فطر الله -سبحانه وتعالى- الإنسان على حبّ الذهب، قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّـهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)؛ فهو من المعادن الثمينة ذات القيمة العالية، وله منذ القديم قيمةٌ هامَّةٌ؛ حيث تداوله الناس كنقدٍ، وكانت النساء تشترينه؛ للتزيّن به، فما حكم لبس الرجال للذهب؟ وما حكم استعمالهم له في أمورٍ وأدواتٍ أُخرى لغير غرض الزينة؟ آتيًا بيان ذلك.
حكم لبس الرجال للذهب
أجمع الفقهاء على حرمة لبس الرجل لحليّ الذهب، وتزّينه بها؛ لأنّ الشرع جعل التزيّن بالذهب واتخاذه حليًّا مقصورًا على النساء، ولا يجوز للرجال لبس حليّ الذهب، وقد وردت أدلةٌ شرعيَّةٌ عديدةٌ تدلّ على حرمة لبس الرجال لحلي الذهب، ومنها ما رواه أبو موسى الأشعري عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّّه قال: (أُحلَّ الذهبُ والحريرُ لإناثِ أُمتي، وحُرِّم على ذكورِها)، وما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه: (نَهَى عن خاتَمِ الذَّهَبِ)، والأصل في النهي أنّه يفيد التحريم؛ لأنّ تحلّي الرجل بالذهب فيه تشبُّهٌ بالنساء، ولا يليق بالرجال ذلك.
حكم استعمال الذهب للرجال
حكم تحلية السلاح بالذهب
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة في المعتمد عندهم والشافعية، إلى القول بحرمة تحلية السلاح أو السيف بالذهب؛ لعموم الأدلة الواردة في تحريم استعمال الذهب للرجال، وذهب الحنابلة إلى القول بجواز تزيين مقبض السيف بشيءٍ من الذهب اليسير.
إقرأ أيضا:ما حكم وضع المناكير على طهارة؟حكم استعمال آنيةٍ من ذهب
ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بمنع استعمال الآنية من الذهب ومن الفضة، ومذهب الحنفيّة أنّه يجوز اقتناء أواني الذهب والفضة دون استعمالها، واستدلوا على ذلك بقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (نَهَانَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ نَشْرَبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ والدِّيبَاجِ، وأَنْ نَجْلِسَ عليه).
اقرأ ايضا : حكم عمليات التجميل
حكم اتخاذ أنفٍ من ذهب
أجمع الفقهاء على جواز أن يتخذ الإنسان أنفًا من ذهبٍ للضروة، كمن فقد أنفه لسببٍ من الأسباب، واستدلوا على ذلك بما رُوي عن عرفجة بن أسعد -رضي الله عنه- أنّه: (قُطِع أنفُه يومَ الكلابِ فاتَّخذ أنفًا من ورِقٍ، فأنتن عليه، فأمره النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فاتَّخذ أنفًا من ذهبٍ)، والورِق هو الفضة، فلما لم يصلح لعرفجة أن يضع أنفًا من فضَّةٍ، أذن له النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أن يتخذ أنفًا من ذهب.[٤]
حكم لبس الفضة للرجال
أجاز الفقهاء للرجال لبس الفضة والتحلّي به؛ لعدم ورود نصٍّ ينهى عن ذلك، فيبقى لبس الفضة داخلًا في عموم الإباحة؛ لقول الله -تعالى-: (قُل مَن حَرَّمَ زينَةَ اللَّـهِ الَّتي أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزقِ قُل هِيَ لِلَّذينَ آمَنوا فِي الحَياةِ الدُّنيا خالِصَةً يَومَ القِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ)، ولأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- اتخذ ولبس خاتمًا من فضَّةٍ، كما روى عنه أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (لَمَّا أرَادَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَكْتُبَ إلى الرُّومِ، قالوا: إنَّهُمْ لا يَقْرَؤُونَ كِتَابًا إلَّا مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَاتَمًا مِن فِضَّةٍ، كَأَنِّي أنْظُرُ إلى وبِيصِهِ، ونَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ).[
إقرأ أيضا:هل الحجاب فرض ؟