حجة الوداع
بعد فتح مكة، وإتمام الرسول صلى الله عليه وسلم إبلاغ رسالته، ودخول الناس في دين الله أفواجاً، فرض الله الحج على الناس في أواخر السنة 9هـ؛ لذا عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على الحج،[١] فخرج إلى حجة الوداع التي كانت كانت في الخمس الأواخر من شهر ذي القعدة من السنة 10هـ؛ حيث خرج رسول الله من المدينة المنورة متوجّهاً إلى الحجّ، وأذّن في الناس بالحجّ؛ فخرجوا معه، وخرج ناس كثيرون من المدينة وضواحيها وما جاورها.[٢]
أهم أحداث حجة الوداع
بعد أن فرغ الرّسول صلى الله عليه وسلم من خطبته أذّن المؤذن وأقام، وصلّى الرسول بالنّاس صلاة الظهر، ثم صلى صلاة العصر، وبعد ذلك توجه حتى وصل موقف عرفات، واستقبل القبلة، واستمر على هذه الحال حتى غروب الشمس،[١]وفي تلك الأثناء نزل عليه قول الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).[٣]
عند غروب الشمس أفاض الرسول الكريم من عرفات إلى المزدلفة، وأركب أسامة بن زيد خلفه، وتوجه وهو يقول: “أيها الناس عليكم السكينة”، وعندما وصل المزدلفة صلّى المغرب والعشاء بآذان واحد وإقامتين، وبعدها نام حتى أتى الصباح، فلما طلع الفجر صلاها في أول وقتها، ثم توجه إلى المشعر الحرام وهو موضع يقع بالمزدلفة، واستقبل القبلة، ودعا الله، وكبّره، وهلله، ووحده حتى طلع الصبح، ثم انتقل إلى منى قبل أن تطلع الشمس، وهو يلبي، ثم أمر ابن عباس أن يلتقط له سبع حصيات، فلما وصل إلى منى رمى جمرة العقبة وهو راكب سبع حصيات، وكان يُكبّر مع كل حصاة يرميها.[١]
إقرأ أيضا:ما اركان الحجخطب الرسول عليه الصلاة ولاسلام بعد ذلك بالناس خطبة تحدث فيها عن حرمة يوم النحر، وفضله عند الله، وعن حرمة مكة، وأمر الناس بالسمع والطاعة، وبأخذ المناسك عنه، ثم توجّه إلى المنحر، ونحر 63 شاة بيده، ثم أمر علياً أن ينحر العدد المتبقي من 100، ثم استدعى الحلّاق وحلق شعر رأسه، ثم توجّه إلى مكة، وطاف بالبيت طواف الإفاضة، وصلّى الظهر، ثم عاد إلى منى، ونام فيها، وعندما أصبح انتظر زوال الشمس، وعندما دخل وقت الظهر أتى بالجمرات، وبدأ بالجمرة الصغرى، ثم الجمرة الوسطى، ثم جمرة العقبة، وكان يرمي كل جمرة بسبع حصيات، ويُكبّر مع كل حصاة، وفعل الرسول ذلك في بقية أيام التشريق، وكانت إقامته أيام التشريق في منى، وهو يؤدي المناسك، ويُعلّم الناس شرائع الإسلام، ويمحو معالم الكفر والشرك، وفي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة طاف الرسول طواف الوداع، ثم عاد إلى المدينة.[١]
خطبة الرسول في حجة الوداع
خطب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع خطبة قال فيها الآتي:[١] (إنَّ دماءَكُم وأموالَكُم علَيكُم حرامٌ كحُرمَةِ يَومِكُم هذا في شَهْرِكُم هذا في بلدِكُم هذا، ألا إنَّ كلَّ شيءٍ من أمرِ الجاهليَّةِ تحتَ قدميَّ مَوضوعٌ، ودماءُ الجاهليَّةِ مَوضوعةٌ، وأوَّلُ دمٍ أضعُهُ دماؤُنا: دمُ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلبِ كانَ مُستَرضعًا في بَني سعدٍ فقتلَتهُ هُذَيْلٌ، ورِبا الجاهليَّةِ مَوضوعٌ، وأوَّلُ رِبًا أضعُهُ رِبانا: رِبا عبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ فإنَّهُ مَوضوعٌ كلُّهُ، اتَّقوا اللَّهَ في النِّساءِ، فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ اللَّهِ، واستحلَلتُمْ فروجَهُنَّ بِكَلمةِ اللَّهِ، وإنَّ لَكُم علَيهنَّ أن لا يوطِئنَ فُرشَكُم، أحدًا تَكْرهونَهُ، فإن فعلنَ فاضربوهنَّ ضربًا غيرَ مُبرِّحٍ، ولَهُنَّ علَيكُم رزقُهُنَّ وَكِسوتُهُنَّ بالمعروفِ، وإنِّي قد ترَكْتُ فيكُم ما لن تضلُّوا بعدَهُ إنِ اعتصَمتُمْ بِهِ: كتابَ اللَّهِ وأنتُمْ مَسئولونَ عنِّي، فما أنتُمْ قائلونَ قالوا: نشهدُ أنَّكَ قد بلَّغتَ، وأدَّيتَ، ونصحْتَ، ثمَّ قالَ: بأُصبعِهِ السَّبَّابةِ يرفعُها إلى السَّماءِ وينكبُها إلى النَّاسِ: اللَّهمَّ اشهدْ، اللَّهمَّ اشهدْ، اللَّهمَّ اشهدْ).[٤]
إقرأ أيضا:ما هي مبطلات الحجسبب تسميتها بحجة الوداع
سمّيت حجة الوداع بهذا الاسم؛ لأنّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها، وودّع المسلمين بهذه الحجة، من خلال ما قدمه لهم من تعاليم ونصائح بالدين الحنيف، ولم يمكث الرّسول الكريم بعد هذه الحجة سوى ثلاثة أشهر ثم توفاه الله تعالى بعد ذلك،[٥] وأنهى الرسول عليه الصلاة والسلام حجه بعد أن علّم المسلمين كيفية أداء مناسك الحج، كما بيّن لهم ما فرض الله تعالى وما حرّم على المسلمين، وكانت هذه الحجة حجة البلاغ، وحجة الوداع أيضاً.[١
إقرأ أيضا:ما هي فوائد الحج