العبادات
فرض الله – سبحانه وتعالى – على عباده أداء بعض الفرائض ليُقرّب بها المسلمون إلى الله تعالى، وطلباً لنيلِ رضاه ودخول جنّته وتحقيقاً للسبب الأول من خلقهم وإيجادهم الذي هو العبادة؛ حيث قال تعالى في كتابه العزيز: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
بعضُ العبادات التي فرضها الله – عزّ وجل – على المسلمين، يجب أداؤها على جميع المُكلّفين، وبعضها تكون مسنونةً؛ حيث إنّ فاعلَها يُؤجر على القيام بها، ولا يُؤثم إن تركها ولكن الأفضل فعلها، ومن الفَرائض التي افترضها الله – سبحانه وتعالى – وأوجب فعلها على عباده الصلوات الخمس، وهي أفضل الأعمال إلى الله، وأفضلها على الإطلاق الصلاة في وقتها المُحدّد، لما جاء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – حيث قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين. قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني)،
صلاة الفجر
إنّ صلاة الفجر هي من أهمّ الصلوات وأقربها إلى الله – سبحانه وتعالى – حيث إنّها تُظهر قربَ العبد من خالقه؛ إذ إنّه ينهضُ من نومه في وقت يكون الناس جميعهم نياماً، ويَخرج في ظُلمةِ الليل وبرد الشتاء ليقوم بما أمره الله به من صلاة، وقد قال – صلى الله عليه وسلم – في الصحيح: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة).
إقرأ أيضا:كيف نحافظ على صلاة الفجركيفية أداء صلاة الفجر
ركعات الفرض في الفجر
اتّفق العُلماء على أنّ عدد ركعات صلاة فرض الفجر اثنتان، وأنّ لها سنّة قبلية عددها كذلك ركعتين فقط وليست لها سنّة بعدية، وتؤدّى صلاة الفجر عندما يطلع الفجر الصادق أي عند أذان الفجر الثاني، ويمتدّ وقت الفجر إلى شروق الشمس، وهو الوقت الذي يبدأ فيه ضوء النهار بالتجلّي والظهور وتختفي به ظلمة الليل وتزول، وصلاة الفجر صلاةٌ جهريّة كلها فيجب على المُسلم أن يجهر في القراءة حين أدائه لها.
ركعات السنة في الفجر
من المعلوم أنّ لصلاة الفجر سنةٌ راتبة قبلية فقط وذلك باتفاق الفقهاء، وليست لها سنةٌ بعدية مطلقاً بل إنه لا يجوز للمُسلم أن يُصلّي بعد إتمام فرض الفجر إلا إن صلّى ما له سبب مشروع كأن يقضي سنة الفجر القبلية؛ وذلك لأنّ للصلاة أوقاتٌ مكروهة، كما أنّ لها أوقات تستحبّ بها وأوقات يجب أداؤها بها، وإن من أوقات كراهة الصلاة عموماً بعد انتهاء صلاة الفجر، ويستمرّ وقت الكراهة إلى طلوع الشمس وارتفاعها بقدر رمح وهو وقت صلاة الضحى.
يَجوز أن يُصلّي المسلم قبل أداء فرض الفجر ركعتي سنة، وهي السنة الراتبة، ويجوز له أن يَزيد فيُصلّي أربع ركعات تنفّلاً أو أكثر من ذلك، لكنّ الراتبة منها رَكعتان فقط. ودليل ذلك ما روي من قول النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث صحَّ عنه أنه قال: (عشرُ ركعاتٍ كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ يداومُ عليهنَّ ركعتينِ قبلَ الظهرِ وركعتينِ بعدَ الظهرِ وركعتين بعدَ المغربِ وركعتين بعدَ العشاءِ وركعتين قبلَ الفجرِ).
إقرأ أيضا:قضاء صلاة المغرب مع العشاءالخطوات العمليّة في صلاة الفجر
صلاة الفجر ركعتان كما أُشير سابقاً، ويستوي بذلك الفرض والسنة، وأداؤهما مُتشابهٌ في الهيئة، فلا فرق بينهما إلا في نيّة المُصلّي فقط؛ حيث يَنوي عند أداء السنة أنّه سيُصلّي سنة الفجر الراتبة منفرداً، فيما ينوي إذا وقف لصلاة فرض الفجر أنه سيؤدّي صلاة الفريضة إماماً أو مقتدياً أو منفرداً، وخطوات الصلاة فيهما على النحو الآتي:
- أن يراعي المصلّي شروط وأركان صحّة الصّلاة التي تسبق البدء بالصلاة من طهارة البدن والثياب والمكان والوضوء واستقبال القبلة وغير ذلك.
- أن ينوي المُصلّي أداء ركعتي الفجر جماعةً إماماً كان أو مأموماً، أو ينوي أنّه سيُصلّي منفرداً، ويجزئ في نيّة الصلاة مجرّد تحقق النية ووجودها في القلب فلا يجب عليه أن ينطق بها، والأولى أن ينشغل بإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام عن التلفّظ بالنية.
- يرفع المصلّي يَديه حذو منكبيه أو أذنيه ليُكبّر تكبيرة الإحرام ثم يُكبّر قائلاً: (الله أكبر) مُعلناً بذلك افتتاح الصلاة.
- يضع المُصلّي يده اليُمنى فوق يده اليُسرى، أو يسبلهما وكلا الهيئتين جازةٌ عند الفقهاء.
- يقرأ المُصلّي دعاء الاستفتاح -وذلك من السنّة – مُبتدئاً صلاته به، وصيغته أن يقول: (سبحانك اللهمّ وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك)، أو أن يقول: (وجّهت وجهي للذي فطر السّماوات والأرض حنيفاً مٌسلماً وما أنا من المُشركين، إنّ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أُمِرت وأنا من المسلمين)، فإن قرأ أي واحدٍ من هذين الدّعائين جاز له.
- يقرأ سورة الفاتحة تامّةً غير منقوصة.
- يقرأ ما تيسّر له من القرآن الكريم ولو آيةً منه.
- يركع المُصلّي بعد التمام من القراءة، ويجب عليه حال الانتقال أن يُكبِّر ليعلن انتقاله إلى الركوع.
- الاطمئنان عند القيام، وفي حال الركوع وفي السجود وذلك عند الشافعية خلافاً لغيرها من فقهاء المذاهب.
- يَرفع رأسه عند الانتهاء من الرّكوع قائلاً: (سمع الله لمن حمده)، ثم يقف بُرهةً مُعتدلاً في قيامه، ويقول المأموم عقب قول الإمام إن كان المُصلّي مأموماً: (ربنا ولك الحمد).
- ينتقل من القيام من الركوع إلى السّجود، ويقول في سجوده: (سبحان ربي الأعلى وبحمده) ثلاث مراتٍ أو مرّتين أو مرة، وبشرط تحقّق الاطمئنان على قول الشافعية.
- يسجد مرّةً ثانية بنفس هَيئة السجود الأول، ثمّ ينتقل إلى القيام.
- يأتي بالركعة الثانية على الحالة التي أُشير إليها سابقاً دون أن يَقرأ دعاء الاستفتاح.
- يَجلس بعد الانتهاء من السجدة الثانية في الركعة الثانية ليقرأ التشهّد الأخير، وذلك بقوله: (التّحيات لله، والصّلوات والطّيبات، السّلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ مُحمّداً عبده ورسوله) ويُحلّق بالسّبابة عندما يصل إلى قوله: ( أشهد أن لا إله إلا الله) ثم يكمل بالصلاة الإبراهيمية، وصيغتها: (اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، اللهمّ بارك على محمّد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد).
- الدعاء: يُسنّ للمصلّي بعد الانتهاء من الصلاة الإبراهيميّة أن يدعو بما شاء من الدعاء، ومن الدعاء المسنون ما ورد عن الرسول – عليه الصّلاة والسّلام – حيث كان يدعو بقوله: (اللهم إنّي أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شرّ فتنة المسيح الدجال).
- يُسلّم عن اليمين مُلتفتاً يميناً، ثم عن الشّمال ملتفتاً شمالاً ويقول في كلّ تَسليمة عن اليمين وعن الشمال: (السّلام عليكم ورحمة الله)