الهداية
أمر الله -تعالى- بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وجعله أمراً واجباً على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ، ويبدأ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من النّفس بصلاحها، وتقواها، وقيامها بأوامر وأحكام الشّريعة الإسلاميّة، حيث قال الله -تعالى- حاثّاً المسلمين على إصلاح المجتمع: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)،[١] والأمر الذي يوجب إصلاح وهداية المجتمعات والنّاس أنّ هدايتهم وإرشادهم إلى الطريق القويم وطريق الحقّ هو السبيل في إقامة دين الله تعالى، فالالتزام بأحكام الدين وأوامره من أعظم الأمور وأهمّها في كلّ عصرٍ، كما أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بيّن أنّ نجاة كلّ قومٍ من العذاب والهلاك مرتبط بصلاحهم وإقامتهم لشرع الله تعالى، فما هو السّبيل إلى إقامة الأقوام والمجتمعات للشّرع الإسلاميّ لنيل رضى الله -تعالى- والنّجاة من عذابه؟[٢]
هداية الله للأقوام
إنّ الهداية من أعظم النِّعم وأجلّها التي تفضّل بها الله -تعالى- على عباده؛ حيث إنّ الهداية إلى طريق الحقّ والصلاح متعلّقة بمشيئة الله وقدرته وإرادته؛ حيث قال في القرآن الكريم: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)،[٣] والواجب على الفرد الأخذ بالأسباب ومجاهدة النّفس على سلوك طريق الحقّ، والتوكّل على الله -تعالى- واليقين بأنّه لا يقدّر إلّا ما ينفع العباد، ويُصلح حالهم، فالهداية تكون بإرادة العبد لها وبالتوفيق والعون من الله تعالى،[٤] وما يضادّ الهداية من الضلال والعصيان بمشيئة الله -تعالى- أيضاً، فإرادته اقتضت أن يكون بعض النّاس على الهداية، وبعضهم الآخر على ضلالٍ لحِكمة أرادها.[٥]
إقرأ أيضا:ماذا لو احبك اللهوالله -تعالى- قدّم للعباد سُبل الهداية والرّشاد والصلاح؛ فأرسل الرّسل والأنبياء -عليهم السّلام- للنّاس ليُرشدوهم إلى الطريق الصواب من توحيد الله تعالى، والإيمان به، كما أنّه أيّد كلّ نبيّ، وأنزل له كتاباً لبيان الأحكام والأوامر للنّاس والعباد، وفضّل الإنسان بنعمة العقل؛ لتكون إرادته غير مقيّدة؛ فيختار ويشاء لنفسه ما يريد دون أي مانع ودون أي قيد، ومن صفات الله -تعالى- الرحمة؛ فهو لا يضلّ أي عبد من عباده إلّا إن كان مختاراً للضلال والعصيان، فالله -تعالى- لا يظلم أحداً بأن يضع الشيء في غير موضعه، فلا يضع الضلال موضع التقوى والصّلاح، ومن صفاته أيضاً العَدْل؛ أي أنّه قدّم للعباد ما يُنير قلوبهم، ويُزيل عنها أي شكّ والتباس؛ فأرسل الرّسل، وأنزل الكتب، وأنعم بالعقول.[٥]
تعريف الهداية
يرتبط تعريف الهداية في اللغة بتعريفها في الاصطلاح؛ وبيانهما على النحو الآتي:
- تعريف الهداية لغةً: الهداية مصدر الفعل هدى، ويدلّ على الإرشاد، والدلالة إلى الغاية والهدف، ويُقال: من هداية الله؛ أيّ توفيق الله وتدبيره للأمور، أي أنّ الله -تعالى- يعرّف عباده ويدلّهم على طريق الإيمان والحقّ، ممّا يجعلهم يعترفون ويقرّون بالإيمان بربوبيّة الله تعالى، ولذلك سمّى الله -تعالى- نفسه بالهادي.[٦]
- تعريف الهداية اصطلاحاً: الدلالة والإرشاد بلطفٍ إلى ما يُوصل إلى الهدف والغاية، والهداية خاصّة بأمور الخير والمعروف والبرّ، وهي على عدّة أنواع؛ وهي: هداية النّفس؛ وهي ما يتعلّق بالفطرة التي فطرها الله -تعالى- وبالمشاعر الظاهرة والباطنة، ثمّ هداية من خلال الآفاق، بإثبات الأدلّة في المخلوقات، وبإنزال الأحكام والتشّريعات بإرسال الرّسل وإنزال الكتب.[٧]
أسباب الهداية
لا بدّ من المسلم الاهتداء إلى الطريق الحقّ الذي ينال به رضا الله تعالى، ويبتعد به عن طريق الضلال والبغي بسلوك الأعمال التي تُوصل إلى ذلك؛ ومنها:[٥]
إقرأ أيضا:كيف أقوي علاقتي بربي- الإيمان بالله -تعالى- بالاعتقاد الجازم بالقلب، وهو من أهمّ أسباب هداية العباد إلى الله تعالى، وإلى الشّريعة التي شرعها.
- اللجوء إلى الله -تعالى- بالدّعاء بالهداية، والاستعاذة به من الضلال والعصيان.
- التّوبة إلى الله تعالى، والإنابة والرجوع إليه، بشرط أن يكون العبد صادقاً في توبته، ومُقلعاً عن المعاصي والذّنوب، وعازماً على عدم العودة إليها.
- تلاوة القرآن الكريم، والمداومة عليه مع تدبّر الآيات، ومعانيها، ودلالاتها.
- الصُحبة الصالحة التي تُعين العبد على سلوك طريق الهداية والثّبات عليه.
- التمسّك بالله تعالى، والإقبال عليه بالقيام بالأوامر التي أمر العباد بها، واجتناب النواهي التي نهى عنها، مع الاستمرار على ذلك والثّبات عليه.
- طاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال الله تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).