الرّسل
أرسل الله عزَّ وجلَّ لكلّ أمة رسولاً مُنذراً وهادياً؛ ليُخرجهم من الضّلال الذي هم فيه إلى النّور والهدى، فقد قال الله عزَّ وجلَّ: (ولقد بعثنا في كلّ أمّة رسولا)،[١] ولينذرهم عذاب الله، وليهديهم إلى الحقّ والإيمان، ويُرشدهم إلى الطّريق المُستقيم، وقد أرسل الله عزَّ وجلّ نبيه محمد -عليه الصّلاة والسّلام- إلى النّاس كافّةً ليُبشّرهم بالجنّة وثواب الله اذا اتَّبعوا الحقَّ والهدى والنّور الذي جاء به من عند الله، ويُنذرهم النّار والعذاب الشّديد إذا خالفوا أوامر الله واتّبعوا الشّيطان، فقد قال الله عزَّ وجلَّ: (وما أرسلناك إلا كافّةً للنّاس بشيراً ونذيراً).[٢]
معنى الرّسول
- الرَّسُول في اللّغة: جمع رُسْل ورُسُل، وهو: (مبعوث، شخص يحمل الرَّسائل، أو ينقل رسالةً شفويّةً، أو يقوم برحلة قصيرة لتوصيل رسالة (ويستوي فيه الواحد وغيره)).[٣]
- الرسول في الاصطلاح: إنسان بعثه الله تعالى إلى الخلق لتبليغ الأحكام، وقد خُتِمَوا بمحمد عليه الصّلاة والسّلام.[٤]
عدد الرسل
إنَّ الرّسل عليهم الصّلاة والسّلام كثيرون؛ منهم من ذُكِرَ في القرآن الكريم، ومنهم من ذُكِرَ في السُنّة الشّريفة وفيما يأتي بيان ذلك:
إقرأ أيضا:كيف مات سيدنا سليمانعدد الرسل في القرآن الكريم
إنَّ الرّسل الذين ذكرهم الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم قسمان:
- الأول: مَنْ ذكر الله عزَّ وجلَّ أسماءهم، وبيّن أخبارهم، وقصّ قَصَصهم، وهؤلاء عددهم خمسة وعشرين رسولاً:
- آدم عليه الصّلاة والسّلام، وقد قال الله عزَّ وجلَّ في ذِكره: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا).[٥]
- ثمانية عشر رسولاً ذكرهم الله عزَّ وجلَّ في قوله : (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ*وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ*وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ*وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)؛[٦] وهؤلاء الرسل اللذين ذُكروا هم إسحق، ويعقوب، وداوود، وسليمان، وأيّوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وزكريّا، ويحيى، وعيسى، وإلياس، وإسماعيل، واليسع، ويونس، ولوط عليهم الصّلاة والسّلام.
- إدريس عليه الصّلاة والسّلام، وقد جاء ذكره في قول الله عزّوجلَّ: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا).[٧]
- هود عليه الصّلاة والسلّام، وقد جاء ذكره في قول الله عزَّ وجلَّ: (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ*إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ*إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ).[٨]
- صالح عليه الصّلاة والسّلام، وقد جاء ذكره في قول الله عزَّ وجلَّ: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ*إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ*إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ).[٩]
- شُعَيب عليه الصّلاة والسّلام، وقد جا ذكره في قول الله عزَّ وجلَّ: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ*إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ*إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ).[١٠]
- ذو الكفل عليه الصّلاة والسّلام، وقد جاء ذكره في قول الله عزّ وجلّ: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ).[١١]
- خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصّلاة والسّلام، وممّا جاء في ذكره قول الله عزَّ وجلّ: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).[١٢] فهؤلاء خمسة وعشرون كلّهم أنبياء ورسل، ومن بين هؤلاء الخمسة والعشرين يوجد أربعة منهم من العرب، وهم هود، وصالح، وشُعَيب ومحمد عليهم الصّلاة والسّلام أجمعين.
- الثاني: من لم يُعرف أسماؤهم، ولم يَقصُص الله من أخبارهم، ولم يُعلِم أنباءهم، وهؤلاء عددهم كثير لا يعلم عددهم إلا الله عزَّ وجلّ الذي أرسلهم فهو يُحصيهم، فرسل الله هؤلاء يجب الإيمان بهم جميعاً دون استثناء؛ تصديقاً لخبر الله عزّ وجلّ عنهم، فقد قال الله عزَّ وجلّ: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ)،[١٣] وقوله أيضاً : (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا*رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).[١٤]
عدد الرّسل في السُنّة النبويّة
ذكرت السُنّة النبويّة الشّريفة عدداً من الرّسل عليهم الصّلاة والسّلام، فقد أخبر النبيّ عليه الصّلاة والسّلام بعدد الأنبياء والمُرسلين، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: ثلاثمائة وبضعة عشر، جمّاً غفيراً)،[١٥] وفي رواية أبي أمامة قال أبو ذر: (قلت: يا رسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف، وأربعة وعشرون ألفاً. والرّسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر، جمّاً غفيراً)؛[١٦] أي عدداً كثيراً.
إقرأ أيضا:ما هي صفات الرسلوقد ذكرت السُنّة النبويّة الشّريفة أسماء عدد من الرّسل الذين لم يأتِ ذكرهم في القرآن الكريم، وهم شيث ويوشع بن نون عليهم الصّلاة والسّلام؛ فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: إنّ الشّمس لم تُحبَس إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المُقدّس)