لحم الخنزير في الإسلام
إنّ أهمّ سبب لتحريم لحم الخنزير هو النَصُّ الوارد في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة، بالإضافة إلى مَقاصد الشريعة التي تدعو إلى حفظ النفس، وحفظ الدين، وحفظ المال، وحفظ العرض، وحفظ العقل، وهي ما تُعرَف في الشريعة الإسلاميّة بالضّرورات الخمسة،[١] وقد ورد تحريم لحم الخنزير بالنص القرآنيّ في أربع مواضع، على النحو الآتي:
- قوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[٢]
- قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[٣]
- قال تعالى: ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[٤]
- قال تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[٥]
علة تحريم لحم الخنزير
بيّن الله تبارك وتعالى العلّة في تحريم لحوم الخنزير في قوله تعالى: (فَإِنَّهُ رِجْسٌ)؛[٦] أي أنه نجس، وهو ضار ومؤذٍ ونتن، وهذه العلة تُعتبر علةً ذاتيّةً؛ فهي قائمة لا تنفكّ أبداً عن لحم الخنزير. وهذا يوضح أن العلّة في التحريم ليست علّةً عارضةً أو علّةً مُكتسبةً.
إقرأ أيضا:ما حكم الاحتفال بعيد الحبفالعلة العارضة، كأكل الخنزير للقاذورات والقمامة والنفايات، يحدث في بعض الدول دون غيرها؛ لأن الدول في الغرب يُطعمون الخنزير الأعلاف الطيبة، ويُربّونها في حظائر صحيّة ونظيفة ومُغلقة ومُكيّفة، وعندها تنتفي العلة العارضة. وكذلك العلة في كون الخنزير رجس أيضاً ليست مُكتسبةً؛ فلا تزول بزوال سببها، كإصابتة الخنزير ببعض الأمراض، مثل الأمراض الطُفيليّة، والأمراض البكتيريّة، والأمراض الفيروسيّة؛ لأنّ هذه الأمراض مُكتسبة ويُمكن السيطرة عليها سواءً بالعلاج بالمُضادّات الحيويّة التي تُستخدم ضدّ مُسبّبات الأمراض السابقة، أو باستخدام اللّقاحات الوقائيّة، وهي شائعة الآن وتُستخدَم بشكل واسع، وبهذا كلّه تنتفي العلل المُكتَسبة ولا تكون عللاً صالحةً للتّحريم.
بانتفاء العلة العارضة وانتفاء العلّة المُكتسَبة ينتفي الحكم، وفي ذلك تكذيب لكلام الله تعالى الذي يتلوهُ المسلمون إلى قيام الساعة، وتبقى العلة الذاتيّة هي العلّة التي لا تنفك أبداً عن لحم الخنزير، وهي كونه نجساً في ذاته، وضارّاً ذاتيّاً، ومُؤذياً لمن يأكله أو يتعامل معه؛ بالتربية أو يتعامل مع لحمه جزارةً وأكلاً، فالعلة في كون الخنزير رجس هي الأصل في الحكم الشرعيّ وبقائه.[٧]
أضرار لحم الخنزير
الفرق بين لحم الخنزير واللحم الحلال
يحتوي لحم الخنزير على الدهون بكميّة كبيرة، ويمتاز بأن الدهن فيه يدخل ضمن الخلايا العضليّة، كما تتواجد خارج خلاياه في الأنسجة الضامّة، بينما لحوم الأنعام تنفصل فيها الدهون عن النسيج العضليّ ولا تتموضع الدهون في باقي. وقد أثبتت الدراسات العلميّة أن الإنسان حينما يتناول دهون الحيوانات التي تأكل العشب فإن دهون الحيوانات آكلة العشب تُستَحلب في أمعاء الإنسان وتُمتَص وتتحوّل إلى دهون إنسانيّة، أمّا حينما يأكل لحوم الحيوانات التي تفترس وتأكل اللحوم فإن استحلاب دهونها يكون عسيراً في أمعاء الإنسان، ويتمّ امتصاص جُزيئات مادّة الغليسريدات الثلاثيّة الموجودة في دهن الخنزير كما هي إلى الأمعاء دون أن تتحول أو تترسّب في أنسجة جسم الإنسان، فتبقى كدهون حيوانيّة أو خنزيريّة.
إقرأ أيضا:هل الغناء حرامومن المُثير للدّهشة ملاحظة د.هانس هايترش التي يقول فيها إن الذين يأكلون شحوم الخنزير من أيّ منطقة من جسم الخنزير فإنّها تترسّب عند الإنسان في نفس المنطقة ذاتها عند الإنسان الآكل للحم الخنزير، وهكذا وجد د.هانس أنّ النّساء اللواتيّ يأكلن فخذ لحم الخنزير يُشاهد بكل وضوح لديهن تشوّه في الفخذين والإليتين، والكولسترول الناتج عن تحلّل لحم الخنزير في جسم الإنسان يظهر في دمه على شكل كولسترول جزئيّ؛ أي أنّه كولسترول كبير الذرّة، ممّا يُؤدّي ارتفاع الضغط الدمويّ بكثرة، ويُؤدّي كذلك إلى تصلُّب الشرايين، وهما عاملان من عوامل الخطورة التي تُعتَبر تمهيداً لاحتشاء عضلة القلب.
وقد توصل البروفيسور Roff إلى أنّ الكولسترول الموجود في الخلايا السرطانيّة الجوّالة يُشابه الكولسترول الذي يتشكّل عند تناول لحم الخنزير، ويُعتَبر لحم الخنزير لحماً غنيّاً بالمُركّبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكبريت، ممّا يُؤثّر على قابليّة امتصاص الأنسجة الضامّة للماء، فتُصبح الأنسجة الضامّة كالإسفنج وتَكتسب شكلاً كيسيّاً واسعاً، ممّا يُؤدّي إلى تراكم بعض المواد المُخاطيّة في الأوتار وفي الأربطة والغضاريف، ويُؤدّي ذلك إلى ارتخائها، ممّا يُهيّئ للإصابة بالالتهابات، وخاصة الالتهاب المعروف بالتهاب المفاصل التنكسيّ؛ وهو يُصيب المَفاصل بين الفقرات خاصّةً، ويُؤدّي كذلك إلى تنكّس في العظام.
إقرأ أيضا:ما هي عدة المطلقة