البرامكة
تعدّ البرامكة عائلة من القسيسين من أصل إيرانيّ، من مدينة بلخ الخراسانيّة، وبرمك هو جدهم الأكبر وحمل لقب برمك وهو اللقب الذي يُطلق على أعلى الكهنة في معبد ناوبهار البوذي،[١] وكانت هذه العائلة مقرّبة إلى هارون الرشيد، فكان لها دور في مساعدته على القيام بأعمال الدولة العباسية على أتم وجه، وقد سماهم المؤرخون بزهرة الدولة العباسية كلها؛ فهم قادوا الجيوش وودافعوا عن الدولة، وعندما جاءت الدعوة العباسية إلى خراسان، كان خالد بن برمك من أكبر دعاتها، وكان يتّصف بحسن السيرة، وكان ابنه يحيى من أكثر الناس أدباً، وفضلاً، ونبلاً، وكان محبوباً بين الناس، وربّى هارون الرشيد، ومكنه من الخلافة بالرغم من عدم رضا الهادي، وعندما تولى هارون الخلافة عيّن يحيى على وزارة تفويض وقال له: (“قلدتك أمر الرعية وأخرجته من حقي إليك، فاحكم في ذلك بما ترى من الصواب، واستعمل من رأيت، وأعزل من رأيت..”).[٢]
نكبة البرامكة
حمل هارون الرشيد على البرامكة وفق ما ذكر ابن خلدون في مقدمته؛ بسبب استبدادهم في الدولة، وأخذهم أموال الضرائب، فكان الرشيد يطلب المال ولا يصل إليه، وشاركوه في حكمه وسلطانه، وغلبوه على أمره، ولم يعد يتصرف بأمور الدّولة، ووفق الدكتور عبد الجبار الجومرد في كتابه “هارون الرشيد” تغافل الرشيد عن أعمالهم؛ بسبب الخدمات التي قدموها للدولة، وأملاً في أن يعودوا إلى صوابهم، ولكن أمرهم تزايد، وظهرت نعرتهم الفارسية والشعوبية، وسيطر يحيى بن خالد على كل أمور الدّولة، وتدخّل جعفر بن يحيى في الشؤون الخاصة، وسبّب خلافاً ونزاعاً بين الأمين والمأمون، وزرع الحقد بينهما، كما أنه منع إعطاء المال لهارون الرشيد بحجة المحافظة على أموال المسلمين، وأصبح جعفر يحاسب الرشيد على تصرفاته، ولا يهتم باعتراضاته، ثم اتّخذ الفضل بن يحيى من خراسان مقراً له، وأسس فيها جيشا كبيراً يتكون من العجم دون أخذ رأي الرشيد وسمّاه العباسية، وبلغ عدده خمسمئة ألف جندي، وكان ولاء هذا الجيش للبرامكة، ومن هنا بدأ هارون الرشيد في إضعاف أمرهم.[٣]
إقرأ أيضا:بماذا اهلك الله قوم عادمقتل جعفر البرمكي
كان السبب المرجّح لقتل جعفر البرمكي من قبل هارون الرشيد هو أنّ جعفراً قتل عبد الله بن الحسن وقيل: الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم، حيث قتله يوم النيروز في الصحراء وهو في حالة السكر، وصلى عليه هارون الرشيد، ودفن بمقبرة الخيزران في بغداد، وبعد الأعمال التي قام بها البرامكة وتغيّر أحوالهم، أمر هارون الرشيد بقتل جعفر قصاصاً، ولكنه تردد بشأن قتل جعفر؛ لأنه أخذ بعين الاعتبار نتائج قراره، ولكنّه بعد أن استخار الله عزم على قتله، وحبس يحيى والفضل وانتهز الفرصة لاسترداد أموال الدولة منهم
إقرأ أيضا:من هم المماليك