كيفية كتابة عقد زواج شرعي
يعدّ النّكاح صحيحاً في حال تلفّظ الأب والزّوج بما يدلّ على الإيجاب والقبول، مثل أن يسأل العاقد الأب فيقول: هل تزوّج ابنتك فلانة من فلان؟ فيقول: نعم، زوّجتها منه، أو أنكحتها إيّاه، وما شابه ذلك من كلّ صيغة تسدّ وتجزئ في عقد النّكاح، ثمّ يقول الزّوج: قبلت مثلاً، ونحوها.
وإذا لم يتلفّظ الأب والزّوج بما يدلّ على صيغة النّكاح، بل تمّ الاكتفاء بموافقتهما على عقد النّكاح، فإنّ هذا العقد يعدّ باطلاً عند جمهور أهل العلم، وذلك لزوال أحد أركان عقد الزّواج، وهي صيغة القبول والإيجاب، وبالتالي لا بدّ من إعادته.
ولا تقتصر صيغة الإيجاب والقبول على صيغة زوجتك ابنتي، وأنا قبلت، بل إنّها عند الحنابلة والشّافعية لا تصحّ الصّيغة إلا من خلال لفظ مشتقّ من ألفاظ التّزويج، مثل: أنكحتك، أو زوّجتك، وعند المالكيّة والحنفيّة لم يشترط ذلك، بل قالوا أنّ النّكاح ينعقد بما يدلّ على التّأبيد، مثل: أنكحتُ، أو وهبتُ، أو ملكتُ، ونحو ذلك، بالإضافة إلى ذكر الصّداق.
وقد ورد في الموسوعة الفقهيّة:” واستثنى بعض الفقهاء من هذا الأصل عقد النّكاح، فلا يصحّ إلا بلفظ النّكاح والزّواج ومشتقاتهما، كما ذهب إليه الشّافعية والحنابلة “، قال الشربيني:” ولا يصحّ إلا بلفظ اشتقّ من لفظ التّزويج أو الإنكاح، دون لفظ الهبة، والتّمليك، ونحوهما، كالإحلال والإباحة، لأنّه لم يذكر في القرآن سواهما، فوجب الوقوف معهما تعبّداً واحتياطاً، لأنّ النّكاح ينزع إلى العبادات لورود النّدب فيه، والأذكار في العبادات تتلقّى من الشّرع “.
إقرأ أيضا:ما هو الطلاق البدعيوقال الحجّاوي من الحنابلة:” ولا يصحّ إيجاب إلا بلفظ أنكحت أو زوّجت.. ولا يصحّ قبول لمن يحسنها إلا بقبلت تزويجها أو نكاحها، أو هذا التّزويج أو هذا النّكاح، أو تزوّجتها، أو رضيت هذا النّكاح، أو قبلت فقط أو تزوّجت “.
عقد الزواج
إنّ العقد هو اتفاق ما بين طرفين، بحيث يلزمهما بواجبات معيّنة اتجاه الآخر، ولدى كلّ من الطرفين حقوق للطرف الآخر، وبالتالي فإنّ لكلّ عقد آثاراً تترتب عليه، فعقد البيع على سبيل المثال يترتّب على حصوله استمتاع المشتري بالسلعة، وانتفاع البائع في القابل بالثّمن.
أمّا الزّواج فقد اختلف الفقهاء في تعريفه، فهو عند الحنفيّة عقد يفيد ملك المتعة بالأنثى قصداً، أي يفيد حلّ استمتاع الرّجل من امرأة لم يمنعه من نكاحها مانع شرعيّ. وأمّا عند المالكيّة فإنّ النّكاح هو عقد لحلّ التمتّع بأنثى غير محرَم، ومجوسيّة، وأمة كتابيّة بصيغة. وأمّا الشّافعية فيرون أنّ النّكاح هو عقد يتضمّن إباحة الوطء بلفظ إنكاح، أو تزويج، أو ترجمته. وأمّا الحنابلة فقالوا أنّ النّكاح هو عقد التّزويج، أي عقد يعتبر فيه لفظ نكاح، أو تزويج، أو ترجمته.
أركانه
إنّ عقد الزّواج الشّرعي لا يتحقّق إلا باكتمال أركانه، وهي على النّحو التالي:
- الصّيغة: وتعني الإيجاب من وليّ الزّوجة، مثل قوله: زوّجتك أو أنكحتك ابنتي، والقبول من الزّوج، مثل قوله: تزوّجت أو نكحت.
- الزّوج: ومن الشّروط التي تشترط فيه:
- أن لا يكون من المحرّمين على الزّوجة، وممّن يحلّ لها الزّواج به.
- أن يكون الزّوج معيّناً ومحدّداً، فلو قال الولي: زوّجت ابنتي على أحدكم، لا يكون الزّواج صحيحاً، وذلك لعدم تعيين الزّوج وتحديده.
- أن يكون الزّوج متحللاً، أي غير محرم بحجّ أو بعمرة.
- الزّوجة: ومن الشّروط الواجب توفّرها في الزّوجة ما يلي:
- أن تكون خاليةً من موانع النّكاح.
- أن تكون الزّوجة معيّنةً ومحدّدةً.
- أن لا تكون الزّوجة محرمةً بحجّ أو بعمرة.
- الوليّ: فإنّه لا يجوز للمرأة أن تزوّج نفسها، سواءً أكانت صغيرةً أو كبيرةً، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:” لا تزوّج المرأة المرأة، ولا تزوّج المرأة نفسها “، رواه ابن ماجه.
- الشّاهدان: وأمّا الدّليل على وجوب وجود الشّاهدين في عقد النكاح فهو قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:” لا نكاح إلا بوليّ وشاهدي عدل “، رواه ابن حبّان في صحيحه.
شروطه
إنّ من شروط عقد الزّواج ما يلي:
إقرأ أيضا:ما هي عقوبة عقوق الوالدين- التراضي: حيث أنّ عقد الزّواج هو عقد اختياريّ، وبالتالي لا يجوز الإكراه فيه بأيّ شكل من الأشكال، وذلك أنّه أمر متعلق بحياة كلّ من الزّوجين، وأطفالهما، ومستقبلهما، وبالتالي لا يجوز أن يكون أيّ طرف من طرفي العقد مكرهاً عليه. قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم:” الثّيب أحقّ بنفسها من وليّها، والبكر تُستأذن في نفسها، وإذنها صماتها “، رواه الألباني.
- الولي: حيث أنّ ولاية المرأة بنفسها عقد الزّواج هو أمر مستنكر في الفطرة والذّوق، ولذلك فقد اشترط الشّارع أن يكون عقد النّكاح بواسطة وليّ المرأة، وهو إمّا أبوها، أو أخوها، أو الأقرب بها فالأقرب، ولا يمكن أن يكون وليّاً للمرأة إلا من هو أقرب النّاس الأحياء إليها، حيث يكون الأب أوّلاً، ثمّ يليه الأخ، وهكذا. والأصل في ذلك يرجع إلى قوله صلّى الله عليه وسلّم:” لا نكاح إلا بولي “، صحيح ابن حبّان، وقوله صلّى الله عليه وسلّم:” أيُّما امرأةٍ نُكحتْ بغيرِ إذنَ وليّها، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فإن دخلَ بها، فلهَا المهْرُ بما استحلّ من فرجِها، فإن اشتجروا، فالسّلطانُ وليّ من لا وليّ لهُ “، رواه الترمذي.
- الشّاهدان: حتّى يكون العقد صحيحاً فإنّه لابدّ من وجود شاهدين عدلين، وقد ورد في هذا أحاديث كثيرة لا تكاد تخلو من مقال أو ضعف، ومع هذا فإنّ أهل العلم من المسلمين قد أقرّوا هذا الأمر، وبه أفتى كلّ من ابن عبّاس، وعلي، وعمر رضي الله عنهم، ومن الأئمّة الشّافعي، وأحمد، وأبو حنيفة، وهذا القول هو الموجب لأنّ فيه حفظاً لحقوق كلّ من الرّجل والمرأة، وضبطاً للعقود، وإلزاماً بها.
- المهر أو الصّداق: فإنّ من الشّروط التي وضعها الشّارع في عقد النّكاح وجود مهر مقدّم من الرّجل إلى المرأة، والحكمة من ذلك هي تطييب نفس المرأة، ويعتبر كهديّة لها، وهو ملكها، ومن الجائز لها أن تتنازل عنه كله أو بعض منه لزوجها، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:” وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا “، النّساء/4.
- الإحصان: فقد اشترط الشّارع أن لا ينكح المسلم إلا مسلمةً عفيفةً، أو كتابيّةً عفيفةً، وذلك لقوله تعالى:” الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ “، النور/3، وقد جاء النّكاح هنا بمعنى الزّواج.
- الكفاءة: فقد اشترط الشّارع وجود الكفاءة بين الزّوجين كشرط لصحّة الزّواج.
- الصّيغة: فقد اشترط بعض من العلماء أن تكون هناك صيغة تدلّ على الإيجاب والقبول في عقد النّكاح، وأمّا الإيجاب فهو أن يطلب الزّوج من المرأة أو من وكيلها أن يتزوّجها، وأمّا القبول فيعني رضا الزّوجة بأي صفة تدلّ على ذلك أو العكس، مثل أن تقول المرأة أو وكيلها: أرضى بك زوجاً، فيقول الرّجل: وأنا قبلت.