مصطلحات إسلاميه

ما هو الميسر

أحكام الشّريعة

جاء في كتاب الله تحريم العديد من الأمور التي كانت مقبولةً في الجاهلية، مثل: الخمر، والأنصاب، والأزلام، والميسِر، وغيرها الكثير، وقد جاء تحريم بعض تلك الأمور على عدّة مراحل، كالخمر الذي جاء تحريمه على ثلاث مراحل؛ لشدّة تعلّق الناس به في الجاهلية، بينما جاء تحريم باقي تلك الأشياء التي اقترن تحريمها بتحريم الخمر دفعةً واحدة، حيث قال تعالى فيها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)، فلمّا سمع المسلمون هذه الآية امتنعوا عن جميع ما جاء فيها من مُحرَّمات، بعد أن كانت تُمثِّل لديهم عقائد ومُسلَّمات لا يسهل الاستغناء عنها، ومن الأمور التي حرّمتها الشريعة في هذه الآية الميسِر، فما هو الميسِر، ولماذا حرَّمه الإسلام، وهل له أحوال يُباح فيها؟

الميسِر

كان العرب قبل الإسلام يُكثِرون من التعامل بالمَيسر، ويُعرَّف الميسر بما يأتي:

  • الميسِر في اللغة: هو قِمار ومُراهنة، ويُطلَق على جميع الألعاب التي تكون فيها مقامرة أو مراهنة، أمّا أيام الجاهلية فإنّ الميسر كان يتعلّق بالجزور التي كانوا يتقامرون عليها، والجزور هي ما يصلح لأن يُذبَح من الإبل أو هو لعبةٌ خاصة كان يتَّخذها المشركون للتقامر بالأقداح، والقدح هو السهم من الميسر.
  • الميسِر في الاصطلاح: يرى بعض الفقهاء أنَّ الميسر هي القِمار ذاتها، وقد نُقِل عن الصحابي عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (الميسر القمار)، بينما يرى آخرون أنّ القمار أعمُّ من الميسر؛ لأنّ المقامرة يدخل فيها كلّ ما يندرج تحت المخاطرة، وكان القصد منه المُغالبة وتحصيل الربح المادي في الألعاب؛ فأيّ لعبة جرت بين اثنين واحتوت على المخاطرة والمغالبة تكون من باب القمار، وقيّدوه أيضاً بما كانت تفعله العرب قبل الإسلام من اللعب بالقداح، أو الجزور التي كانوا يشترونها بثمن مُؤجَّل، ويقسمونها إلى ثمانية وعشرين قسماً، ويجرون المقامرة على هذه الأقسام، والفائز يأخذ اللحم، والخاسر يُغرَّم الثمن.

حُكم الميسِر

اتّفق الفقهاء على تحريم الميسر، حيث جاء الحُكم بتحريمها صريحاً في القرآن الكريم، ويُقاس عليها جميع ما يكون في معناها من القمار، ودليل تحريمها قول الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

إقرأ أيضا:ما المقصود بالروح في سورة القدر

ويدلّ على ذلك ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (من حلف منكم، فقال في حلفِهِ: باللاتِ، فليقُلْ: لا إلهَ إلا اللهُ، ومن قال لصاحبِهِ: تعالَ أُقَامِرُكَ، فليتصدَّقْ)، ووجه الدّلالة في هذا الحديث قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:(فليتصدَّقْ)، فالأمر بالصدقة جاء تكفيراً عن ذنب المقامرة الذي قُرِن بالحلف باللات والعزّى، وكلاهما من أفعال الجاهلية التي حرّمتها الشريعة الإسلامية، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ حرَّم عليكم الخمرَ، والميسِرَ، والكُوبةَ)، ويدلّ هذا الحديث على تحريم كلّ ما يُذهِب المال كالميسر، ويدلّ أيضاً على تحريم الكوبة وهي النّرد، وجاء في صحيح مسلم عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (من لعب بالنَّردِشيرِ، فكأنّما صبَغ يدَه في لحمِ خنزيرٍ ودمِه)، ففي هذا الحديث نهي شديد عن اللعب بالنّردشير لما فيه من ميسر، ويلحق بذلك كلّ ما فيه قمار وميسر، وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (فكأنما صبَغ يدَه في لحمِ خنزيرٍ ودمِه)، دلالة على قُبح الفعل وعظيم الذّنب.

وكلّ لعبة قامت على الربح لفريقٍ أو لشخصٍ، والخسارة لفريقٍ آخر أو شخصٍ آخر فهي من القمار أو الميسر، وتكون مُحرَّمةً باتفاق الفقهاء، وتدخل في تحريم الميسر والقمار حُرمة اللعب بالنّرد، أو اللعب بالشطرنج ما دامت قائمةً على القمار والميسر، ومثال القمار والميسر في هذا الزمان ما يُعرَف باليانصيب، سواءً أكان خيريّاً أو غير خيريّ، أمّا لعبة الشطرنج فإنّ الإمام الشافعي -رحمه الله- أباحها، خلافاً لجمهور الفقهاء، شرط ألّا يكون فيها رهانٌ أو مقامرةٌ، وألّا يكون في لعبها فحش في الكلام، وألّا تُلهي عن الصّلاة.

إقرأ أيضا:ما هي الهجرة

الحِكمة من تحريم الميسِر

لم تحرّم الشريعة الإسلامية أمراً ما أو فعلاً إلّا لحكمة عظيمة أرادها الله -سبحانه وتعالى- بهذا التحريم، ولم يُحرَّم الميسر إلّا لسبب عظيم وحكمة جليّة، حيث إنّه يتسبّب بانتشار العداوة والتباغض بين من يتعاملون به؛ بسبب ما يجري بينهم من ربحٍ لفئةٍ على حساب الفئة الأخرى، وأكلٍ لأموال بعضهم البعض بالباطل، ويَحرُم أكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، وقال أيضاً في موضع آخر: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّ كَثيرًا مِنَ الأَحبارِ وَالرُّهبانِ لَيَأكُلونَ أَموالَ النّاسِ بِالباطِلِ وَيَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّهِ)، ومن السُّنة النبويّة قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ؛ دمُهُ، ومالُهُ، وَعِرْضُهُ)، كما أنّ لعب الميسر يُلهي عن ذكر الله تعالى، ويُبعِد عن أداء الصلاة، ويُفسد المجتمع بتعويد الشباب على البطالة، والكسل، والبُعد عن الأعمال المنتجة، والكدّ والاجتهاد والعمل، ومن مضارّه أنّه يهدم الأُسَر، ويُدمّر البيوت، وربما يدفع إلى اللجوء إلى الانتحار.

إقرأ أيضا:ما هي أسباب ضيق الرزق
السابق
ما هو عقد الزواج
التالي
ما هو وادي الويل