المنهيات الشرعية

الزنا

الزنا لغة

مصدر قولهم: زنى يزني زنا وزناء (بالقصر لغة الحجاز وبالمد لغة تميم) ، وهو مأخوذ من مادة (ز ن ى) التي تدل على الوطء المحرم، يقال: هو زان بين الزنا، وخرجت فلانة تزاني وتباغي أي تفجر (وتحل لنفسها ما حرمه الله) وزناه تزنية: نسبه إلى الزنا. والأصل في الزناء الضيق، ومنه الحديث: لا يصلين أحدكم وهو زناء، أي مدافع للبول، ويقال:

من ذلك زنا الموضع يزنو أي ضاق، وهو لغة في يزنأ.

وقال ابن منظور: الزنا يمد ويقصر، فتقول:

زنى الرجل يزني زنى مقصور، وزناء ممدود وكذلك المرأة، ومثله زانى مزاناة وزناء. والزنا: البغاء. يقال:

امرأة تزاني مزاناة وزناء أي تباغي، أما إذا قيل: زناه تزنية فمعناه نسبه إلى الزنى أي قذفه به.

وقال له: يا زان، كما يقال زانى المرأة مزاناة وزناء. قال اللحياني قيل لابنة الخس: ما أزناك؟ قالت: قرب الوساد، وطول السواد. ومعناه: ما حملك على الزنى؟ «1» .

واصطلاحا

قال الراغب: الزنا هو وطء المرأة من غير عقد شرعي «2» .

وقال الجرجاني: الزنا: الوطء في قبل خال عن ملك أو شبهة «3» .

إقرأ أيضا:الأثرة

وقال المناوي: الزنا شرعا هو إيلاج الحشفة (أو قدرها من مقطوعها) بفرج محرم لعينه (وذلك بخلاف المحرم لعارض كالحيض ونحوه) خال عن الشبهة مشتهى «4» .

وقال الكفوي: الزنا اسم لفعل معلوم وإيلاج فرج (ذكر) في محل محرم مشتهى يسمى قبلا، ومعناه قضاء شهوة الفرج بسفح الماء (المني) في محل محرم مشتهى من غير داعية الولد حتى إنه ليسمى الزاني سفاحا «5» .

وقال في نهاية المحتاج: هو إيلاج الذكر بفرج محرم لعينه خال عن الشبهة مشتهى طبعا «6» .

اقرأ ايضا : ماهو عقاب الزنا

خبث الزنا

وأوضح ابن القيم- رحمه الله تعالى- مدىخبث الزنا واللواطة فقال: «وسم الله سبحانه الشرك والزنا واللواطة بالنجاسة والخبث في كتابه دون سائر الذنوب، وإن كانت جميعا تشتمل على ذلك، لكن الله- عز وجل- خص هذه الذنوب لغلظها فقال يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس (التوبة/ 28) وقال في حق اللواطة ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين (الأنبياء/ 74) كما ذكر عن اللوطية أنفسهم أنهم نفوا عن أنفسهم الطهارة فقال أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (الأعراف/ 82) .

وأما الزناة فجاء وصفهم صريحا فقال تعالى الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات. (النور/ 26) والمقصود الآن بيان ما في الزنا واللواطة من نجاسة وخبث أكثر وأغلظ من سائر الذنوب ما دون الشرك، وذلك لأنها تفسد القلب وتضعف توحيده جدا.

إقرأ أيضا:الشح

ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركا، فكلما كان الشرك في العبد أغلب كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر وكلما كان العبد أعظم إخلاصا كان منها أبعد، فليس في الذنوب أفسد للقلب والدين من هاتين الفاحشتين، ولهما خاصية في إبعاد القلب من الله فإذا انصبغ القلب بهما بعد من الله الطيب الذي لا يصعد إليه إلا الطيب» «1» .

وقال الذهبي- رحمه الله-: النظرة بشهوة إلى المرأة والأمرد زنا، ولا أجل ذلك بالغ الصالحون في الإعراض عن المردان «2» وعن النظر إليهم وعن مخالطتهم ومجالستهم. وكان يقال: لا يبيتن رجل مع أمرد في مكان واحد.

وحرم بعض العلماء الخلوة مع الأمرد في بيت أو حانوت أو حمام قياسا على المرأة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» وفي المردان من يفوق النساء بحسنه فالفتنة به أعظم، وأنه يمكن في حقه من الشر ما لا يمكن في حق النساء، ويتسهل في حقه من طريق الريبة والشر ما لا يتسهل في حق المرأة، فهو بالتحريم أولى.

وأقاويل السلف في التنفير منهم والتحذير من رؤيتهم أكثر من أن تحصر وجاء رجل إلى الإمام أحمد- رحمه الله تعالى ومعه صبي حسن، فقال الإمام: ما هذا منك؟ قال: ابن أختي. قال: «لا تجأ به إلينا مرة أخرى، ولا تمش معه في طريق لئلا يظن بك من لا يعرفك ولا يعرفه سوءا» «3» .

إقرأ أيضا:شهادة الزور

وقال الإمام ابن حجر: عد الزنا من الكبائر هو ما أجمعوا عليه واختلف في أيهما أشنع وأقبح، هل القتل أو الزنا؟ والصحيح أن الذي يلي الشرك في الكبائر هو القتل (أي قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق) ثم الزنا، وأفحش أنواعه الزنا بحليلة الجار، والزنا أكبر إثما من اللواط، لأن الشهوة داعية إليه من الجانبين فيكثر وقوعه ويعظم الضرر بكثرته، ولما يترتب عليه من اختلاط الأنساب، وبعض الزنا أغلظ من بعض، فالزنا بحليلة الجار، أو بذات الرحم، أو بأجنبية في شهر رمضان، أو في البلد الحرام، فاحشة مشينة، وأما ما دون الزنا الموجب للحد فإنه منالصغائر إلا إذا انضاف إليه ما يجعله كبيرة كأن يكون مع امرأة الأب أو حليلة الابن أو مع أجنبية على سبيل القهر والإكراه «1» .

مراتب القبح في الزنا

قال ابن حجر: الزنا له مراتب (متفاوتة) فهو بأجنبية لا زوج لها عظيم، وأعظم منه بأجنبية لها زوج، وأعظم منه بمحرم، وزنا الثيب أقبح من البكر بدليل اختلاف حديهما، وزنا الشيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشاب، وزنا الحر والعالم لكمالهما أقبح من زنا العبد والجاهل «2» .

السفاح والمخادنة

لقد نهى الدين الإسلامي الحنيف عن كل أنواع الزنا، سرا كان أو جهرا، وسواء كان احترافا أو مجرد نزوة، من حرة أو من أمة، من مسلمة أو غير مسلمة، كما نهى أيضا عن الخطوات التي تسبقه وتؤدي إليه من نحو المخادنة والمصادقة، وقد سوى في ذلك بين الرجال والنساء، فقال تعالى: غير مسافحين ولا متخذي أخدان (المائدة/ 5) ، وقال عز من قائل: غير مسافحات ولا متخذات أخدان (النساء/ 25) ، وقد عد العلماء كلا الأمرين أي السفاح والمخادنة من الزنا المحرم، يقول النيسابوري: السفاح: هو الزنا على سبيل الإعلان.

والمخادنة: هي اتخاذ خدن (أي خليل أو صديق) على سبيل الإسرار «3» .

وقال الطبري: غير مسافحين: أي غير معالنين بالسفاح (الزنا) بكل فاجرة ولا متخذي أخدان أي ولا منفردين ببغي واحدة، ومعنى خادنها:

اتخذها لنفسه صديقة ليفجر بها، وذات الخدن: أي ذات الخليل الواحد «4» .

وقال القرطبي: غير مسافحات: أي غير معلنات بالزنا، لا أن الجاهلية كان فيهم الزواني في العلانية ولهن رايات منصوبة كراية البيطار، وذوات الأخدان هن اللائي يتخذن أصدقاء على الفاحشة.

وكانت العرب تعيب الإعلان بالزنا ولا تعيب اتخاذ الأخدان، ثم رفع الإسلام جميع ذلك «5» .

وقال ابن كثير في تفسير آية المائدة/ 5: محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان: كما شرط الإحصان في النساء وهي العفة عن الزنا، كذلك شرطها في الرجال، وهو أن يكون الرجل محصنا عفيفا، ولذلك قال: غير مسافحين وهم الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم، ولا متخذي أخدان: أي ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلا معهم «6» .

[للاستزادة: انظر صفات: إطلاق البصر- التبرج- الدياثة- الإغواء- الفجور- الفحش- القذف- اتباع الهوى- الفسوق- الغي والإغواء- الفساد- العصيان- الفتنة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: العفة- تعظيم الحرمات- حفظ الفرج- الشرف- غض البصر- الغيرة] .

الآيات الواردة في النهي عن «الزنا»

1-* وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا (24) ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا (25) وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا (26) إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا (27) وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا (28) ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا (29) إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا (30) ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا (31) ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا (32) «1»

2- سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون (1) الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين (2) الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين (3) والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون (4) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (5) «2»

3- والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما (70) «3»

4- يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم (12) «1»

الآيات الواردة في النهي عن «الزنا» معنى

5-* والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما (24) ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم (25) «2»

6- اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين (5) «3»

الأحاديث الواردة في ذم (الزنا)

1-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تشربوا مسكرا

فمن فعل من ذلك شيئا فأقيم عليه حده فهو كفارة، ومن ستر الله عليه فحسابه على الله- عز وجل- ومن لم يفعل من ذلك شيئا ضمنت له على الله الجنة» ) * «1» .

2-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أنه قال: «إن جارية لعبد الله بن أبي ابن سلول يقال لها: مسيكة، وأخرى يقال لها: أميمة. فكان يكرههما على الزنا. فشكتا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إلى قوله:

غفور رحيم (النور/ 33)) * «2» .

3-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا» ) * «3» .

4-* (عن أبي موسى- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية» ) * «4»

5-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمها «5» مجلودا.

فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال: «هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» قالوا: نعم. فدعا رجلا من علمائهم. فقال:

«أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» قال: لا،. ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك. نجده الرجم. ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه.

وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع. فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه» . فأمر به فرجم.

فأنزل الله عز وجل: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر.. إلى قوله إن أوتيتم هذا فخذوه (المائدة/ 41) يقول: ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم. فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه. وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا. فأنزل الله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (المائدة/ 44) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون (المائدة/ 45) .

ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (المائدة 47) . في الكفار كلها» ) * «6» .

6-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي وكان رجلاشديدا وكان يحمل الأسارى من مكة إلى المدينة قال:

فدعوت رجلا لأحمله وكان بمكة بغي يقال لها: عناق وكانت صديقته «1» خرجت فرأت سوادي في ظل الحائط فقالت: من هذا؟ مرثد، مرحبا وأهلا يا مرثد.

انطلق الليلة فبت عندنا في الرحل، قلت: يا عناق إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الزنا. قالت: يأهل الخيام هذا الدلدل «2» ، هذا الذي يحمل أسراءكم من مكة إلى المدينة، فسلكت الخندمة «3» فطلبني ثمانية فجاءوا حتى قاموا على رأسي فبالوا، فطاربولهم علي وأعماهم الله عني، فجئت إلى صاحبي فحملته، فلما انتهيت به إلى الأراك فككت عنه كبله «4» ، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناق، فسكت عني، فنزلت:

الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فدعاني فقرأها علي وقال: لا تنكحها» ) * «5» .

7-* (عن سلمة بن قيس- رضي الله عنه- قال: إنما هي أربع، فما أنا بأشح مني عليهن يوم سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا لا تشركوا بالله شيئا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا ولا تسرقوا» ) * «6» .

8-* (عن عبادة بن الصامت- رضي الله عنه- وكان شهد بدرا، وهو أحد النقباء ليلة العقبة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- وحوله عصابة من أصحابه-:

«بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله. إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك» ) * «7» .

9-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم. ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل «8» مستكبر» ) * «9» .

10-* (عن أبي ذر- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة يبغضهم الله: فأما الذين يحبهم الله: فرجل أتى قوما فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة بينه وبينهم فمنعوه، فتخلف رجل بأعقابهم فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به نزلوا فوضعوا رؤوسهم،فقام أحدهم يتملقني ويتلو آياتي. ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا وأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له. والثلاثة الذين يبغضهم الله: الشيخ الزاني، والفقير المختال، والغني الظلوم» ) * «1» .

11-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- أنه قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام. فقال: «أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى» ) * «2» . 12-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم … الحديث، وفيه قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا، وتصدقوا. ثم قال: يا أمة محمد. والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته. يا أمة محمد. لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا» ) * «3» .

13-* (عن جابر بن سمرة- رضي الله عنهما- أنه قال: رأيت ما عز بن مالك حين جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رجل قصير أعضل «4» ليس عليه رداء.

فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلعلك» ؟ قال: لا، والله إنه قد زنى الأخر «5» . قال: فرجمه. ثم خطب فقال: «ألا كلما نفرنا غازين في سبيل الله خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس «6» ، يمنح أحدهم الكثبة «7» ، أما والله إن يمكني من أحدهم لأنكلنه عنه» «8» ) * «9» .

14-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال رجل لأتصدقن الليلة بصدقة.

فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية. قال: اللهم لك الحمد على زانية. لأتصدقن بصدقة. فخرج بصدقته فوضعها في يد غني. فأصبحوا يتحدثون: تصدق علىغني. قال:

اللهم لك الحمد على غني؛ لأتصدقن بصدقة. فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق.

فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق. فقال: اللهم لك الحمد على زانية وعلى غني وعلى سارق. فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت. أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله.

ولعل السارق يستعف بها عن سرقته» ) * «1» .

15-* (عن سمرة بن جندب- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مما يكثر أن يقول لأصحابه: «هل رأى أحد منكم من رؤيا؟» قال فيقص عليه ما شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة: «إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، … الحديث وفيه: وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فهم الزناة والزواني. وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فإنه آكل الربا.

وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها «2» ويسعى حولها، فإنه مالك خازن جهنم. وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم: وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة» قال: فقال بعض المسلمين:

يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«وأولاد المشركين. وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر قبيح فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. تجاوز الله عنهم» ) * «3» .

16-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة. فالعينان زناهما النظر.

والأذنان زناهما الاستماع. واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش. والرجل زناها الخطا. والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه» ) * «4» .

17-* (عن أبي هريرة- وزيد بن خالد- رضي الله عنهما- قالا: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال: أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه وكان أفقه منه فقال: اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي. قال: قل: قال: إن ابني هذا كان عسيفا «5» على هذا، فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، ثم سألت رجالا من أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأته الرجم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جل ذكره، المائة شاة والخادم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيسعلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها» فغدا عليها.

فاعترفت. فرجمها) * «1» .

18-* (عن المقداد بن الأسود- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «ما تقولون في الزنا؟» قالوا: حرام حرمه الله- عز وجل- ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره» ) * «2» .

19-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنه قال:

سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا يحدثكم به غيري قال: «من أشراط الساعة أن يظهر الجهل، ويقل العلم، ويظهر الزنا، ويشرب الخمر، ويقل الرجال، وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيمهن رجل واحد» ) * «3» .

20-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة:

عيسى ابن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلا عابدا. فاتخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي فقالت: يا جريج. فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت! فلما كان من الغد، أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت. فلما كان من الغد، أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج.

فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات «4» . فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم. قال:

فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها «5» ، فوقع عليها، فحملت. فلما ولدت، قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي «6» فولدت منك.

فقال: أين الصبي؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتى أصلي فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه، وقال: يا غلام! من أبوك؟ قال: فلان الراعي. قال:

فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به «7» ، وقالوا:

نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا. أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا. وبينا صبي يرضع من أمه، فمر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة «8» فقالت أمه: اللهم! اجعل ابني مثل هذا، فترك الثدي وأقبل إليه فنظر إليه. فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديه فجعل يرتضع، قال: فكأني أنظر إلىرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه بإصبعه السبابة في فمه فجعل يمصها. قال: ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون: زنيت، سرقت، وهي تقول:

حسبي الله ونعم الوكيل، فقالت أمه: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فترك الرضاع ونظر إليها، فقال: اللهم اجعلني مثلها، فهناك تراجعا الحديث. فقالت:

حلقى «1» مر رجل حسن الهيئة فقلت: اللهم اجعل ابني مثله، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله، ومروا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون: زنيت، سرقت، فقلت: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فقلت: اللهم اجعلني مثلها، قال: إن ذاك الرجل كان جبارا، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله، وإن هذه يقولون لها:

زنيت ولم تزن، وسرقت ولم تسرق، فقلت: اللهم اجعلني مثلها» ) * «2» .

«من زنى وشرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه» ) * «3» .

22-* (عن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث- رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال أمتي بخير ما لم يفش «4» فيهم ولد الزنا، فإذا فشا فيهم ولد الزنا فأوشك أن يعمهم الله بعذاب» ) * «5» .

23-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة» ) * «6» .

24-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن» ) * «7» .

25-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر الله عز وجل إلى الأشيمط «8» الزاني، ولا العائل «9» المزهو» ) * «10»

26-* (قال ابن عباس- رضي الله عنهما-:

«ما ظهر الغلول «1» في قوم قط إلا ألقي في قلوبهم الرعب، ولا فشا «2» الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق، ولا حكم قوم بغير الحق إلا فشا فيهم الدم «3» ولا ختر «4» قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو» ) * «5» .

27-* (عن عبد الله بن زيد- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بغايا العرب، يا بغايا العرب، إن أخوف ما أخاف عليكم الزنا والشهوة الخفية» ) * «6» .

28-* (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا شباب قريش احفظوا فروجكم، لا تزنوا، من حفظ فرجه فله الجنة» ) * «7» .

29-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أنه قال: قال رجل: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال:

«أن تدعو لله ندا وهو خلقك» قال: ثم أي؟ قال: «ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك» . قال: ثم أي؟ قال: «ثم أن تزاني حليلة جارك» فأنزل الله عز وجل تصديقها والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (الفرقان/ 68)) * «8» .

الأحاديث الواردة في ذم (الزنا) معنى

30-* (عن وائل بن حجر- رضي الله عنه- أنه قال: إن امرأة خرجت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تريد الصلاة، فتلقاها رجل، فتجللها «9» فقضى حاجته منها، فصاحت، وانطلق، فمر عليها رجل فقالت:

إن ذاك فعل بي كذا وكذا، ومرت عصابة من المهاجرين فقالت: إن ذلك الرجل فعل بي كذا وكذا، فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها، فأتوها به، فقالت: نعم هو هذا، فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أمر به قام صاحبها الذي وقع عليها فقال: يا رسول الله أنا صاحبها، فقال لها: «اذهبي فقد غفر الله لك» وقال للرجل (المأخوذ) قولا حسنا، وقال للرجل الذي وقع عليها: ارجموه، فقال: «لقد تاب توبة لوتابها أهل المدينة لقبل منهم» ) * «1» .

31-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنه قال: قيل يا رسول الله: متى نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: «إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم» قلنا: يا رسول الله، وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال:

«الملك في صغاركم «2» والفاحشة في كباركم «3» ، والعلم في رذالتكم» «4» ) * «5» .

32-* (عن أبي مسعود الأنصاري- رضي الله عنه- أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي «6» ، وحلوان الكاهن «7» ) * «8» .

33-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنه قال: «أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين «9» وشدة المؤونة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر «10» من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم» ) * «11» .

34-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة: «أيما امرأة أدخلت على قوم رجلا ليس منهم فليست من الله في شيء، ولا يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عز وجل منه، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين يوم القيامة» ) * «12» .

35-* (عن بريدة بن الحصيب الأسلمي- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين فيأهله، فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة، فيأخذ من عمله ما شاء. فما ظنكم؟» «1» ) * «2» .

36-* (عن عبادة بن الصامت- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا «3» ، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب «4» ، جلد مائة والرجم» ) * «5» .

37-* (عن بريدة- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقض قوم العهد قط إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت فاحشة في قوم قط إلا سلط الله- عز وجل- عليهم الموت، ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر» ) * «6» .

38-* (عن سعيد بن جبير- رضي الله عنه- قال: سئلت عن المتلاعنين في إمرة مصعب «7» .

أيفرق بينهما؟ قال: فما دريت ما أقول فمضيت إلى منزل ابن عمر بمكة. فقلت للغلام: استأذن لي. قال: إنه قائل «8»

. فسمع صوتي. قال: ابن جبير؟ قلت: نعم. قال: ادخل. فو الله ما جاء بك هذه الساعة إلا حاجة. فدخلت. فإذا هو مفترش برذعة.

متوسد وسادة حشوها ليف. قلت: أبا عبد الرحمن! المتلاعنان، أيفرق بينهما؟ قال: سبحان الله! نعم. إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان.

قال: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة، كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم.

وإن سكت سكت على مثل ذلك. قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه. فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به. فأنزل الله- عز وجل- هؤلاء الآيات في سورة النور: والذين يرمون أزواجهم (النور/ 6- 9) فتلاهن عليه ووعظه وذكره. وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. قال:

لا، والذي بعثك بالحق. ما كذبت عليها. ثم دعاها فوعظها وذكرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة قالت: لا، والذي بعثك بالحق إنه لكاذب. فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنهلمن الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ثم فرق بينهما) * «1» .

39-* (عن أبي مالك الأشعري- رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر «2»

والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة «3»

لهم، يأتيهم- يعني الفقير- لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غدا. فيبيتهم الله «4»

ويضع العلم «5»

ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» ) * «6» .

من الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذم (الزنا)

1-* (قال المسيح- عليه الصلاة والسلام-:

«لا يكون البطالون من الحكماء، ولا يلج الزناة ملكوت السماء» ) * «7» .

2-* (قال عثمان بن عفان- رضي الله عنه- للذين حصروه في الدار بعدما أشرف عليهم وسلم عليهم فلم يردوا عليه: أفي القوم طلحة؟ قال طلحة:

نعم. قال: فإنا لله وإنا إليه راجعون! أسلم على قوم أنت فيهم فلا تردون؟! قال: قد رددت. قال: ما هكذا الرد، أسمعك ولا تسمعني؟!. يا طلحة.

أنشدك الله، أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل دم المسلم إلا واحدة من ثلاث: أن يكفر بعد إيمانه، أو يزني بعد إحصانه، أو يقتل نفسا فيقتل بها» . قال:

اللهم نعم. فكبر عثمان فقال: «والله ما أنكرت الله منذ عرفته، ولا زنيت في جاهلية، ولا إسلام، وقد تركته في الجاهلية تكرما، وفي الإسلام تعففا، وما قتلت نفسا يحل بها قتلي» ) * «8» .

3-* (وقال أيضا- رضي الله عنه- على المنبر: «لا تكلفوا الأمة، غير ذات الصنعة، الكسب.

فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها. ولا تكلفوا الصغير الكسب، فإنه إذا لم يجد سرق، وعفوا إذا أعفكم الله، وعليكم من المطاعم بما طاب منها» ) * «9» .

4-* (قال أبو هريرة- رضي الله عنه:- «من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه» ) * «10» .

5-* (قال عثمان بن أبي صفية: «كان ابن عباس- رضي الله عنهما- يدعو غلمانه غلاما غلاما فيقول: ألا أزوجك؟ ما من عبد يزني إلا نزع الله منه نور الإيمان» ) * «11» .

6-* (قال اللحياني:

أما الزناء فإني لست قاربه … والمال بيني وبين الخمر نصفان ) * «12» .

7-* (قال خويلد بن نوفل الكلابي يعيب على الحارث بن أبي شمر الغساني، وكان إذا أعجبته امرأة من بني قيس اغتصبها:

يا أيها الملك المخوف أما ترى … ليلا وصبحا كيف يختلفان؟ هل تستطيع الشمس أن تأتي بها … ليلا وهل لك بالمليك يدان؟ يا حار إنك ميت ومحاسب … واعلم بأن كما تدين تدان ) * «1» .

8-* (قال المنذري- رحمه الله تعالى-: «صح أن مدمن الخمر إذا مات لقي الله كعابد وثن، ولا شك أن الزنا أشد وأعظم عند الله من شرب الخمر» ) * «2» .

9-* (قال الذهبي- رحمه الله- ورد في الزبور مكتوبا: إن الزناة معلقون بفروجهم في النار يضربون عليها بسياط من حديد، فإذا استغاث من الضرب نادته الزبانية: أين كان هذا الصوت وأنت تضحك وتفرح وتمرح ولا تراقب الله تعالى ولا تستحي منه؟» ) * «3» .

من مضار (الزنا)

(1) الزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة.

(2) في الزنا غضب الرب تبارك وتعالى بانتهاك حرمه وإفساد خلقه.

(3) من أضرار الزنا خبث النفس وإذهاب الحياء ورفع الحشمة.

(4) سواد وجه الزاني وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين.

(5) ظلمة القلب وطمس نوره.

(6) الفقر اللازم لأن الله- عز وجل- مفقر الزناة.

(7) الزنا يذهب حرمة فاعله ويعرضه للحد في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة.

(8) الزنا يسلب الزاني أحسن الأسماء، وهي العفة والبر والأمانة، ويعطيه أضدادها كالفاجر والفاسق والزاني والخائن.

(9) يفارق الزاني وصف «الطيب» الذي يتسم به أهل العفاف، ويتبدل به الخبث الذي يتصف به الزناة، وقد حرم الله الجنة على كل خبيث وجعلها مأوى للطيبين «4» .

(10) من أضرار الزنا على المجتمع اختلاط الأنساب واشتباهها ويؤدي إلى ضيق في الأرزاق وخراب في الديار، وإيقاع الوحشة بين أبناء المجتمع.

(11) يسبب الزنا ظهور أمراض وبلايا لا يعلمها إلا الله عز وجل- ومنها مرض فقد المناعة (الإيدز) الذي شاع في المجتمعات الفاجرة هذه الأيام.

(12) في زنا الزاني جناية على ذريته بجلب العار والخزي لهم من ناحية، وتعريضهم- إلا من رحم الله- لمثل هذه الفعلة الشائنة من ناحية أخرى.

السابق
الغلو
التالي
نقض العهد