تميزت مكة عبر العصور الإسلامية بنشاطها العلمي والثقافي والحضاري، فكان حرمها الشريف المدرسة والجامعة التي تخرج فيها العديد من العلماء والشيوخ الكبار الذين أخذوا علومهم منذ بداية العصر الإسلامي على كبار الصحابة والتابعين، ومع الزمن ظهرت في مكة أسر علمية تبوأت لأجيال مناصب علمية كبيرة أقام رجالها الندوات والحلقات العلمية جيلًا بعد جيل.
ومن هذه الأسر:
– آل النويري التي من أشهر رجالاتها شهاب الدين أحمد ابن عبد الوهاب القرشي التيمي البكري، صاحب كتاب “نهاية الأرب في فنون الأدب”، وهو شاعر وأديب وفاته سنة (733هـ= 1333م)
– وأبو القاسم محمد ابن محمد النويري الفقيه المالكي المعروف، وفاته سنة (757هـ= 1453م)
– وأسرة آل ظهير في العصر الحديث التي من أشهر رجالاتها صاحب ذيل طبقات السبكي أبو السعادات محمد ابن محمد بن ظهير من أهل القرن (التاسع الهجري= الخامس عشر الميلادي)
– والفقيه والأديب المؤرخ محمد جار الله بن ظهير من أهل القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، ومن هذه الأسر أيضًا آل الطبري التي تداول فضلاؤها التدريس منذ القرن السادس الهجري حتى القرن الثالث عشر.
من علمائها أيضًا:
الأديب الشاعر عبد القادر بن محمد الطبري المتوفى سنة (1033هـ= 1624م)، وولده المؤرخ علي ابن عبد القادر الطبري صاحب كتاب “الأرج المسكي والتاريخ المكي” الذي استعرض فيه أحوال مكة وترجم لأهم أمرائها وأعيانها، وفاته سنة (1070هـ= 1660م)، وإلى جانب الحرم الشريف افتتحت في مكة مدارس ومعاهد أسهم في بنائها أغنياء وأمراء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي وإلى جوارها مكتبات غنية بالكتب من مختلف العلوم والفنون، ولم تتوقف حركة التعليم في مكة – خصوصًا التعليم الديني – حتى الوقت الحاضر.
إقرأ أيضا:قصي بن كلاب وسيادته على مكة
حرمة مكة المكرمة وقداستها
لقدسية هذه المدينة المباركة فإن النصوص الشرعية حرمت دخولها على غير المسلمين وحرمت بالوقت ذاته الصيد فيها واقتلاع الشجر والنبات فيما هو داخل في حرمها، وعلى القادم إليها ألا يدخلنها إلا من بعد أن يغتسل ويتطيب ويرتدي ملابس الإحرام باستثناء أهلها ومن في حكمهم.
من هنا كانت مكة محل عناية الخلفاء والسلاطين منذ فجر الإسلام.
وفي الوقت الحاضر توسعت مكة من حيث المساحة في جميع جهاتها، وشقت الأنفاق عبر الجبال لتصل ما بين الأحياء في شعابها العديدة، وجرى تنظيمها وفق مخططات غاية في الدقة، وترتبط أجزاؤها بشبكة من الطرق والشوارع، وأقيمت فيها مقار حكومية ومؤسسات علمية وإدارية مختلفة إلى جانب المدارس والمعاهد والجامعات، وبدا واضحًا تطاول بنيانها وفنادقها بشكل لافت لاستقبال الحجاج والمعتمرين الذين تتزايد أعدادهم عامًا بعد عام، ومن أجل ذلك تم توسعة المسجد الحرام مرات متتالية.
إقرأ أيضا:المسرد التاريخي لمكة