حرصت الشريعة الإسلاميّة على طهارة الإنسان ظاهرًا وباطنًا؛ فحرّمت من الأفعال والأقوال ما فيه سوءٌ، وأمرت المسلم بأن يكون طاهر اللسان عفيف القول، لا يصدر عنه من الأقوال إلا ما كان حسنًا؛ فحرّمت عليه السبّ واللعن، وجاءت النصوص الشرعيّة ناهيةً له عن ذلك، وفيما يلي بيانٌ لحكم سبّ الدهر.
حكم سب الدهر
إنّ سبّ الدهر محرَّمٌ شرعًا، سواءً عُبِّر عنه بالزمن أو اليوم أو الساعة؛ لما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فإنَّ اللَّهَ هو الدَّهْرُ”، وعنه أيضًا فيما يرويه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن ربّه -عزّ وجلّ- قال: “قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وأنا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهارَ”، وممّا ينبغي التنبّه إليه أنّ الدهر ليس اسمًا من أسماء الله، ونسبة الله تعالى للدهر إلى نفسه إنّما هي نسبةُ خَلقٍ وتدبيرٍ؛ أي أنّه خالق الدهر، ومن منكرات الألفاظ عند بعض الناس أن يسبّ الزمن، أو يلعن الساعة التي حدث فيها شيءٌ يكرهه، فهو بذلك آثم بلعنه وسبِّه، كما أنّ الزمن والساعة من خلق الله؛ فلا ذنب لهما، وبذلك فإنّ سبُّه ولعنه يعود على خالقهما والعياذ بالله؛ فيلزم على من وقع في ذلك أو بدر منه ذلك أن يتوب إلى الله -عزّ وجلّ- ويكثر من الاستغفار، ويعزم على عدم العودة إلى ذلك مرَّةً أخرى.
إقرأ أيضا:ما حكم غض البصر؟اقرأ ايضا : ماحكم سب الله عزوجل
حكم لعن الجمادات أو الحيوانات
وردت أحاديث كثيرةٌ في النهي عن اللعن، واللعن هو الدعاء باللعنة؛ أي الطرد من رحمة الله تعالى، والإكثار من اللعن من الأمور المذمومة، وهو ليس من صفات المؤمنين؛ لما جاء في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ”، وما جاء في حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “إنَّ العبدَ إذا لَعَنَ شيْئًا صَعِدَتْ اللَعنةَ إلى السَّماءِ، فتُغْلَقُ أبوابُ السماءِ دُونَها، ثُم تَهبطُ إلى الأرضِ، فتُغلقُ أبوابُها دُونَها، ثُم تَأخذُ يَمينًا وشِمالًا، فإذا لم تَجِدْ مَساغًا رَجَعَتْ إلى الذي لَعنَ فإنْ كان لِذلِكَ أهْلًا، وإِلَّا رَجَعتْ إلى قائِلِها“، وقد ثبت النهي عن لعن ما لا يستحق اللعن، وإن لم يكن مكلَّفًا أو لا يعقل اللعن كالحيوانات، ودليل ذلك ما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: “أنَّ رجلًا لعنَ الرِّيحَ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ لا تلعنِ الرِّيحَ فإنَّها مأمورةٌ، وإنَّهُ مَن لعنَ شيئًا ليسَ لَه بأهلٍ رجعَتِ اللَّعنةُ علَيهِ“؛ فعموم الحديث يدلّ على تحريم لعن من لا يستحقّ اللعن، سواءً كان إنسانًا أو حيوانًا أو جمادًا؛ فالأولى أن يحفظ المسلم لسانه عن الأذى وينزه نفسه عن السب واللعن.
إقرأ أيضا:ما حكم إفشاء السر؟