شروط الراقي الشرعي
لا بدّ من الإشارة بدايةً إلى أنّ أفضل طرق العلاج بالرّقية الشرعية هي أن يرقي المسلم نفسه بنفسه، لأنّه هو الأكثر حاجةً إلى الله -تعالى-، وإحساساً بألمه، وهذا يجعله قويّ التوكّل على ربّه، محسناً الظنّ به، صادقاً في اللّجوء إليه، فإن لم يستطع ذلك جاز له أن يطلبها ممّن حوله، كالأمّ أو الأب أو الإخوة.
وإن أراد أن يذهب إلى راقٍ يرقيه فلا بدّ أن يكون ذلك الشخص مستأمناً، ويجب الانتباه إلى توفّر الشروط المطلوبة شرعاً في الراقي قبل العلاج عنده، سواء كان يعرفه أو لا يعرفه، ونذكر أهمّ شروط الراقي الشرعي فيما يأتي:
أن يكون مسلماً عدلاً
يُشترط أن يكون الرّاقي مسلماً، ولا تُقبل رقية الساحر أو غير المسلم، لعموم قول الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)،أمّا عكس ذلك فيجوز، بمعنى أنّ رقية المسلم لغير المسلم جائزة؛ لأنّ الصحابة رقوا سيد قبيلةٍ كافر بسبب عقربٍ لدغه، وأقرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك.
ويُشترط كذلك أن يكون الراقي حسن المعتقد، معروفاً بالصلاح والتقوى، مُحسناً لتلاوة القرآن الكريم وفهم معانيه، ولا يعني ذلك أن يكون محيطاً بفروع الدين وغيره من العلوم، بل يكون سمته حسناً، ومعروفاً باستقامة سلوكه، وعلى الرّاقي أن يقصد في نيّته نفع أخيه المسلم، ولا يجعل كلّ همّه المال والأجرة، حتى يكون ذلك أقرب للانتفاع برقيته.
إقرأ أيضا:الأعراض الجسدية بعد الرقية الشرعيةأن يُراعي شروط الرقية جميعها
يجب على الراقي أن يُراعي شروط الرقية الشرعية جميعها، وهي:
- أن تكون رقيته بالطرق الشرعية
يُقصد بهذا الشرط أن تكون الرقية بالقرآن الكريم، والأدعية المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأدعية السلف الصالح وغيرها من الأدعية الشرعية التي تخلو من الغموض والعبارات الخاطئة والمخالفات الشرعية، ذلك أنّ الأدعية الخالية من المخالفات الشرعية معتبرةٌ في الرقية حتى وإن لم تكن من القرآن والسنة.
- تعليق القلب والتوكّل على الله
يجب على الراقي والمرقي كذلك أنْ يعلم أنّ الرقية الشرعية سببٌ من الأسباب، ولكن ليست هي ذاتها التي تشفي من الأمراض، فيوقن كلٌّ منهما أنّ الشفاء بيد الله -تعالى- وحده، والتوكّل والاعتماد عليه، فهو الذي جعل الرقية سبباً للعلاج بإذنه، وجعل القرآن شفاءً، والدعاء مجاباً، فمهمٌ أنْ يُعلّق الراقي والمرقي قلبيهما بالله الشافي -سبحانه-.
- أن لا يُرافق الرقية أمور غير شرعية
يحرم على الراقي استعمال الطرق المحرّمة في رقيته؛ كالشعوذات، والخزعبلات، والسحر، وغيرها من الطرق غير المشروعة، وسيأتي التفصيل فيها لاحقاً.
- أن تكون الرقية باللغة العربية
يجب أن تكون الرقية بلسانٍ عربيٍّ، ومن إنسانٍ يعرف معنى ما يتكلّم به، إذ قد تحوي الرقية غير العربية على عبارات مُخالفة للشرع دون أن يدري المَرقيّ بذلك.
إقرأ أيضا:اسباب الخوف عند سماع الرقية الشرعيةأن يراعي الضوابط عند رقية المرأة
الأفضل للمرأة أن ترقي نفسها بنفسها كما أوضحنا سابقاً، أو تطلب القراءة عليها من محارمها، فذلك أوْلى من الذهاب إلى راقٍ أجنبيٍّ عنها، لتجنّب أيّ مخالفاتٍ شرعية، ولأنّه أقرب للستر والصيانة لها، فإنْ احتاجت للذهاب إلى راقٍ شرعيٍّ من غير محارمها وجب مراعاة الضوابط الشرعية الآتية من قِبلها ومن قِبل الراقي:
- أن لا يمسّ الراقي شيئاً من بدنها أثناء القراءة.
- أن يكون معها محرمٌ؛ اجتناباً للخلوة المحرّمة.
- أن تلتزم المرأة بضوابط اللباس الشرعية، فتكون ساترةً لبدنها حتى لا يظهر منه شيءٌ أثناء القراءة عليها.
محذورات يجب على الراقي أن يتجنّبها
يجب على الراقي أن يتجنّب الأمور المحرّمة أثناء الرقية، ومنها ما يأتي:
- الشرك والمعصية، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ)، ومثال ذلك: الاستعانة بغير الله -تعالى-، أو دعاء غير الله، والاستغاثة بالأولياء أو الجنّ والشياطين ونحو ذلك من الأمور الشركيّة المحرّمة.
- الابتداع في طريقة الأذكار والأدعية، كطلب الالتزام بقراءة سورةٍ معيَّنةٍ لمدّة أربعين يوماً، أو طلب كتابة أذكار وآيات محدَّدةٍ على ورقٍ معيَّنٍ وبلونٍ خاص، ونحو ذلك من الأمور المتكلّف فيها والتي لا يوجد لها أصلٌ شرعيّ.
- أخذ أجور مبالغ فيها على وامتهان الرقية، وهذا ليس له أصلٌ شرعي.
- الاستعانة بالجنّ وتصديقهم، أو استخدامهم لعلاج المصاب واستخراج السحر، ونحوها من الشعوذات.
- التمتمة والتحدّث بكلماتٍ غريبة أثناء الرقية، أو ضرب المريض لإخراج الجنّ -بحسب زعمهم-، أو استعمال الصعق الكهربائي، وغيرها من الحركات التي لا دليل شرعيّ عليها، والتي تخلو من المنطقيّة.