حب الله للعباد
دلّت كثير من نصوص الشّريعة الإسلاميّة في القرآن الكريم والسنة النبوية على حب الله -تعالى- لعباده، فالله -تعالى- خلقهم بيده ونفخ فيهم من روحه وأسجد الملائكة لأبيهم آدم عليه السّلام، وفضّلهم أيضاً على كلّ مخلوقاته وهيء لهم أسباب الحياة من مأكل وملبس ومشرب وصحّة وغير ذلك من النِّعم،[١] وقدّم الله -عزّ وجلّ- ذكر حبّه للعبيد على ذكر حبّهم له، فقال: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)،[٢] وذلك لأنّ حبّ الإنسان لله -عزّ وجلّ- لا يكون إلّا بتوفيق منه، وتوفيق الله يرافق العبد ما دام يحبّه، ولا يكون حبّ الله للنّاس كحبّ النّاس لبعض؛ لأنّ حبّ النّاس بين بعضهم ينطلق من حاجة كلّ منهم للآخر، أمّا حبّ الله لهم فليس لحاجة له عندهم، فهو غنيّ عنهم وإنّما يحبّهم رحمة بهم وتفضّلاً عليهم.[١]
وحبّ الله -تعالى- غير متعلّق بعطائه الدنيويّ، فالله يعطي الكافر والمؤمن، ويعطي من يحبّ ومن لا يحبّ، وذلك لقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللَّهَ يُعطي الدُّنيا مَن يحبُّ ومن لا يحبُّ، ولا يعطي الدِّينَ إلَّا لمن أحبَّ)،[٣] فالكافر يغترّ بنعمة الله عليه ويظنّها دلالة رضى من الله عليه، وأمّا المؤمن فيعلم أنّ العطاء الدنيويّ لا يدلّ على محبّة الله، والنّاس في حبّ الله لهم على مراتب؛ أوّلها حبّ الله للأنبياء عليهم السّلام، حيث جعل الله -تعالى- نبيّه ابراهيم خليلاً له من حبّه له؛ فقال: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)،[٤] وقال أيضاً عن موسى عليه السّلام: (وَأَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنّي وَلِتُصنَعَ عَلى عَيني).[٥][١][٦]
إقرأ أيضا:ما أعظم الذنوبوالمرتبة الثانية حبّ الله للمؤمنين الأتقياء، وهم يتفاوتون في حبّ الله لهم بحسب أعمالهم، فأكثرهم تقرّباً إلى الله بالأعمال الصالحة أقربهم من حبّ الله لهم، وقال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن العبد المؤمن فيما يرويه عن ربّه تبارك وتعالى: (إن تقرَّب منِّي شبراً، تقرَّبتُ إليه ذراعاً، وإن تقرَّب إليَّ ذراعاً، تقرَّبتُ منه باعاً، وإن أتاني يمشي، أتيتُه هَرْولةً).[٧][٦]
العباد الذين يحبّهم الله
أخبر الله -تعالى- في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة بالأسباب التي تؤدّي لمحبّته للعباد؛ حيث ورد في القرآن الكريم مجموعةً من الصفات التي يحبّها الله في عباده، وفيما يأتي بيان ذلك:[٨]
- الاعتراف بنِعم الله -عزّ وجلّ- على الإنسان وشكر الله عليها.
- الحرص على التعرّف إلى الله -عزّ وجلّ- بأسمائه وصفاته؛ حتى يتملّك حبّ الله -تعالى- قلب الإنسان ممّا يدفعه إلى الطّاعة، فيحبّه الله بذلك.
- التعامل مع الله -عزّ وجلّ- بالإخلاص والصدق، وترك الهوى من أجل مرضاة الله.
- المداومة على ذكر الله تعالى، فمن أحبّ شيئاً أكثر من ذكره.
- الإكثار من قراءة القرآن الكريم قراءةً واعيةً متدبّرةً، وخاصةً الآيات التي تتحدّث عن قدرة الله وعظمته وصفاته.
- التقرّب إلى الله -تعالى- بالفرائض أولاً والحرص على أدائها حقّ الأداء ثمّ إتباعها بالنّوافل؛ حيث قال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه، وما يزالُ عبدي يتقربُ إليَّ بالنوافلِ حتى أُحبُّه).[٩]
- إيثار ما يحبّه الله -عزّ وجلّ- على ما يحبّه العبد.
- اتّباع الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- والعمل بسننه وهديه الكريم.
- تعبّد الله بالعبادات التي يحبّها على وجه الخصوص، ومنها:[١٠]
- صلاة داوود؛ حيث كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه.
- صيام داوود؛ حيث كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
- برّ الوالدين.
- الصلاة على وقتها.
- الجهاد في سبيل الله.
- تحرّي ما ذُكر في النّصوص الشرعيّة من الأخلاق والآداب، ومنها:[١٠]
- إدخال السرور على قلوب المسلمين.
- الحرص على نفع المسلمين.
- الاتّصاف بمكارم الأخلاق.
- إصلاح ذات البَيْن.
- العفو عن النّاس والكرم في التعامل معهم.
- الحياء والسّتر والعفّة.
- القوّة في الجسد والإيمان والعلم.
- الاتّصاف بالصفات التي يحبّها الله تعالى، ومنها:[١٠]
- التّوبة والتطهّر؛ لقول الله عزّ وجلّ: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).[١١]
- التوكّل على الله تعالى؛ حيث قال: (إِنَّ اللّهََ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).[١٢]
- العدل والقسط في التعامل مع النّاس؛ لقول الله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).[١٣]
- الصبر؛ لقول الله تعالى: (وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).[١٤]
- التّقوى؛ لقول الله تعالى: (فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).