يبدأ يوم الحساب عند النفخ في البوق، وسوف يكون إيذانا بزلزال عظيم وصوت انفجار يصم الآذان وعندئذ يوقن جميع البشر أنهم أمام كارثة مهولة، وسوف تطوى السماوات والأرض وسوف ينفصلان عن بعضهما البعض ويدمر الكون، ولن يبقى أي كائن حي على وجه الأرض، وعند النفخة الثانية في البوق يبعث الناس من قبورهم (سورة الزمر 39-68).
وبعد ذلك يكون جميع البشر شاهدين على الحساب. ولكن الله تعالى ذكر أن يوم الحساب لا يقوم إلا على شرار الناس وأن المؤمنين سيكونون في مأمن من أهوال يوم القيامة:
(مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) سورة النمل-الآية 89.
46- كيف سيكون الحساب يوم القيامة؟
كل فرد يحاسب على حدة يوم القيامة، وسوف يطلع الإنسان أثناء الحساب على كل ما اقترفت يداه من شر وما عملته من حسنات:
(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُنْ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا الله إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) سورة لقمان-الآية 16.فيومئذ لن يبقى شيء من عمل الإنسان سرا أو في طيّ النسيان.
إقرأ أيضا:صلاة الراكب
ربما ينسى الإنسان ما فعله في هذه الحياة الدنيا, ولكن الله لا ينسى أفعال الإنسان وسوف يعرضها أمامه يوم الحساب، وكل إنسان يعطى سجلا خطت عليه أعماله يوم الحساب، ثم ينصب الميزان بالقسط فمن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ولا يظلم ربك أحدا. وفي تلك اللحظة العظيمة تشهد على الإنسان أعضاء جسمه مثل سمعه و بصره وجلده، كما سيشهد عليه الأشخاص الذين رأوه في الحياة الدنيا. وسوف يسحب الذين كفروا إلى نار جهنم بعد حساب رهيب، أما المؤمنين فسوف ينالون حسابا يسيرا ويؤخذون إلى الجنة فرحين بما آتاهم ربهم من خير ونعمة.
47- هل يتحمل الناس مسؤولية ذنوب بعضهم البعض؟
لقد قال الله تعالى في كتابه العزيز أن كل شخص سوف يكون مسؤولا عما عمل، وكل شخص سوف يرى نتيجة ما عمله في هذه الدنيا, كل واحد على حدة ولن يشفع أحد لآخر، وهذه الحقيقة مقررة في القرآن الكريم:
(وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَمُوا الصَّلاَةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلىَ اللهِ المَصِيرُ) سورة فاطر-الآية 18.
إقرأ أيضا:من كمال الإيمان
48- هل يمكن للإنسان أن يتخلص مما عمله عندما يرى الحقيقة يوم القيامة؟
يوم القيامة لا تنفع توبة ولن تكون ثمة فرصة للعمل الصالح، فحينئذ يكون قد فات كل شيء، ولا أمل في إصلاح عمل أو توبة من ذنب. وقد ذكر القرآن الكريم أن الكافرين سوف يتوسلون بأن يعطوا فرصة للتوبة ولكن ولات حين مناص. فهؤلاء سوف يتمنون لو يردون إلى الدنيا لكي يعملوا صالحا, ولكن أمانيهم لا جدوى منها. وعندما يدرك المشركون أن لا جدوى من توسلاتهم وأمانيهم سوف يشعرون بندم لا حد له. إنّ الشعور بالندم وفقدان الأمل الذي سوف يشعرون به لا يضاهيه أي شيء في هذه الدنيا لأنهم سوف يدركون عندها أنهم خالدون في عذاب جهنم إلى الأبد دون أي أمل في الخلاص من هذا العذاب:
(وَلَوْ تَرَى إِذ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّب بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنينَ * بَلْ بَدَا
لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُو عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ* وَقضالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ* وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) سورة الأنعام-الآية 27-30.
49- جهنم: أي مستقر هي؟
إن جهنم بالنسبة إلى المشركين والكافرين هي المكان الذي يرون فيه أشد أنواع العذاب، وهو عذاب مقيم لا نهاية له ، قال تعالى في القرآن الكريم:
(إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا* لِلطَّاغِينَ مَئَابًا* لاَبِثيِنَ فِيهَا أَحْقابًا* لاَ يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلاَ شَرَابًا* إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا) سورة النبأ-الآية 21- 26.
50- ماذا تخبرنا آيات القرآن الكريم عن جهنم؟
لقد ذكر القرآن الكريم أن هناك حياة في جهنم، ولكنها حياة مليئة بالعذاب والأسى. ولا يمكن للإنسان أن يتصور على وجه الدقة عذاب جهنم إذا ما وزنت بمقاييس الحياة الدنيا. فعذاب جهنم لا يشبهه أي عذاب آخر، وحتى إذا شبه في القرآن الكريم فلتقريب الصورة لا غير، ثم إنه لن يخف أبدا ولن ينتهي أبدا: (كَلاَّ إِنَّهَا لَظًى* نَزَّاعَةٌ لِلشَّوَى* تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى* وَجَمَعَ فَأَوْعَى) سورة المعارج الآية 15-18.
51- الجنة: أي مستقر هي؟
إنّ الجنة هي المؤمنين الصادقين الذين أكثروا من تلاوة القرآن الكريم وأطاعوا الله عز وجل, وهي مثوى الذين أخلصوا حياتهم لله ولمرضاته. فهؤلاء يمكثون سعداء لا يمسهم تعب ولا نصب، ينالون ما يشتهون، بل ويجدون فيها ما لم يخطر على بال أحد منهم. ولقد ذكر الله تعالى في آيات القرآن الكريم بعضا من تلك النعم التي سوف يكرم بها عباده المؤمنين:
(الذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ* ادْخُلُوا الجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ* يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُم فِيهَا خَالِدُونَ* وَتِلْكَ الجَنَّةُ التِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة الزخرف-الآية 68-72.
52- من الذين سيدخلون الجنة؟
( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولاَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِم الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدينَ فِيهَا رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولاَئِكَ حِزْبُ الله أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله هُم المُفْلِحُونَ) سورة المجادلة-الآية 22.
وقد ذكر القرآن الكريم مجموعة من الميزات الأخرى للمؤمنين الذين وعدهم الله تعالى بالجنة:
(الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) سورة البقرة-الآية 25.
(لِلذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ) سورة آل عمران-الآية 15.
(وَالكَاظِمينَ الغَيْظَ) سورة آل عمران-الآية 134.
(وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) سورة آل عمران-الآية 135.
(وَمَنْ يُطِع الله وَرَسُولَهُ) النساء- الآية 13
( لَئِنْ أَقَمْتٌم الصَّلاَةَ وَآتَيْتُم الزَّكَاةَ وَآمَنْتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُم الله قَرْضاً حَسَناً) المائدة- الآية 12.
( قَالَ اللهُ هَذَا يَوْم يَنْفَعُ الصَّّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) المائدة-الآية 119.
( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) يونس-الآية 26.
( إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَي رَبِّهِمْ) هود-الآية 23.
(إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً) مريم-الآية 60.
(وَالذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعُهْدِهِمْ رَاعُونَ) المؤمنون-الآية 8.
( وَالذِينَ هُمْ عَلَى صَلوَاتِهِمِ يُحَافِظُونَ) المؤمنون-الآية 9.
( وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ) فاطر-الآية 32.
(هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ) ق-الآية 32.
(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) ق-الآية 33.
53- ما هو الخير الحقيقي؟
في كل مجتمع يوجد مفهوم عام “للخير” وهذا المفهوم يوضع من قبل ذلك المجتمع. فيمكن اعتبار أولئك الذين ينفقون الأموال على الفقراء والمتسولين أناسا خيرين, ويمكن أن نقول أيضا إن الذين يعاملون غيرهم بمودة ولطف أناسا خيرين. بيد أن الخير الحقيقي هو العمل باستمرار لمرضاة الله تعالى. فالإنسان الخيّر فعلا هو الذي يكون إيمانه بالله خالصا لا يشوبه شك ولا شرك, ويكيف حياته وفقا لما يرضي الله تعالى. وقد أوضح الله تعالى هذه الحقيقة على النحو التالي:
(لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُم قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولاَئِكَ الذِينَ صَدَقُوا وَأُولاَئِكَ هُمُ المُتّقًونَ) البقرة- الآية 177.
54- ما هو مفهوم الحب في القرآن ؟
في المجتمعات التي لا تعيش وفق تعاليم القرآن, يمكن أن توجد قيم مختلفة يجتمع الناس حولها بينهم نوعا من المحبة مثل الاشتراك في الثقافة نفسها أو الاحترام المتبادل أو غير ذلك. غير ان هدف المؤمنين الحقيقي يتمحور حول مرضاة الله تعالى. ولأنهم يحبون الله تعالى فإنه يزرع في قلوبهم حب لكل ما خلق في هذا الكون، فكل ما في الكون يصبح له معنى خاص، فالمؤمن لا يمكن أن يتخذ أصدقاء ممن كانت قلوبهم غافلة عن ذكر الله. وهذا ما ذكّر به القرآن الكريم:
(لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) المجادلة-الآية 22.
55- ما الذي الذي يجعل المؤمنين دائما جنبا إلى جنب؟
لقد أمر الله تعالى المؤمنين في كثير من آيات القرآن الكريم بأن يكونوا دائما في حاجة بعضهم البعض وألا يتفرقوا ابتغاء حطام الدنيا:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران-الآية 103.
إن الالتزام بتعاليم القرآن في كل أمر من أمور الحياة يجعل الإنسان في صلة مستمرة بالله تعالى. وكثير من الناس لا يقدرون نعمة وجودهم بين أناس مؤمنين، ولكن الحقيقة أنها نعمة عظيمة أن يوجد الفرد المسلم بين قوم يُذكرونه بالله في كل حين. وقد ذكر لنا القرآن الكريم قصة سيدنا موسى عندما شد عضده بأخيه هارون ليكون له عونا في عبادته. فالمؤمنون يذكرون بعضهم البعض بتقوى الله ويعصم بعضهم البعض من الإقدام على ارتكاب المعاضي والآثام. ولا شك أن أخلاق المؤمن هي مثال في الاستقامة والجمال، ولهذا فإن أكثر المجتمعات حبا للسلم هي المجتمعات الإسلامية.
56- ما هي الحياة التي وعد الله بها عباده المؤمنين؟
إنّ حياة الناس الذين يؤمنون بالله تعالى تكون ذات طعم مميز في جميع النواحي, وكذلك حياتهم في الآخرة. وقد وعد الله تعالى الذين يعملون الصالحات في هذة الدنيا بحياة سعيدة كلها بركة وخير:
( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثًى وَهوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُم أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل-الآية 97.
57- كيف ندعو الله تعالى ؟ هل هناك مكان معين أو وقت أو طريقة معينة للدعاء؟
ليس ثمة في الإسلام أوقات أو أماكن محددة حتى يدعو فيها المؤمن ربه، فإذا أراد العبد الدعاء فعل ذلك متى شاء وأينما شاء وكيفما شاء، فالله أقرب إلينا من حبل الوريد، وهو سبحانه يعلم ما نسر وما نعلن ولا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء. فيمكننا أن ندعو الله في جميع أحوالنا في السفر وفي الحضر عند النوم وعند اليقضة، في المقام وفي المسير. ندعوه سبحانه ونسأله من فضله، والله تعالى يعلمنا كيف ندعوه:
( أُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَة إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) الأعراف-الآية 55.
فالمهم أن يدعو العبد مخلصا من قلبه وهو موقن بالإجابة.
58- هل يقبل الله جميع الدعوات؟
نعم إن الله تعالى يسمع دعاء الداعين وتضرع المتضرعين، ولا يخيب عنده من كان صادقا في دعائه مخلصا فيه من أعماق قلبه:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ) البقرة-الآية 186. ويبين القرآن الكريم أن الله تعالى يخفف مصيبة المصابين ونكبة المنكوبين إذا دعوا الله دعاء صادقا.
غير أن الإنسان قد يتمنى شيئا، أو يطلب من الله أمرا ويكون له فيه شر، فالإنسان لا يعرف ما يصلح له، ولأن الله يعلم ما لا يعلمون ويحيط بكل شيء فإنه لا يستجيب دائما لدعوة الداعين, ولكنه يغدق علينا من نعمه بسخاء عندما يحين الوقت. والإنسان بطبعه عجول قليل الصبر، ويريد أن يستجاب لدعائه بسرعة. وقد تتأخر الإستجابة ولذلك على الداعي أن يكون صبورا وينتظر إرادة الله وقدره.
59- كيف نتوب إلى الله؟ وهل يكفي القول “تبت إلى الله”؟
إن الاعتراف بالتوبة ينبغي أن يصاحبه الندم على ما فات والعزم على إصلاح النية والعمل, والتضرع إلى الله ويسأله المغفرة والرحمة والعزم كذلك على ألا يعود إلى مثل هذه الأعمال مرة أخرى، يقول تعالى:
( فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وِأَصْلَحَ فَإِنَّ الله يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ) المائدة-الآية 39.
60- هل يقبل الله كل توبة؟
إنّ الله يقبل التوبة شرط أن تكون خالصة لوجه الله تعالى، وينبغي على التائب أن ينوي عدم الرجوع إلى المعصية مرة أخرى. وبذلك يقطع صلته بمرحلة ليبدأ مرحلة جديدة، ولا فرق في ذلك بين صغير الذنوب وكبيرها، فالأمر المهم هو الصدق في التوبة والعزم على هجر هذه الذنوب والمعاصي. وقد بين الله تعالى من يشملهم بقبول التوبة:
(إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى الله لِلذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يُتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَؤُلئِكَ يَتُوبُ الله عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء-الآية 17.
61- هل من الصحيح أن نقول “بما أن الله سيغفر لي عندما أتوب، فإنني أفعل ما بدا لي ثم أتوب بعد ذلك”؟
إنّ هذا التفكير لا ينبع من إيمان صحيح ولا من توبة صادقة, وإذا شاع هذا التفكير فإن الناس سوف يغرقون في المعاصي والذنوب إلى ما لا نهاية فالله يعلم ما تخفي القلوب وما تعلن وإنما يقبل توبة من يتوب بإخلاص وصدق. أما العصاة فإنهم لا يهم ما يرتكبون من ذنوب ولا يحسبون حسابا ليوم الحساب عندما يقول الواحد منهم: “إن الله سيغفر لي على أية حال”.
(وَلَيْسَت التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتََّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الذِينَ يَمُوتُون وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ اعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيمًا) النساء-الآية 18.
62- ما هي أهمية الصلاة؟
إن الصلاة هي أهم عبادة بعد الإقرار بالإيمان بالله تعالى، وقد أمر المؤمنون بأداء العبادات طيلة حياتهم، وهي عبادة مفروضة في أوقات معينة، وإذا دخل الإنسان في شؤون الحياة اليومية فإن قلبه يتعرض للغفلة والنسيان، وبالتالي فعليه أن يكون قوي الإرادة ثابت العزم. فأحداث الحياة المتقلبة تجعل الإنسان ينسى أن الله محيط بكل شيء وأنه مطلع على كل صغيرة وكبيرة وأنه سبحانه سوف يحاسبه على كل ما فعله في هذه الدنيا، وينسى أنه سوف يموت وينتقل إما إلى الجنة أو إلى النار. وهذه الأحداث تجعله ينسى أيضا أنه لا شيء مما يجري في هذا العالم خارج عن علم الله وقدره. فالوقوع في الغفلة ينسي الإنسان الغاية الحقيقية من وجوده وخلقه.
إن المواظبة على الصلوات الخمس في كل يوم تزيل عن قلب المؤمن هذه الغفلة، وتبعث الحياة والحيوية باستمرار في إرادة المؤمن وعزمه، فصلة العبد المؤمن المتصلة بالله تعالى تساعده على الالتزام بما أمر به سبحانه. فالعبد المؤمن عندما يقف أمام الله لأداء الصلاة إنما يركن إلى ذي القوة والجلال فتزداد صلته به قوة ومتانة. وتبين هذه الآية دور الصلاة في التذكير بالله تعالى وإبعاد المؤمن عن السيئات: ” اتْلُ مَا أُوحِيَ إِليْكَ مِنْ الكِتَابِ وَأَقِم الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ وَالله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) العنكبوت-الآية 45.
63- هل أمر بقية الأنبياء أيضا بأداء الصلاة؟
لقد أمر الأنبياء مثلهم مثل غيرهم من المؤمنين بإقامة الصلاة، ولقد قام الأنبياء الذين أرسلوا إلى أقوامهم عبر التاريخ بتبليغ الرسالة التي كلفوا بها، ولقد كانوا طيلة حياتهم المثال الحي علىأدائهم لهذه العبادة على الوجه السليم والصحيح، ومن هذه الناحية فهم يبلغون رسالتهم السماوية بشكل فعلي إلى أقوامهم الذين أرسلوا إليهم.
وتوجد في القرآن الكريم آيات كثيرة بشأن ضرورة إقامتهم للصلاة والأهمية الكبرى التي ينبغي عليهم أن يولوها لهذه العبادة، وتوجد آيات أخرى عديدة أيضا حول مواظبتهم على أداء فريضة الصلاة وأمرهم لأقوامهم بأدائها والمواظبة عليها.
سيدنا إبراهيم عليه السلام: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي رب وتقبل دعاء) إبراهيم- الآية 40.
سيدنا إسماعيل عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكًانَ رَسُولاً نَبِِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) مريم-الآية 54-55.
سيدنا موسى عليه السلام: ( إِنَّنِي أَنَا الله لاَ إِلَهَ أَنَا فَاعْبُدِْني وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي ) طه- الآية 14.
وبالنسبة إلى النساء المؤمنات فقد ضرب الله مثلا مريم عليها السلام فقال تعالى: (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) آل عمران-الآية 43.
ولقد تلقى عيسى عليه السلام من ربه الأمر نفسه: ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِي الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) مريم –30-31.
64- في أي الأوقات فرضت الصلاة؟
أخبرالقرآن الكريم أن الصلاة عبادة تؤدى في أوقات وحالات معينة، وفي الآية التالية ما يشير إلى ذلك:
(فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء –الآية 103.
وأوقات الصلاة خمسة، وهي الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء. وقد بينت كثير من الآيات في القرآن الكريم أوقات الصلاة، ومن هذه الآيات:
(فَاصْبِرْعَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنَ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) طه- الآية 13.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة خلال النهار وأثناء الليل، وهو الذي عليه الصلاة والسلام الذي يفصل من خلال ما يأتيه من وحي ما جاء مجملا في القرآن الكريم. وقد ورد هذا في الحديث المشهور الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه: (…………..وجاء ذكر مصدر الحديث حتى يتم نقله بشكل صحيح. ص. 63 من الكتاب التركي.)
وأوقات الصلاة متفق عليها وهي خمسة ولا خلاف في هذا الأمر، ونفهم ذلك سواء من خلال آيات القرآن الكريم أو من خلال الأحاديث الصحيحة أو من الفقهاء المشهورين. ومجموع الصلوات المفروضة مع السنن عددها أربعون ركعة. وهي على النحو الموضح في الأسفل موزعة حسب الصلوات:
صلاة الصبح: ركعتان سنة وركعتان فريضة.
صلاة الظهر: أربع ركعات سنة، وأربع ركعات فريضة، وركعتان سنة.
صلاة العصر: أربع ركعات سنة، وأربع ركعات فريضة.
صلاة المغرب: ثلاث ركعات فريضة و ركعتان سنة.
صلاة العشاء:أربع ركعات سنة، وأربع ركعات فريضة، وركعتان سنة، وثلاث ركعات وتر