القرآن الكريم
قراءة القرآن الكريم أمر مهم لكل مسلم، ويعتبر ترك قراءته بشكل كامل صورة من صور هجر القرآن التي ذمّها الله تعالى في كتابه العزيز، وذلك عند قوله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا).
ومعنى الآية وإن نزلت لتصف الكفّار ممن رفضوا رسالات الله تعالى من خلال رسله الكرام، إلا أنها تدلّ أيضاً على أنّ هجر قراءة القرآن الكريم هو أحد أعمال الكفّار، فمن هجره فكفر به، ولم يحاول أن يتلوه ويتفكّر به، ولم يعمل به، فهو كافر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من هجر القرآن فهو من أعداء الرسول).
قراءة القرآن الكريم دون وضوء
إذا قرأ المسلم القرآن وكان على الحدث الأصغر وليس الأكبر بشرط عدم لمس المصحف فذلك جائز، خاصّةً لغايات التعلّم والتدبّر، فتجوز قراءة القرآن الكريم بإجماع العلماء، إلا أنّ الأفضل أن يكون على طهارة، قال النووي: (أجمع المسلمون على جواز قراءة القرآن للمحدث، والأفضل أن يتطهر لها)، أما عن لمس المصحف فلا يجوز إلا بطهارة بإجماع الأئمة الأربعة، أما كل من الأئمة الحاكم، وحماد، وداود الظاهري فذهبوا إلى جواز الأمر[٣] استناداً إلى قوله تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ).
إقرأ أيضا:كيف كان وضوء النبي صلى الله عليه وسلمأمّا إذا كان على الحدث الأكبر وكان الرجل على جنابة فلا يجوز له قراءة القرآن سواء بمسّه أو دون ذلك، ولا يتمّ له الإمر إلا حين يغتسل من الجنابة، والدليل على ذلك الحديث الشريف الوارد عن الرّسول عليه السّلام: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يحجزُه شيءٌ عن القرآنِ إلا الجنابةُ، وفي روايةٍ إنه لمَّا خرجَ من قضاءِ الحاجةِ قرأ بعضَ القرآنِ، وقال: هذا لمن ليس جنبًا، أما الجنبُ فلا ولا آيةً).
أما ما قيل عن الحائض والنفساء فقد انقسم العلماء إلى قسمي: أحدهم يقول بعدم جواز قراءتهما للقرآن لأنه حدث أكبر، والقسم الآخر قال بجوازه؛ لأن فترة الحيض والنفاس غير دائمة، ولا يُصنّفا من الحدث الأكبر.
فضل قراءة القرآن الكريم
حرص الدين الإسلامي على تشجيع المسلمين لقراءة القرآن الكريم، وذلك لأسباب عديدة ينالها العبد، ومن أهمّ هذه الأمور ما يأتي:
- تنزل السكينة على المسلم عند قراءة القرآن، وتحفّه بالملائكة، وإذا تدارسه مجموعة من المسلمين معاً يكون الأجر مضاعفاً، وذلك استناداً إلى الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (ما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلونَ كتابَ اللَّهِ ويتدارسونَهُ فيما بينَهم، إلَّا نزلَت عليهِم السَّكينةُ، وغشِيَتهُمُ الرَّحمةُ، وحفَّتهُمُ الملائكَةُ، وذكرَهُمُ اللَّهُ فيمَن عندَهُ)، وقد حثّ الرّسول عليه السّلام صحابته في المداومة على قراء القرآن الكريم لفضله الكبير، وهو كما ورد في الحديث الثّابت عنه عليه السّلام: (قال النبي صلى الله عليه وسلم لأُبَيّ: إن اللهَ أمرني أن أقرأَ عليكَ القرآنَ. قال أُبيّ: آلله سمّانِي لكَ؟ قال: الله سمّاكَ لِي. فجعل أُبَيّ يبكِي. قال قتادة: فأُنبئتُ أنه قرأَ عليه: لَمْ يَكُنِ الّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ).
- لقارئ القرآن الكريم حسنات مضاعفة، فيحصد المسلم الكثير من الخير بالقراءة وحدها، وهو أمر ورد في الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقول ألم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حَرفٌ، وميمٌ حَرفٌ).
- قارئ القرآن الكريم يرتقي لمرتبة يكون فيها من أهل الله تعالى، فقد قال الرّسول عليه السّلام في الحديث الشريف: (إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ. قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، من هُم؟ قالَ: هم أَهْلُ القرآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ).
- القرآن الكريم يشفع لقارئه يوم القيامة، كما أنّ لبعض السّور فيه خاصّية مميّزة وفضل يعود على المسلم، فقد ثبت الأمر هذا في الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام حين قال: (اقْرَؤوا القرآنَ، فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه. اقرَؤوا الزَّهرَاوَين: البقرةَ وسورةَ آلِ عمرانَ، فإنهما تأتِيان يومَ القيامةِ كأنهما غَمامتانِ، أو كأنهما غَيايتانِ، أو كأنهما فِرْقانِ من طيرٍ صوافَّ، تُحاجّان عن أصحابهما. اقرَؤوا سورةَ البقرةِ، فإنَّ أَخْذَها بركةٌ، وتركَها حسرةٌ، ولا يستطيعُها البَطَلَةُ. قال معاويةُ: بلغني أنَّ البطلَةَ السحرةُ. وفي رواية: مثله. غير أنه قال: وكأنهما في كلَيهما، ولم يذكر قول معاويةَ: بلغني).
- قراءة القرآن الكريم طريق لينال المسلم فيها الدرجات العليا في الجنة، قال الرّسول عليه السّلام في الحديث الشريف: (يُقالُ لصاحبِ القُرآنِ يومَ القيامةِ: اقرَأْ، [وارْقَ]، ورتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في دارِ الدُّنيا، فإنَّ منزلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ كُنْتَ تقرَؤُها).
قراءة القرآن الكريم في الكتاب والسّنة
- (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
- (قلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ).
- (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا).
- (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ).[١٧]
- (خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه. قال: وأقرَأَ أبو عبدِ الرحمنِ في إمرةِ عُثمانَ حتى كان الحَجَّاجُ، قال: وذاكَ الذي أقعَدني مَقعَدي هذا).
- (الماهرُ بالقرآن مع السفرةِ الكرامِ البرَرَةِ. والذي يقرأ القرآنَ ويتَتَعْتَعُ فيه، وهو عليه شاقٌّ، له أجرانِ. وفي روايةٍ: والذي يقرأُ وهو يشتدُّ عليه له أجرانِ).
- (إنَّ مِمَّا يَلحقُ المؤمِنَ مِن عملِه وحسناتِه بعد مَوتِه: علمًا علَّمَه ونشرَه، وولدًا صالحًا تركَهُ، ومُصحفًا ورَّثه، أو مسجِدًا بناه، أو بيتًا لابنِ السَّبيلِ بناهُ، أو نهرًا أَجراه، أو صدقةً أخرجَها مِن مالِه في صِحَّتِه وحياتِه يلحقُه مِن بعدِ موتِه).