صفات الله

القاعدة الرابعة : لا يوصف الله بالنفي المحض

أثبت الله سبحانه وتعالى لنفسه أسماء وصفات ، ونفى عن نفسه أسماء وصفات .
والإثبات والنفي في أسمائه وصفاته مجمل ومفصل ، فالإثبات المجمل يكون بإثبات الثناء المطلق ، والحمد المطلق ، والمجد المطلق لله تعالى ، ونحو ذلك كما يشير إليه قوله : ( الحمد لله ربّ العالمين ) [ الفاتحة : 2 ] ، وقوله : ( ولله المثل الأعلى ) النحل : 60] .وأما التفصيل في الإثبات فهو متناول لكل اسم أو صفة وردت في الكتاب والسنة .

والنفي المجمل يكون بأن ينفي عن الله – عزّ وجلّ – كل ما يضاد كماله من أنواع العيوب والنقائص مثل قوله : ( ليس كمثله شيء ) [ الشورى : 11 ] وقوله : ( هل تعلم له سَميّاً ) [ مريم : 65 ] .
وأما التفصيل في النفي فهو أن ينزه الله عن كل واحد من هذه العيوب والنقائص بخصومه ، فينزه عن الوالد والولد والشريك والصاحبة والند والجهل والعجز والسنة والنوم والعبث … إلخ .

 
إلا أن منهج القرآن في النفي أن لا ينفي نفياً محضاً ، فلا ينفي القرآن صفة نقص عن الله إلا إذا كانت متضمنة صفة مدح وكمال ، فلا ينفي نفياً مجرداً ، كما تفعل بعض الفرق (1) ، فقوله تعالى : ( الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم لا تأخذهُ سنةٌ ولا نومٌ لَّه ما في السَّماوات وما في الأرض من ذا الذَّي يشفع عنده إلاَّ بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيءٍ من علمه إلاَّ بما شاء وسع كرسيُّه السَّماوات والأرض ولا يَؤُودُهُ حفظهما ) [ البقرة : 255 ] فيه نفي السنة والنوم عن الله تعالى ، ونفيهما يتضمن كمال الحياة والقيام ، فمن كمال حياته : ألا تأخذه سنة ( وهي أوائل النوم ) ولا نوم ، وقوله 🙁 ولا يَؤُودُهُ حفظهما ) [البقرة: 255] مستلزم لكمال قدرته وتمامها ، إذ المعنى ( لا يكرثه ولا يثقله ) .

إقرأ أيضا:لله سبحانه ساق

ومثل ذلك قوله : ( لا يعزب عنه مثقال ذرَّةٍ في السَّماوات ولا في الأرض ) [سبأ:3] فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه بكل ذرة في السماوات والأرض .وكذلك قوله : ( ولقد خلقنا السَّماوات والأرض وما بينهما في ستَّة أيامٍ وما مسَّنا من لُّغوبٍ ) [ ق : 38 ] فإن نفي اللغوب ( وهو التعب والإعياء ) دل على كمال القدرة ونهاية القوة . وكذلك قوله : ( لاَّ تُدركه الأبصار ) [ الأنعام : 103 ] أي : لا تحيط به الأبصار فهو وإن رئي في الآخرة ، ولكنه لعظمته – سبحانه – لا تحيط به الأبصار .وكذلك كل ما نفاه الله عن نفسه ، فإنه يستلزم صفة ثبوتية يمدح الله بها .ولم يصف الله نفسه بنفي محض لا يستلزم صفة ثبوتية ، وبذلك يتضح أن الذين يتجهون إلى الإكثار من النفي ( أو ما يسمونه السلوب ) أخطؤوا ؛ لأن النفي ليس فيه مدح ولا كمال ما لم يتضمن إثباتاً ؛ لأن النفي المحض عدم محض ، والعدم المحض ليس بشيء .

 
وقد أكثر المبتدعون من النفي المحض فقالوا : لا يتكلم ، ولا يرى ، وليس فوق العالم ، وغلا بعضهم فقالوا : ليس بداخل العالم ولا خارجه ، ولا مبايناً للعالم ، ولا مخالطاً له … إلى آخر هذا الكلام الغث الذي يجعلون الله به عدماً … تعالى وتقدس .

إقرأ أيضا:رمي السلفيين بالتشبيه والتجسيم فرية مكشوفة

——————

(1) الجهمية المحضة . انظر مجموع الفتاوى : 3/39 .

السابق
القاعدة الثالثة : الاتفاق في الأسماء لا يقتضي التساوي في المسميات
التالي
القاعدة الخامسة : الألفاظ الموهمة حقاً وباطلاً