الشريعة الإسلاميّة
من عظمةِ الشريعة الإسلامية ودلائل صلاحيّتها لكل زمان ومكان أنّها جاءت متوافقةً في أحكامِها وتشريعاتها مع العقل والعلم، فمن ناحية العقل لم تأمرْ الشريعة بأمر يخالف العقل والمنطق الصحيح، على الرغم من أنّ عقولَنا لا تدركُ أحياناً مغزى الشريعة من بعض الأحكام، وكذلك لم تنهَ عن شيءٍ أمرَ به العقلُ وحثّ عليه، ومن ناحية العلم فقد جاءت نصوص الشريعة والوحي لتؤكّدَ على أهميّة العلم في حياة الناس في وجوه كثيرة. سنتحدّثُ في هذا المقال عن مظاهر اهتمام الإسلام بالعقل والعمل.
مظاهر اهتمام الإسلام بالعقل
- جعل الإسلام العقلَ مناطَ التكليف وسببَه، فكثير من العبادات والمعاملات والأحكام في الشريعة الإسلاميّة يكون من شروطها العقل، ودونَ العقل يسقط التكليف عن الإنسان، وفي الحديث الشريف رُفع القلمُ عن ثلاث، ومن بينها المجنون حتّى يُدركَ ويعقل.
- دعوة القرآن الكريم للتفكّر وإعمال العقل في آيات الكون لتبيّن عظمة الخالق في خلقه، فقد اشتملت آيات القرآن الكريم وسوره على كلمات تدعو إلى التدبر والتعقل في الحياة، ومنها قولُه تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً) [النساء، الآية: 82]، وكذلك قوله تعالى: (أفلا يعقلون)، فالعقلُ هو وسيلة التفكّر والتدبر التي تجعل الإنسان يدرك معنى الحياة وأسرارها، وسبب خلق الله تعالى للإنسان.
- جعلت الشريعة الإسلاميّة من مقاصدها التي جاءت لتحقيقها مقصدَ حفظ العقل، لذلك حرّمت الشريعة الإسلاميّة كلَّ ما يسيء إلى تفكير الإنسان وعقله بالتغيّب والستر، كما يحصل في شرب الخمر المحرّم شرعاً، حيث يغيبُ عقل الإنسان عن الإدراك.
مظاهر اهتمام الإسلام بالعلم
- نزول أوّل آيات القرآن الكريم لتحثّ على القراءة في قوله تعالى لنبيّه مُحمّد -عليه الصلاة والسلام-: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) [العلق، الآية:1]، فالقراءة وسيلةُ التعلّم والتعليم.
- ترتيب الأجرِ على طلب العلم، وهذا بلا شكّ يشجع المسلم على طلب العلم، والاستزادة منه خاصّة إذا سخّره المسلم في سبيل الله تعالى ونهضة المجتمع الإسلاميّ، وفي الحديث الشريف: (من سلك طريقاً يلتمسُ فيها علماً سهّلَ اللهُ له بها طريقاً إلى الجنّة)
- التأكيد على أنّ العلم والارتقاء فيه ممّا يزيدُ خشيةَ الإنسان وتقواه، فحينما يدرك الإنسان أسرار الكون، ويلتمس آياتِ الله في الآفاق التي تدلّ على وجوده سبحانه وعظمته وقدرته فإنّ ذلك بلا شك يقوّي إيمان الإنسان بربّه، ويزيدُ خشوعَ القلبِ له، قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر، الآية: 28]