين الإسلامي مثل:
- (الدعوة): المسجد مركز دعوة، ومنبر توجيه، فكم نوّر من القلوب وعمّر من الأفئدة، وأزال عنها أوضار الجاهلية، وغبش الذنوب والمعاصي وانتزع منها جذور زيغ وضلال، وخرج منها بحول الله وقوته أجيالا مؤمنة نقية تقية، مجاهدة وصامدة، قانتة ومطيعة، عمرت الأرض بالطاعة والخير، فنشرت الإسلام في آفاق واسعة، ونواح كثيرة من المعمورة، فكانت كالقرآن يمشي على الأرض، فينير للخلق مناهج الحق، ويهديهم إلى سبل الرشاد، وسيوفا حادة في رقاب المتجبرين والمتكبرين والنافرين عن الحق، المصرين على العصيان والكفر والطغيان، ورسل هداية تغزو قلوب العباد بالإيمان، وتغرس فيها بذور التقوى والإصلاح، وغراس الطاعة كلها عن عبد الله بن عمر أنه جاءَ رجلٌ فقالَ: (يا رسولَ اللَّهِ، أيُّ البقاعِ خيرٌ؟ قال: لا أدري، فقالَ: أيُّ البقاعِ شَرٌّ؟ قالَ: لا أدري، قال: فأتاهُ جبريلُ فقالَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: يا جبريلُ، أيُّ البقاعِ خيرٌ؟ قالَ : لا أدري، قال : أيُّ البقاعِ شَرٌّ؟ قال: لا أدري، قال : سَل ربَّكَ، فانتفضَ جبريلُ انتفاضَةَ كادَ يُصعَقُ منها نبِيُّ اللَّهِ ما أسألُهُ عن شيءٍ، فقالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لجبريلَ: سألَكَ محمَّدٌ أىُّ البقاعِ خيرٌ؟ فقلتَ لَا أدرى، فأخبرهُ أنَّ خيرَ البقاعِ المساجدُ، وأنَّ شرَّ البقاعِ الأسواقُ)
- (حلقات القرآن): المساجد حلقات تعليم القرآن وتحفيظه وفهم مكنوناته، والغوص وراء خفاياه، واستنباط أحكامه ومعانيه وبيانه، والانتفاع بعبره ومواعظه، حيث تلاه الصحابة وحفظوه أو بعضه، فكانوا -رضي الله عنهم- إذا حفظوا منه عشر آيات لم يتجاوزوهن حتى يعملوا ما بهن، ويطبقوا محتواهن.
حقوق المساجد
يجب علينا تجاه المساجد التي هي بيوت الله تعالى أن نصونها من الأوساخ والقاذورات، كما أن نتعهدها بالحفظ والرعاية، ونميط عنها ألأقذية، وأدناس ولو كانت يسيرة، وأن نبتعد عن الوسائل التي تزيدها أذى، وأيضاً أن نوصد كل باب يجيء منه ما يشي بعدم احترامنا لها ويوحي بالاستخفاف بها وإهمالها. عن أنس بن مالك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما قضى بوله أمر |الفرق بين النبي والرسول|النبي] -صلى الله عليه وسلم- بذنوب من ماء، فأهريق عليه). ومما يستحب استحبابا متأكدا كنس المساجد وتنظيفها، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أمرَنا رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- ببناءِ المساجدِ في الدُّورِ وأن تُنظَّفَ وتطيَّبَ)، والأدناس من الكناسات القليلة، أو القمامات الضئيلة، تكتب في إزالتها أجور،وتعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا كان هذا في أشياء ضئيلة خفيفة، ففي الكبيرة أعظم مثوبة، أوفر أجرا.
إقرأ أيضا:حق الجار على الجارمن المحرمات في المساجد
هناك بعض الأمور محرم فعلها في المساجد منها :
- الشراء والبيع وما في حكمهما في المسجد: المساجد بيوت الله، أنشئت للعبادة والتعليم والذكر فلا يجوز تعاطي أمور الدنيا فيها من بيع وشراء وتساوم، والتكسب بالصنائع قال الله سُبحانه وتعالى: (في بيوتٍ أَذِنَ الله أن تُرفعَ ويُذكَرَ فيها اسمُهُ يُسَبِّحُ له فيها بالغُدُوِّ والآصالِ * رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقامِ الصَّلاة وإيتاء الزَّكاةِ).
- نشدان الضالة ونحوها: من ما هو ممنوع شرعًا في المساجد نشدان الضالة فيها، (مَن سمعَ رجلًا ينشدُ ضالَّةً في المسجدِ، فليقُلْ: لا ردَّها اللَّهُ عليكَ، فإنَّ المساجِدَ لم تُبنَ لِهَذا).
- رفع الصوت بالجدال ونعي الميت: ومن الممنوع شرعًا رفع الصوت داخل المسجد، والجدال فيه، كما يمنع نعي الميت بالمسجد، ويتأكد المنع إذا كان هذا فيه مشغلة للمصلين، ومن يعمل بهذا العمل أخرج المساجد من مهمتها الأساسية.
- منع المرأة من دخول المسجد: (كانتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ، تشهدُ صلاةَ الصُّبْحِ والعِشاءِ في الجمَاعةِ في المسْجِدِ، فقيلَ لَها: لِمَ تَخْرُجِينَ، وقَدْ تعلَمينَ أنَّ عُمَرَ يكْرَهُ ذلِكَ وَيَغارُ؟ قالتْ: وما يَمْنَعُهُ أنْ يَنْهانِي؟ قال: يَمْنَعُهُ قولُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: لا تَمْنَعُوا إِماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ)، فلا يجوز منع النساء من دخول المسجد، ولو كان الأفضل صلاتها في بيتها ولكن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- نهى عن منعهن دخول المسجد[٨].
أفضل المساجد في الإسلام
- (المسجد الحرام): قَال تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)، وَفِي تفسيره ثلاثة وجوه، الأول: العتيق أي القديم، حيث مضى على بناء هذا المسجد أو الكعبة التي فيه زمن طويل، الثاني: من عتق الطائر أي قوي في وكره، حيث بلغ في قوة إلى حيث أن من قصد تخريبه، أهلكه الله لذا سُمي عتيقا الثالث: أن الله أعتقه من كونه ملكا لأحد من الخلق، وللمسجد الحرام قدسية خاصة لوجود قبلة المسلمين فيه، التي رفع قواعدها إبراهيم -عليه السلام-، قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
- (المسجد النبوي): هو المسجد الذي دفن فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وله فضل كبير عند المسلمين، وقيمة دينية كبيرة، فالصلاة في هذا المسجد خير من ألف صلاة تصلى في سواه إلا المسجد الحرام قال -صلى الله عليه وسلم-: (صَلاةٌ في مَسجِدي أَفْضَلُ منْ ألفِ صَلاةٍ فيما سِواهُ منَ المساجِدِ إلَّا المسْجِدَ الحرَامَ وصَلاةٌ في المسجِدِ الحرامِ أَفضلُ من صَلاةٍ في مَسجِدِي هذا بِمِائَةِ صَلاةٍ)، ففي هذا الحديث الشريف بيان لأهمية المسجد النبوي وفضل الصلاة فيه، كما أن فضله كبير لما فيه من أضرحة صحابة الرسول، أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
* (المسجد الأقصى): قد ورد في فضل الأقصى المبارك أحاديث كثيرة،(عن ميمونةَ وليست بميمونةَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قالت يا رسولَ اللهِ أفتِنا عن بيتِ المقدسِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أرضُ المحشرِ والمنشرِ ائْتُوه فصلُّوا فيه فإنَّ الصَّلاةَ فيه كألفِ صلاةٍ قالت أرأيتَ يا رسولَ اللهِ من لم يُطِقْ أن يتحمَّلَ إليه أن يأتيَه قال فإن لم يُطِقْ ذلك فليُهدِ إليه زيتًا يُسرجُ فيه فمن أهدَى إليه كان كمن صلَّى فيه)[١٤] وقال سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِي