بعث الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرّسل إلى النّاس مبشّرين ومنذرين، وقد جعلهم الله سبحانه حجّةً على النّاس حتّى لا يقولوا ما أتانا من نذير، كما أنزل على عددٍ منهم الأحكام والقواعد التي تُنظّم حياة البشر وعلاقتهم مع خالقهم، وقد سمّيت تلك الأحكام والنّظم بالشّرائع السّماويّة، فالتّوارة التي أنزلت على سيّدنا موسى عليه السّلام اشتملت على الشّريعة، كما اشتمل عليها كتاب الله الإنجيل الذي نزل على سيّدنا عيسى عليه السّلام.
ختم الله سبحانه وتعالى شرائعه بشريعةٍ خالدة هيمنت على ما سبقها من الشّرائع وهي الشّريعة الإسلاميّة التي أنزلت على سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام، فما هو معنى الشّريعة الإسلاميّة؟ وما هي مصادرها؟ وما هي أبرز الخصائص التي تميّزت بها؟
تعريف الشّريعة الإسلاميّة
تعرّف الشّريعة الإسلاميّة بأنّها مجموعة الأحكام والقواعد والنّظم التي كان من بين أبرز مصادرها القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة الشّريفة، وتشكّل تلك الأحكام والنّظم منهج حكم للمسلمين ومرجعًا لهم في تسيير أمور حياتهم، وتشتمل كذلك على بيان العبادات والمعاملات للنّاس وفق منهج الله تعالى وحكمه.
ورد لفظ الشّريعة في قوله تعالى (ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها)، والمعنى في الآية الكريمة يفيد الطّريق المستقيم الواضح، وتأتي كلمة الشّريعة كذلك بمعنى المورد الذي ترده الأبل فيقال شرعت الإبل أي جعل لها مورداً للماء ترده، فالشّريعة هنا تأتي بمعنى المنهل والمورد الذي ينهل منه الإنسان كلّ ما يصلح له حياته ويسترشد به طريقه.
إقرأ أيضا:موضوع عن حقوق المساجد في الإسلامخصائص الشّريعة الإسلاميّة
كانت للشّريعة الإسلاميّة عددٌ من الخصائص التي ميّزتها عن غيرها من الشّرائع، ونذكر منها:
- أنّها شريعة كاملة شاملة لجميع جوانب حياة الإنسان، فقد ترك النّبي عليه الصّلاة والسّلام الأمّة بعد أن أكمل الدّين وبلّغ الرّسالة كاملةً غير منقوصة، وبالتّالي فإنّ شريعة الإسلام لم تغفل جانبًا من جوانب حياة الإنسان إلاّ وتطرّقت إليه سواء كان ذلك من ناحية الاعتقاد حينما أكّدت على التّوحيد وما يتعلّق به، أو من الجانب الفقهي والعملي حينما فصّلت في مسألة العبادات والمعاملات، أو من جانب الأخلاق والسّلوك حيث حثّت الشّريعة على كلّ فضيلةٍ ونهت عن كلّ رذيلة .
- أنّها شريعةٌ ربّانيّة مصدرها الخالق جلّ وعلا؛ فهي ليست كالشّرائع الوضعيّة التي كانت من صنع البشر فتكون قاصرةً أو يتطرّق إليها الخطأ أو الزّلل.
- أنّها شريعة موجهّة لجميع النّاس على اختلاف أصولهم وألوانهم وأعراقهم، فلم يخصّ بها الله سبحانه قومًا دون آخرين .
- أنّها شريعة ناسخة لما قبلها من الشّرائع السّماويّة ومهيمنة عليه