أسماء الله الحسنى

سبحان الذي خلق السموات السبع

عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال جاء حبر إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: «يَا مُحَمَّدُ! أوْ يَا أبَا الْقَاسِمِ! إِنَّ اللهَ تعالى يُمْسِكُ السموات يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ: أنَا الْمَلِكُ، أنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ تَعَجُّباً مِمَّا قَالَ الْحَبْرُ، تَصْدِيقاً لَهُ، ثُمَّ قَرَأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67]» متفق عليه (1).
وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال – صلى الله عليه وسلم -: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلاً لأهل الجنة» متفق عليه (2).
 

فسبحان الذي خلق السموات السبع، ورفعها وأمسكها .. وأوحى في كل سماء أمرها، وأسكنها ملائكته، ومن شاء من أنبيائه ورسله، وأذن لرسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – في الإسراء إلى بيت المقدس، والعروج إلى السماء، ورؤية الملكوت الأعلى، السموات السبع وما فيها، والجنة والنار، والبيت المعمور، والملائكة والرسل والأنبياء وغير ذلك من الأيات الكبرى.
فسبحان من هذا خلقه .. وهذه قدرته .. وهذه عظمة ملكه وسلطانه.
قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)} … [الإسراء: 1].
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «أتِيتُ بِالْبُرَاقِ (وَهُوَ دَابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ) قال، فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قال، فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ.
قال: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ.
 
 

إقرأ أيضا:هل هذه الأسماء من أسماء الله تعالى ؟

فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ – عليه السلام – بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ – عليه السلام – اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ.
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ – عليه السلام – فَقِيلَ: مَنْ أنْتَ؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ – عليه السلام -، فَقِيلَ: مَنْ أنْتَ؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِابْنَيِ الْخَالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى ابْنِ زَكَرِيَّا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِي إلى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أنْتَ؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ – صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِيُوسُفَ – صلى الله عليه وسلم -، إِذَا هُوَ قَدْ أعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ – عليه السلام -، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ، قال: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا.
فَإِذَا أنَا بِإِدْرِيسَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)} [مريم: 57].
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال: جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا. فَإِذَا أنَا بِهَارُونَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ – عليه السلام -، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أنَا بِمُوسَى – صلى الله عليه وسلم -، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَجَ إلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ. قال: مُحَمَّدٌ – صلى الله عليه وسلم -، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنَا بِإِبْرَاهِيمَ – صلى الله عليه وسلم -، مُسْنِداً ظَهْرَهُ إلى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إِلَيْهِ.
ثُمَّ ذَهَبَ بِي إلى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلالِ، قال، فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أمْرِ اللهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ، فَمَا أحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا.
فَأوْحَى اللهُ إِلَيَّ مَا أوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
فَنَزَلْتُ إلى مُوسَى – صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلاةً، قال: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ، فَاسْألْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ.
قال، فَرَجَعْتُ إلى رَبِّي فَقُلْتُ: يَا رَبِّ! خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْساً.
فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى فَقُلْتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْساً، قال: إِنَّ أمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَاسْألْهُ التَّخْفِيفَ.
قال: فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتعالى وَبَيْنَ مُوسَى – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى قال: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شيئاً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً.
قال: فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إلى مُوسَى – صلى الله عليه وسلم – فَأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَاسْألْهُ التَّخْفِيفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إلى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ» متفق عليه 

إقرأ أيضا:العفو … والغفران مع القدرة
السابق
سلسلة شرح أسماء الله الحسنى (2)
التالي
​فقه رحمة الرب