حساب الزكاة

كيف أحسب زكاة الفطر

مشروعية زكاة الفطر

تهدف الشريعة الإسلامية إلى صيانة عبادة العباد من كلّ ما قد ينقص قيمتها، أو أجرها وثوابها، أو يؤثر في سلامتها وقبولها، وهذا من فضل الله -تعالى- على عباده، ومن هنا جاءت مشروعية زكاة الفطر كما هو ثابت في هدي النبي عليه الصلاة والسلام، من باب تطهير صيام الصائم في شهر رمضان ممّا قد يكون دخل إلى صيامه من لغوٍ أو رفثٍ، كما أنّ فيه عوناً للفقراء والمحتاجين على قضاء حوائجهم، كما أنّ صدقة الفطر تشكّل مظهراً من مظاهر التكافل الاجتماعي في الإسلام، وتشريعاً يهدف إلى تعميق المسؤولية المشتركة بين المسلمين، وقد أفرد أهل العلم لمسائل وأحكام صدقة الفطر مساحة واسعة في مصنفاتهم، تناولوا خلالها مفهومها الشرعيّ، وشروطها، ومقدارها، والفئات الواجبة عليهم، ووقت إخراجها، وتعدّدت آرائهم في مسألة إخراج قيمة صدقة الفطر نقداً لمستحقّيها.

تعريف زكاة الفطر وأحكامها

  • زكاة الفطر: يُطلق عليها في الفقه صدقة الفطر، وزكاة البدن أيضاً، وإضافة الفطر إلى تسميتها من باب أنّ الفطر سبب لوجوبها، وفي الاصطلاح: هي صدقة أوجبها الشرع بالفطر من شهر رمضان، وتقع في ذمّة المكلّفين بأحكامٍ وشروطٍ معينةٍ.[١]
  • إنّ لزكاة الفطر أحكام وشروط ينبغي التنبيه إليها، من أهمّها:[٢]
  • أهمّ أحكامها: تجب زكاة الفطر على كلّ مكلّف مسلم قادر على إخراجها، يخرجها عن نفسه وعمّن تلزمه نفقتهم، صغيراً كان أو كبيراً، ذكراً أو أنثى، أمّا وقت وجوب إخراجها فيبدأ من غروب شمس ليلة عيد الفطر، إلى ما قبل الشروع في صلاة العيد، فقد جاء عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أمَر بزكاةِ الفِطرِ، قبلَ خروجِ الناسِ إلى الصلاةِ)،[٣] وأمّا وقت الجواز فقد ذهب أهل العلم إلى أنّه يبدأ من أول أيام رمضان إذا كان في ذلك تحقيقاً لمصلحة الفقراء والمعوزين، على أنّه لا يجوز تأخيرها عن غروب شمس يوم العيد، وأجاز بعض أهل العلم تأخيرها عن يوم العيد بوجود مسوّغ شرعيّ؛ كانعدام وجود من يستحقّها، أو كان التأخير بسبب انتظار مستحقّ لها أولى من غيره، كالأرحام،[٤] ولكنّها صدقة واجبة لا تسقط عن المكلّف بها بفوات وقتها، بل الواجب أداؤها لمن أخرّها ذاكراً لها مع التوبة والاستغفار.[٥]

مقدار زكاة الفطر

  • مقدار زكاة الفطر: المقدار الواجب إخراجه في صدقة الفطر صاعٌ من غالب قوت وطعام أهل البلد، سواءً كان صاع من القمح، أو الشعير، أو الأرز، أو التمر، أو الزبيب، أو الطحين، أو الأقط، أو ما هو متعارف عليه قوت لبلد، حيث جاء في الحديث: (فرَض رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- زكاةَ الفِطرِ، صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ، على العبدِ والحرِّ، والذكرِ والأنثى، والصغيرِ والكبيرِ من المسلمينَ، وأمَر بها أن تؤدَّى قبلَ خروجِ الناسِ إلى الصلاةِ).[٦][٧]
  • مقدار الصاع: الصاع كما هو مقرّر عند العلماء أربعة أمداد، والمدّ مقداره المعروف يكون بملء الرجل معتدل اليدين كفّيه، وبناءً على ذلك فقد اعتمد كثير من أهل العلم معادلة الصاع بوحدة قياس الوزن المعاصرة باثنين ونصف كيلو غرام، وهذا معتمدُ الفتوى في مجلس الإفتاء الأردني،[٨] وذهب آخرون إلى تقديرها بثلاثة كليوغرام تقريباً، مثل: ابن باز رحمه الله، واعتمد ابن عثيمين في فتواه وزن ألفين ومئة غرام، ويرجع الاختلاف في التقدير إلى أنّ الصاع مكيال لقياس الحجم، وليس الوزن، وقياسها بالوزن أسهل على مخرجيها، وأضبط لقياسها، ومن زاد فقد أخذ بالأفضل والأحوط.[٩]

حكم إخراج زكاة الفطر نقداً وطريقة حسابها

أجاز بعض العلماء المعاصرين إخراج قيمة زكاة الفطر عملاً بالمذهب الحنفي بدلاً من عين قوت البلد،[٨] وللعلماء في هذه المسألة عدّة آراء، وقد ظهر الاختلاف في الفتوى نتيجة تعدّد الفهم للنصوص الشرعية الثابتة في هذه المسألة، وبيان ذلك:[١٠]

إقرأ أيضا:تعريف زكاة الفطر لغة وشرعاً
  • المذهب الأول: منع إخراج قيمة صدقة الفطر نقداً، وهذا هو مذهب جمهور العلماء، واستندوا في ذلك بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (كنا نخرج زكاةَ الفطرِ صاعاً من طعامٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من أَقِطٍ، أو صاعاً من زبيبٍ).[١١]
  • المذهب الثاني: إباحة إخراج قيمة صدقة الفطر نقداً، وهذا معتمدُ مذهب السادة الحنفية، ووافقهم في ذلك كثير من أهل العلم، كالإمام الثوريّ، والإمام البخاري، والخليفة عمر بن عبد العزيز، والإمام الحسن البصريّ، وغيرهم، واستدلّوا بما جاء فيه الخبر من أنّ معاذاً بن جبل -رضي الله عنه- أخذ من أهل اليمن اللبيس والثياب، وعلّل فعله هذا بأنّه أنفع للمحتاج، وأصلح لحال الفقراء من صحابة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويرى الإمام القرطبي أنّ العبرة من إخراج صدقة الفطر سداد حاجة الفقراء والمحتاجين.
  • الرأي الثالث: إباحة إخراج صدقة الفطر نقداً إذا كان النقد يحقّق مصلحة للفقير، أو دعت لإخراجه مالاً حاجة، وهذا مذهب الإمام ابن تيمية رحمه الله، ورأى أنّ مشروعيّة ذلك كان اعتباراً للحاجة، وتقديماً للمصلحة الراجحة، وهذا المذهب يجمع بين الأدلّة، ويحقّق التوازن بين المذاهب، فحال كثير من الخلق في الوقت المعاصر حاجتهم إلى النقد أكثر من عوزهم للإطعام، حيث إنّ التزامات المعيشة كثيرة ومتنوعة
السابق
زكاة الذهب الملبوس
التالي
كيف أحسب زكاة أموالي