حثّ الإسلام على الرفق في كلّ أمرٍ وشيءٍ، ومن وجوه الرفق التي أكّد عليها ونبّه لها: الرفق بالحيوان، وقد وردت أحاديث نبويَّةٌ عديدةٌ تحثّ على الرفق بالحيوان؛ سواءً في استعماله، أو في الإحسان إليه وعدم إيذائه، وفيما يأتي ذكرٌ لجملةٍ من هذه الأحاديث.
أحاديث الرفق بالحيوان
أحاديث في الرفق عند استعمال الحيوان
وردت أحاديث نبويَّةٌ عديدةٌ يحثّ فيها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على الرفق عند استعمال الحيوان؛ ركوبًا وعند الحمل عليها، وحتى عند ذبحها إذا كانت مما يؤكل لحمها، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:
- ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة أمّ المؤمنين أنّها: (رَكِبَتْ عائِشَةُ بَعِيرًا، فَكانَتْ فيه صُعُوبَةٌ، فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ، فقالَ لها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْكِ بالرِّفْقِ، وفي روايةٍ: إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شَيءٍ إلَّا شانَهُ)، ومعنى تردّده؛ أي تجعل البعير يسير ثمّ توقفه بشدَّةٍ، فأمرها النبيّ بأن تترفق به حين توقفه.
- ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إذا سافَرْتُمْ في الخِصْبِ، فأعْطُوا الإبِلَ حَظَّها مِنَ الأرْضِ، وإذا سافَرْتُمْ في السَّنَةِ، فأسْرِعُوا عليها السَّيْرَ، وإذا عَرَّسْتُم باللَّيلِ، فاجْتَنِبُوا الطَّريقَ؛ فإنَّها مَأْوَى الهَوامِّ باللَّيلِ)؛ففي الحديث يأمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بالترفّق بالدواب التي تحمله في السفر من الإبل ويرها، وذلك بأن يعطيها حقّها في الرعي والأكل من العشب إذا سافر الفترة التي تكون الأرض خصبة مملوءةً بالعشب؛ فلا يسرع بالسير بها حتى تأخذ حقّها من الرعي والراحة.
- ما أخرجه مسلم في صحيحه عن شداد بن أوس -رضي الله عنه قال: (ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)، ففي الحديث أمر بصورةٍ من صور الرفق بالحيوانات مأكولة اللحم؛ بأن يحدّ من سيذبحها سكينه؛ حتى لا يتألم الحيوان من إمرار السكين غير المحدودة على رقبته كثيرًا، ومن الرفق أن يُريح الحيوان الذي يريد ذبحه ولا يريه السكين أو أداة الذبح.
أحاديث في الإحسان للحيوان وثوابه
جاءت أحاديث نبويَّةٌ كثيرةٌ على ذكر مظاهر من الإحسان للحيوان، والثواب العظيم الذي رتّبه الله -تعالى- عليه، ومنها:
إقرأ أيضا:حديث عن عدد عظام الإنسان- ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (بَيْنا رَجُلٌ يَمْشِي، فاشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَنَزَلَ بئْرًا، فَشَرِبَ مِنْها، ثُمَّ خَرَجَ فإذا هو بكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ: لقَدْ بَلَغَ هذا مِثْلُ الذي بَلَغَ بي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ قالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ).
- ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا في يَومٍ حارٍّ يُطِيفُ ببِئْرٍ، قدْ أدْلَعَ لِسانَهُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَعَتْ له بمُوقِها فَغُفِرَ لَها)، والموق هو الخفّ الغليظ الذي يلبس في القدم.