حكم ومواعظ دينية

كيف اقوي ايماني

حقيقة الإِيمان

ورد تعريف الإيمان عند أهل السنّة والجماعة أنّه الإقرار بالقلب، والنّطق باللسان، والعمل بالجوارح، فإنّ القلب هو محلّ الإيمان وأولى الخطوات للوصول إلى حقيقته، فالإيمان مُرتكز على ثلاثة أركان كما أنّه يتعرّض للزيادة والنقصان بحسب حالة الإنسان وهمّته وسعيه، فإذا ذكر الله -تعالى- في نفسه أو في مجلس ذكر،- اطمأنّ قلبه وسكن فزاد إيمانه، وإذا قام منه وانشغل بأمور الدنيا، فإنّ إيمانه ينقص، وهكذا حال الإنسان طوال يومه وطوال عمره، يُجاهد نفسه حتى يبقى مؤمناً حقاً، وإنّ للإيمان أركان رئيسيّة ستة، وعلى المسلم أن يؤمن بها كلّها حتى يكمل الإيمان الذي يُرضي الله تعالى، وأركان الإيمان كما وردت في الحديث الشريف: (أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه)،[١] فمن كفر بركن من أركان الإيمان أو بها كلّها فقد خسر خسراناً كبيراً، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِالله وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً)،[٢] وقال الحسن البصريّ أن الإيمان لا يكون بالتمنّي ولكن يكون بما وقر في القلب وصدّقه العمل، فكلّ من عرّف الإيمان أو تحدّث به أكّد أنّه لا يكتمل في قلب المسلم حتى تُصدّق الجوارح ما يقوله القلب، وإلّا كان الإيمان ناقصاً.[٣][٤]

إقرأ أيضا:حكم قول جمعة مباركة

كيفيّة تقوية الإيمان

يكون الإيمان قوياً على قدر اجتهاد المرء بالطاعات وبقدر إتيانها، ويضعف بالمعاصي والذنوب وبالإكثار منها، وفيما يأتي بيان الأعمال التي تقوّي الإيمان وتزيده:[٥]

  • حضور مجالس الذكر، وأداء الصلوات جماعةً في المسجد، ومُجالسة الصالحين وسماع أخبارهم.
  • الاقتداء بقدوة صالحة بحيث ترتفع همّة المسلم وتعلو أهدافه الإيمانيّة.
  • ترك أهل الفجور والفسوق، فبمخالطتهم يحصل لهو القلب وانشغاله بالمباحات أو بالمحرّمات وكلاهما يُضعف الإيمان في القلب.
  • إنكار الدنيا وعدم الانشغال الزائد بها، وجعلها باليد وليس بالقلب.
  • توازن الانشغال بالأولاد والأزواج، وعدم السماح لذلك بأن يطغى على العبادات وأوقاتها وأصولها.
  • قِصَرِ الأمل في الدنيا ونعيمها، فإنّ طول الامل يُشغل القلب في الملذّات وينسيه دينه وإيمانه.
  • عدم الإفراط بالمباحات والشهوات من طعامٍ وشرابٍ وسوى ذلك، فإنّ الاكثار منه تُبلّد الذهن وتُقعِد البدن عن طاعة الله تعالى.
  • الدعاء بالثبات على الطاعة، ففي الحديث أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يدعو الله -تعالى- بقوله: (اللهمّ يا مُقلِّبَ القلوبِ، ثبِّتْ قلبي على دينِك).[٦]

أثر الإيمان في حياة المسلم

إنّ استقرار الإيمان في القلب له عدّة آثار في حياة المسام؛ منها:[٧]

إقرأ أيضا:ما عقاب الظالم
  • انشراح الصدر؛ فمن وقر الإيمان في قلبه يكون سعيداً هانئاً، مطمئن البال، راضياً بحِكمة الله -تعالى- في شؤونه، قال الله تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).[٨]
  • الوقاية من المعاصي؛ فالإيمان سبب لخشية الله -تعالى- والابتعاد عن المعاصي رغبةً في نيل رضاه، فقد ورد عن الربيع بن خثيم أنّه كان من أتقى الناس، حيث أراد به قومه سوءاً فسلّطوا عليه امرأةً ذات جمال ودفعوا لها المال لتفتنه عن دينه، فلمّا أقبلت إليه متزيّنةً متجهّزةً له، ظلّ يُذكّرها بالموت وبمنكرٍ ونكيرٍ في القبر حتى أُغشي عليها، فلمّا أفاقت أكبّت على العبادة فلم تتركها، فهذا الصبر والثبات عن الوقوع في المعصية كان سببه استقرار الإيمان في قلب الربيع.
  • نبذ العصبيّة والعنصريّة في المجتمع؛ فمقياس التفاضل بين الناس هو الإيمان والتقوى كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).[٩]
  • زِيادة الأمن في البلد وتجنّب الفساد؛ فالوضع الطبيعيّ الذي خلقه الله -تعالى- أن يكون الأمن متحقّق والسّكينة سائدة بين العباد، لكنّ ذنوب الإنسان وخروجه عن طريق الرّسل والأنبياء، واتّباعه لهواه كان سبباً لظهر الفساد والأمراض والابتلاءات والقحط والجدب وغير ذلك من أنواع البلاء، قال الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).[١٠]
  • الثبات؛ فأثر الإيمان يظهر حينما يُبتلى الإنسان بالشّدائد، وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)،[١١] فمَن نصر الله -تعالى- ودعوته وجاهد أعدائه وأخلص كلّ ذلك لوجه الله -تعالى- هيّأ الله له أسباب النصر والثبات، فالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد أن أخذ بالأسباب وعمل جهده في الاختفاء عن أعين قريش يوم الهجرة وأوكل شأنه لله تعالى، وكان المشركون وصلوا إلى مكانه، قال له أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (يا رسولَ اللهِ، لو أنَّ أحدَهم نظر إلى قدمَيه أبصَرَنا تحت قدمَيه، فقال: يا أبا بكرٍ؛ ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما).[١٢]
  • اتّهام النّفس؛ فمن صحّ الإيمان في قلبه فإنّه يغلبُ عليه اتّهام نفسه بالتقصير والخطأ، ويُكثر الخوف من عاقبة السوء من عمله وإن قلّ، وقد وصف عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- الفرق بين الكافر والمؤمن في رؤية معاصيهما بقوله: (إنَّ المُؤْمِنَ يرَى ذنوبَهُ كأنَّهُ في أصلِ جبَلٍ يخافُ أن يقَعَ عليهِ، وإنَّ الفاجِرَ يرى ذنوبَهُ كذُبابٍ وقعَ على أنفِهِ فقالَ لَهُ: هَكَذا فَطارَ)،[١٣] فالمؤمن يخاف من سوء ذنبه ويراه عظيماً لا يحتمله، ولا يرى الكافر والفاجر أيّ شؤم لفعله بل يستحقره ويستصغره.
السابق
درجات الحب في الإسلام
التالي
وصية علي بن ابي طالب لابنائه