معلومات إسلاميه

كيفية الثبات على الدين

كيفية الثبات على الدين

الثّبات على الدِّين

خلق الله -سبحانه وتعالى- الخلق، وفطر عباده من البشر على الطاعة، وشاءت إرادة المولى -عزّ وجلّ- أن يبتلي ثبات عباده على الاستقامة بأمورٍ عديدةٍ، مثل الهوى، ونزوح النفس الأمّارة بالسوء للآثام؛ حيث تدعو صاحبها إلى الانحراف عن الدين، ووسوسة الشياطين التي تُزيّن للإنسان المعصية؛ فيرتكبها ويستسهلها ويُديم عملها،[١] ويبتليه كذلك بمُغرَيات الدنيا وملذّاتها التي من شأنها أن تُعظّم أمر الدنيا في قلب الإنسان، كذلك الفِتن والابتلاءات التي يواجهها العبد بشتّى أنواعها في حياته من الأسباب التي قد تأخذ به إلى معصية الله تعالى، والنّكوص عن هديه، ومن هنا كان العبد في طريق الثبات على المنهج المستقيم أمام أعداء كُثُر؛ فكيف يستطيع العبد الثبات أمام كلّ ما يواجهه في سبيل الثبات، والنّجاة برضوان الله تعالى؟

كيفيّة الثبات على الدّين

هناك وسائل كثيرة وضعها الله تعالى بين يدي عباده للثبات على منهج الاستقامة، بيّنها الله -سبحانه وتعالى- في كتابه، وعلى لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهي:

  • التّمسك بالقرآن الكريم تلاوةً، وتدبّراً، وامتثالاً؛ فهو نور الله المُبين، وحبله المتين، وهو النّجاة لمن أراد، والعصمة لمن طلب، والقرآن الكريم يعطي العبد تصوّراً صحيحاً لحقائق التّوحيد وأركان العقيدة، فيثبت الإيمان في قلب المسلم، ولا يدخل إلى نفسه شكّ أو ريب، فكثير من الآيات المباركة تحمل مواساةً وتسليةً لكلّ مُضطهَد في عقيدته، وفي القرآن أيضاً ردود على كثير من الشُّبهات التي يثيرها أعداء الدين، وهو ينقل بدّقة مشاهد للأمم السابقة التي تنكّرت لدعوة المُرسَلين عليهم السلام في صورة تزيد إيمان المؤمنين، وثباتهم على دينهم، قال الله تعالى: (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).
  • الدعاء، حيث كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يُكثِر من أدعية الثبات؛ فالقلوب بين يدَي خالقها يُقلّبها كيفما يشاء، فقد جاء في الحديث: (أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يُكثِرُ في دعائِه: اللَّهمَّ يا مقلِّبَ القلوبِ، ثبِّتْ قلبي على دينِك).
  • الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى؛ فهو من أهمّ أسباب الثبات على الدين، فذكره منجاة للعبد من كلّ الكروب، وسبيل للخروج من كلّ مأزق وكرب، فيوسف -عليه السلام- جعل من الذِّكر والاستعاذة بالله -تعالى- سبباً في ثباته أمام شهوة الجمال والمنصب، وقد قرَن المولى -سبحانه وتعالى- الأمر بالذِّكر بالأمر بالجهاد في سبيل الله تعالى، إشارةً إلى أنّ ذِكر الله سبب في الثبات أمام المِحَن، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ).
  • تحرّي منهج أهل السُّنة والجماعة، فهم أهل النّجاة؛ لأنّهم أهل عقيدة وشريعة تستقي منهجها من كتاب الله -تعالى- وما ثبت من سُنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتُبعِد كلّ العباد عن طريق البِدَع والضّلال، وتقصدُ منهج وسطيّة الإسلام؛ دون إفراط أو تفريط.
  • حرص المرء على تربية نفسه تربيةً إيمانيّةً تجمع بين الخوف والرّجاء والمحبّة، وتعتمد على الدّليل الصحيح بعيداً عن التّقليد الأعمى، وتقوم على فهم ما يخطّط له أعداء الدّين، وذلك عن طريق الإحاطة بواقع المسلمين، وما يواجهونه من مكر وخداع وصدٍّ عن سبيل الله تعالى، على ألّا يقود هذا الفهم إلى الانغلاق أو اعتزال المشاركة، وعلى المسلم أن يحرص على الرقيّ في مدارج الكمال، بعيداً عن الاندفاع اللحظي، وفورة المشاعر الآنيّة.
  • يقين المسلم بأنّه على صراط الله المستقيم، وأنّ هذا هو مسلك من اصطفاهم الله -تعالى- بالرّسالة والنّبوة، ومن سار في ركبهم من الصالحين عبر العصور الغابرة، والمرء السائر إلى الله -تعالى- لا تثنيه وحشة الطريق، وكثرة الأعداء، وعلوّ صوت الباطل، وهو أمام كلّ هذا يوقن أنّ العاقبة للمُتّقين.
  • ممارسة الدعوة إلى الله -تعالى- خير مُعين للمسلم على الثّبات؛ بحيث تصبح الدّعوة ومهمّة التّبليغ وظيفتَه السامية وهمّه الأكبر، فيجد لذّةً في تحدّي الباطل وأهله، فيزداد إيمانه بعقيدته، ويزداد ثباتاً في حمل همّ الرسالة.
  • الحرص على اختيار البيئة الصالحة والرّفقة الطيّبة، التي تزيد صلته بالله تعالى، فالأخوّة الصالحة ركن متين يأوي إليه المتحابّون في الله؛ فيشدّون أزرَ بعضهم، وقُربهم يشحذُ الهِمم، ويقوّي وسائل الثبات على المنهج الحقّ.
  • الثّقة بمعيّة الله -سبحانه- ونصره لعباده الصالحين، وأنّ الباطل زاهق لا محالة، وأنّ الله كتب النصر لأوليائه وعباده المخلصين، ويقين العبد بأنّ تأخّر النصر والتمكين يعني ضرورة تفقّد مَواطِن الخلل، على ألّا يكون ذلك سبباً في اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى، والمسلم في طريق الثبات لا يغترّ بصولة الباطل وإن طالت، ولا تزّلُ قدمه من مكر الأعداء بل يزداد ثباتاً؛ لأنّ أمر الباطل مفضوح ومكشوف في القرآن الكريم وسِيَرِ الدُّعاة والمُصلحين، قال الله تعالى: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ).[٦]
  • استحضار مكارم الأخلاق المُعينة على الثبات، وأهمّ هذه الأخلاق الصبر، وحمل النّفس على ما تكره، وتوقّع حصول الابتلاء، وأعلى درجاته الصبّر في أوّل الأمر؛ فإنّما الصبر عند الصّدمة الأولى.
  • استحضار ما أعدّه الله -تعالى- من نعيم مقيم في دار الخلود لعباده الثابتين على الحقّ، فذلك خيرُ مُعين على تحصيل الثبات، والنفس تميل إلى الراحة وترك العمل؛ فيأتي ذِكر الجنة ونعيمها ليُسهّل أمام المسلم كلّ الصعاب، وتهون بعينه كلّ التضحيات، ولقد كانت هذه الوسيلة خير ما طمأن به النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه في مرحلة الدعوة في مكة المكرمة، فجاء في الحديث: (صبراً آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ)،
  • تذكّر المسلم حال أصحاب النّار، واستعراض مشاهد البعث والنشور، واستذكار حضور الأجل، وهوان الدّنيا، ولأجل ذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أكثِروا مِن ذِكْرِ هادمِ اللَّذَّاتِ)
السابق
كيف جاء الإسلام
التالي
شروط الإحرام