معنى الوضوء
الوضوء في اللغة العربيّة لفظ يُطلق على الوضاءة والوضاءةُ بمعنى الحُسنُ والجمالُ والبَهاء، أمّا الوضوء اصطلاحاً فهو بضمّ حرف الواو يُطلَق على تطهُّر وتَنظُّف المُسلم بالماء بأن يغسل أعضاء مُعيّنة ومخصوصة من جسمه، ويمسح على أعضاء أخرى بِنيّة التطهّر من الحدث الأصغر ليكون جاهزاً للصّلاة وجاهزاً لكل ما يُبيحه الوضوء للمسلم من عبادات. جاء في الحديث الذي يرويه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- (لا يقبلُ اللهَ صلاةَ أحدِكم إذا أحدثَ حتى يتوّضأَ).
نواقض الوضوء
نواقض الوضوء هي مُبطلاته بحيث لو حصلت هذه النّواقض يفقد الإنسان وضوءه ولا بدّ له من الوضوء مرّةَ أُخرى إذا حدثت هذه النّواقض، وهي
- خروج شيء من السّبيلين.
- النّوم عند من اعتبر النّوم ناقضاً للوضوء.
- مَسّ النّساء، سواءً باليد أو بتقبيل زوجته كما قال بعض العلماء.
- نزول الدّم الكثير، أو نزول الصّديد، أو القيح، أو القيء كثيراً عند بعض العلماء، وقال آخرون لا ينقض الوضوء.
- زوال العقل من نواقض الوضوء، سواءً كان هذا الزّوال بجنون، أو إغماء، أو سكر، أو بمُخدّر.
- مَسّ القُبُل والدُّبر مُباشرةً بلا حائل.
- غسل الميت.
- ذهب أبو حنيفة إلى أنّ الضّحك ينقض الوضوء، وخالفه في ذلك جمهور العلماء، فقالوا إنّ الضّحك لا ينقض الوضوء.
- الردّة عن الإسلام تُعتَبر ناقضةً للوضوء، بل هي تُحبِط عمل الإنسان كاملاً وتُبطله، ونقض الوضوء من باب أولى.
- من نواقض الوضوء عند الحنابلة أكل لحم الإبل خلافاً للجمهور الذين ذهبوا إلى القول بأنّ أكل لحم الإبل لا يُنقِض الوضوء.
لحم الإبل ونقض الوضوء
اختلف العلماء في كون أكل لحم الإبل من نواقض الوضوء؛ فذهب الحنابلة إلى القول بأنّ أكل لحم الإبل ينقض الوضوء، واستدلوا على ذلك بما رُوِي عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- أنه سُئل : (أأتوضأُ مِن لحومِ الغنمِ؟ قال: إن شئتَ، فتوضأْ، وإن شِئْتَ فلا تتوضأْ، قال: أتوضأُ مِن لحومِ الإبلِ؟ قال: نعم. فتوضأَ مِن لحومِ الإبلِ، قال: أُصلِّي في مَرابِضِ الغَنَمِ؟ قال: نعم. قال: أصلَّي في مَبارِكِ الإبلِ؟ قال: لا). واستند الحنابلة على هذا الحديث باعتبار أكل لحم الإبل ناقضاً من نواقض الوضوء، وقال الحنابلة بأنّ وجوب الوضوء بسبب أكل لحم الإبل مسألة تَعبُديّة، وهي مسألة شرعيّة جاءت بالنصّ، ولذلك فلا مجال لعمل العقل فيها، بل تؤخذ كما جاءت، ولا يتعدّى الحكم عن أكل لحوم الإبل على أنّه ناقض للوضوء إلى شرب حليبها؛ فشُرب حليب الإبل لا ينقض الوضوء، ونقض الوضوء يتعلّق بأكل لحومها فقط وبالنصّ الشرعيّ.
إقرأ أيضا:خطوات الوضوء الصحيحذهب جمهور العلماء إلى القول بعدم اعتبار أكل لحم الإبل ناقضاً من نواقض الوضوء، واتّفقوا، ومعهم الحنابلة أيضاً، بأنّه لا يتوضّأ المُسلم إن أكل ما مسّته النار، وقالوا بأن لحم الإبل طعام كسائر الأطعمة، فلا ينتقض وضوء من أكل لحم الإبل.
شروط الوضوء
للوضوء مجموعة من الشّروط لكي يُعتَبر وضوءاً صحيحاً صالحاً لما بعده من عبادة، وللتّمييز بين الوضوء المُعتَبر شرعاً وبين غيره من استعمال الماء للتنظّف العادي في سائر الاستعمالات المُتعدّدة غير الوضوء على النّحو الآتي:[٦]
- أول شرط من شروط الوضوء الإسلام؛ فلا يُعتَبر وضوءاً وَضوءُ غير المُسلم.
- وثاني الشّروط التّمييز؛ فلا يصحّ الوضوء من فاقد الأهليّة الذي لا يعي، كالمجنون والطفل الصغير الذي لا يعي معنى الوضوء وأهميته، وكذلك لا يعتبر وضوء الكافر وضوءاً.
- والشّرط الثّالث أن يكون الماء طاهراً فلا يُعتَبر الوضوء بما خالطه نجاسةً.
- والشّرط الرّابع عدم وجود المانع الحسيّ الملموس الذي يمنع من وصول الماء لأعضاء الوضوء، بل يُشكّل حائلاً بين الماء والعضو المراد غسله بالوضوء، كزيوت السيّارات والطّلاء، وكذلك المناكير ومواد التّجميل بالنّسبة للنّساء؛ فهذه المواد تُشكّل طبقةً عازلةً بين الجسم والماء وتمنع من وصول الماء للوجه أو اليدين أو سائر أعضاء الوضوء.
- والشّرط الخامس عدم وجود المانع الشرعيّ؛ فلا يُعتَبر الوضوء مع وجود المانع الشرعيّ، كالحيض والنّفاس.
- ومن شروط الوضوء كذلك دخول الوقت، وهو شرط خاصّ بأصحاب الأعذار، فالمرأة المُستحاضَة لا تتوضّأ إلا بعد دخول وقت الصّلاة على سبيل المثال لا الحصر.
فرائض الوضوء
للوضوء ستّة فرائض أو فروض وبيان فرائض الوضوء فيما يأتي:
إقرأ أيضا:كيف كان وضوء النبي صلى الله عليه وسلم- تبدأ فرائض الوضوء وفروضه بالنّية للحديث النبويّ الشّريف الذي يرويه الصحابيّ الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قال: (إنّما الأعمالُ بالنيّاتِ، وإنّما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه).
- غسل جميع الوجه مع كل ما في الوجه من أعضاء؛ من منبت الشّعر في الرّأس إلى أسفل الذّقن، ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن المُقابلة لها.
- غسل اليدين بما في ذلك المرفقين؛ فالفرض وجوب غسلهما معاً.
- مسح الرأس أو مسح جزء من الرّأس؛ بمعنى مسح بعض الرّأس، ويكفي في الفرض مسح جزء من الرأس، ولا يلزم مسح الرّأس كاملاً، وهي مسألة خلافيّة بين العلماء، ولكن الأحوط أن يمسح على كامل رأسه، فهو أقرب للتّقوى.
- غسل الرجلين والكعبين.
- الترتيب، بحيث يقوم المتوضّئ بأعمال الوضوء مُرتّبةً، فلا يُقدّم غسيل الرجلين على سبيل المثال على غسيل الوجه، بل يلتزم بالتّرتيب الوارد؛ فيبدأ بالوجه، ثم اليدين مع المرفقين، ثم مسح الرّأس، ثم غسل الرجلين مع الكعبين.
- والمستند الشرعيّ في مشروعيّة الوضوء وما يدلّ على فروض الوضوء وأركانه وواجباته قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).