تعريف الحديث المنكر
إنّ للحديث المنكر عند علماء الحديث أكثر من تعريفٍ، فمعناه عند المتقدّمين يتعلّق بالتفرّد في رواية الحديث، أمّا معناه عند المتأخّرين وما اعتمده أهل الحديث فهو يتعلّق بمخالفة الضعيف لرواية الثّقة، ونُجمل هذين المَعْنيَيْن فيما يأتي:
- الحديث المنكر عند المتقدّمين
هو الحديث الذي يتفرّد به الراوي الذي لا يؤهّله حِفْظه إلى التفرّد بهذه الرواية، وهو تعريف أبو بكر البرديجي والنّاظم -رحمهما الله-.
- الحديث المنكر عند المتأخرّين
هو مخالفة الضعيف لِما يرويه الثّقة، فالانفراد لوحده يدلّ على الضعف، وإن لم يشاركه الجهابذة في رواية هذا الحديث فهذا يدلّ على أنّه لم يضبط الحديث أيضاً، وقد أطلق هذا التعريف على الحديث المنكر كلّ من ابن حجر والسيوطي -رحمهما الله-، وعلى هذا التعريف فرواية الخطأ تُسمّى بالمنكرة، والرواية الصحيحة تُسمّى بالمعروفة عند أهل العلم.
وبعض العلماء يجعل هذيْن التعريفيْن قِسميْن من أقسام الحديث المنكر، ويُمكن أن نَخْلُص إلى أنّ الحديث المنكر إما أن يتفرّد فيه راوٍ حتى وإن كان ثقةً أو عدلاً، لكنّه ممّن لا يُحتمل تفرّده، فصار الحديث منكراً، وإمّا أن يُخالف فيه الراوي الضعيف مَن هو أوْلى منه بسبب وهمٍ حصل له.
صور إطلاق وصف النّكارة على الحديث
نوضّح بشكلٍ أكثر تفصيلٍ صور إطلاق أهل العلم وصف النكارة على الحديث فيما يأتي:
إقرأ أيضا:تخريج الحديث- بعض حالات التفرّد
- إذا انفرد برواية الحديث الراوي الصّدوق الذي ينزل عن درجة أهل الإتقان، مع عدم وجود ما يقوّيه ويعضده، وقيل إنّ هذا الإطلاق موجود عند النسائي وأبي داود وأحمد وغيرهم.
- إذا انفرد المستور أو سيِّئ الحفظ أو المُضعّف بالحديث مع عدم وجود ما يُقوّي روايته.
- بعض حالات المخالفة
إذا خالف المُضعّف أو المستور أو سيِّئ الحفظ مَن هو أوْلى منه، وهو أكثر ما يُطلق عليه وصف النكارة، ولكن إذا كثرت مخالفته أصبح متروكاً.
- بعض أنواع الحديث الضعيف
مثل الحديث المنقطع، والحديث المجهول، والحديث المدرج، ونحو ذلك، فقط أطلق بعض الأئمة المتقدّمين وصف النّكارة على هذه الأنواع، مثل يحيى القطّان، وأبي حاتم، وأبي زرعة، والنّسائي، وغيرهم.
مثال على الحديث المنكر
من الأمثلة على الحديث المنكر ما يأتي:
- مثال النوع الأول: (تفرّد مَن لا يحتمل تفرّده)
ما جاء عن هشام بن عُرْوة عَن أبِيه عن عائشة مرفوعاً: (كلوا البلح بِالتَّمْرِ فَإِن ابْن آدم إِذا أكله غضب الشَّيْطَان، وَقَالَ عَاشَ ابْن آدم حَتَّى أكل الْجَدِيد بالخلق)، وهذا حديثٌ منكر لأنّ أبا زُكير لا يبلغ من الضبط والعدالة ما يجعل تفرّده محتملاً، بل هو قاصِرٌ عن ذلك، فلا يُغتفر تفرّده.
إقرأ أيضا:مفهوم الحديث المنقطع- مثال النوع الثاني: (المخالفة)
مثل رواية مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم)، وهذه الرواية خالف فيها مالك غيره من الثقات، حيث وهم فيه وقال: عن عُمر بن عثمان “بضمّ العين”، ولكنّ كل مَن رواه من أصحاب الزهري قال: عن عَمرو بن عثمان “بفتح العين”.
إقرأ أيضا:عدد أحاديث ابن خزيمةحكم العمل بالحديث المنكر
الحديث المنكر نوعٌ من أنواع الحديث الضعيف، ويرجع الجرح القادح فيه إلى الراوي،[٧] وعدّه أهل العلم من أنواع الحديث الضعيف ضعفاً شديداً، لِذا لا يجوز العمل به، ومن أهل العلم مَن قال: لا يجوز العمل به مطلقاً، ومنهم مَن استثنى العمل به فقط في باب فضائل الأعمال بضوابط عديدة ليس هنا مقام تفصيلها.