الزواج
شَرع الله سبحانه وتعالى الزواج لحِكمٍ وفوائد عديدة؛ ففي الزواج تترابطُ الأسر وتتقوَّى أواصر المَحبّة بين الناس، وفيه أيضاً اتّباعٌ لسُنّة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وتَحصينٌ للفَرج، وحمايةٌ له من الفتنة، وهو سَببٌ لكثرة الرزق والغنى، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وقال تعالى أيضاً: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)
يجدُ الفرد بالزواج الاستقرار النّفسي، والهدوء، والسكينة، والمودّة، وفيه أيضاً تلبيةٌ وإشباعٌ للرّغبة الطبيعيّة التي أودعها الله سبحانه في الرّجل والمرأة؛ فلم يشرعه الله تعالى إلّا لِحكمٍ عَظيمة.
كيفية اختيار زوجة صالحة
إنّ الخطوة الأولى لمشوار حياة الفرد تكون من خلال الزواج؛ فهو امتِدادٌ لحَياةٍ قادمةٍ يَتحدّد من خلالها مَصير الأسرة التي يتمنّاها؛ لذلك كان من الحكمَة التَريُّث وأخذ الوقت الكافي لاختيار شريكة العمر، ورفيقة الدّرب الّتي تُشارِكه حياته.
تَختلف طُرق اختيار الزوجة من فردٍ إلى آخر؛ فبعضُ الأشخاص يسعونَ للجَمال، وآخرون يَبحثون عن المال وأهلِ الغنى، وبعضُهم يبحثون عن الحَسب والنسب، وآخرون يَبحثون عن صاحبة الدّين والخلق الرفيع، ولكِنّ الدين هو العُنصر الأساسي الذي يَجب أن يَسعى لَه الزّوج في اختيار زوجته؛ فهيَ سكنٌ له، ومَهوى فؤاده، وأمٌ لأولاده، الذين يأخذونَ منها الصفات والطبائع، قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وقال الحَسن البصري لمّا سأله رجل عمّن يُزوّج ابنته: (زوّجها لمن يتّقي الله، فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها).
إقرأ أيضا:كيفية كتابة عقد زواج شرعيصفات الزوجة الصالحة
قال تعالى في كتابه الكريم: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ).[٩] جَمعت الآية الكريمة الصّفات الواجب توافُرها في الزوجة الصالحة والتي تشمل أمرين:
- الأمر الأول: صِفات تتعلّق بصلتِها بربّها.
- الأمر الثاني: صفات تتعلّق بِزوجها.
الصفات المُتعلّقة بربها
القنوت (قانتات)؛ وهو مُداومتها على طاعةِ الله سبحانه، والالتزام بما أمر، والقيام بفرائض الدين وواجباته. قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها وصامتْ شهرَها وحصَّنتْ فرْجَها وأطاعت بعلَها دخَلتْ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شاءتْ).؛ فهذه الأمور الأربعة التي ذَكرها الحديث الشريف على المرأة أن تَلتزم بها، وتُحافظ عليها، ومن تمسّكت بها وجَعلتها صفة لها كانت سَبباً في دخولها الجنة.
بيّن الحديث أنّ أساسَ صَلاح المرأة صلاحها مع ربها، وحُسن الطاعة، والتقرّب إليه، والمداومةِ على العبادة هو سرّ السعادة الحقيقيّة، وسَبب الفلاح والتوفيق في حياتها كلّها، والذي يَظهر فيما بعد في حَياتها الزوجية، وصَلاح أولادها كثمرة لذلك الصلاح، ولذلك على الآباءِ، وأولياء الأمور الاهتِمام بهذه الصفات، والحرص على توافُرها في بناتهم، إن هم أرادوا السعادة لهنّ، وأن تكون نشأتهنّ وتربيتهنّ على الصّلاح والعبادة والاستقامة، والمُحافظة على الدين، والبُعد عن كلّ ما يؤذي عِفّة المرأة وشرفها، وسدّ الطرق والوسائل التي قد يأتي منها الفساد وتفتح منها نوافذ الشر.
إقرأ أيضا:كيفية طاعة الزوجمِن صفات الزوجة الصالحة التي يتمنّاها الكثيرون: الحذر من الشيطان الرجيم؛ فهي بوعيِها وفطنتها تُدرك أنّ مهمة الشيطان إفساد الحياة، وإفساد الدين والخُلق، والمُعاملة والعشرة، وإفساد كلّ ما هو خيرٌ في الحياة، وتعلم أيضاً أنّه يتربّص بحياة العبدِ وبلحظاته السعيدة ليفسدها، ولذلك جاءت السنّة النبويّة تدعو إلى التّحصين في كل أمرٍ، وفي كل عملٍ يُقدم الإنسان عليه عندَ دخول البيت، وعند الطعام، والغَضب والمُعاشرة، والنوم وغيرها؛ كي لا يشاركه الشيطان أمور حياته