فترة حكم الدولة العثمانية
امتدّت فترة حكمها أكثر من 600 عام إلى أن انتهت عام 1922م؛[١] حيثُ تأسّست في نهاية العصور الوسطى وكانت الفاصل بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي، وكان أول ظهورها على حدود العالم الإسلامي مع أوروبا، ثم اتسعت وأصبحت قوة عظيمة لها قيمتها الكبيرة بين القوى الأخرى،[٢] وقد بدأت الإمبراطورية العثمانية في الأناضول أو آسيا الصغرى ونمت خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر. كانت نهاية الدولة العثمانية عندما حلت الجمهورية التركية والعديد من الدول من جنوب شرق أوروبا والشرق الأوسط محلها، وقد اشتملت في أوج قوتها واتساعها على اليونان، والبلقان، ومعظم مناطق شرق أوروبا، وأجزاء من أوكرانيا، والأراضي المجرية، بالإضافة إلى فلسطين، وسوريا، والعراق، ومصر، كما امتدّت إلى شمال افريقيا وأقصى الغرب؛ حيث سيطرت على الجزائر، وسيطرت أيضاً على أجزاء كبيرة من شبه الجزيرة العربية.[١]
نشأة الدولة العثمانية وتوسعها
نشأت الدولة العثمانية في القرن الرابع عشر على أنقاض دولة الروم السلاجقة، وامتدّ حكمها أكثر من ستة قرون، وقد جاء الأتراك العثمانيون إلى آسيا الصغرى في الثلث الأول من القرن الثالث عشر الميلادي، وكانوا عبارة عن قبيلة من القبائل التركية تُدعَى قابي والتي نزحت من الاستبس في أواسط آسيا إلى الأناضول غرباً تحت قيادة أرطغرل، ثم انضمّت هذه القبيلة إلى جيش سلطان دولة السلاجقة وهو علاء الدين الأول، وحاربت معه ضد أعدائه؛ الأمر الذي أدى إلى انتصاره عليهم، وكمكافأة لهذه القبيلة التركية أعطاها السلطان قطعة من الأرض يطلق عليها اسم سكود، وهي واقعة في شمال غرب الأناضول على الحدود البيزنطية السلجوقية، وقد كانت هذه القطعة هي نواة الدولة العثمانية، وعندها حصل أرطغرل قائد القبيلة على لقب محافظ الحدود؛ إلّا أنّه لم يكتفِ بهذا اللقب، فأخذ بمهاجمة ممتلكات الدولة البيزنطية في الأناضول باسم السلطان علاء الدين الأول، وعندما تُوفّي أرطغرل خَلفه من بعد ابنه عثمان، والذي سميت الدولة باسمه، ثم أخذت الدولة تكبر وتنمو إلى أن أصبحت إمبراطورية امتدت إلى آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، وقد أصبحت بعدها من أكبر الدول الإسلامية، كما كان لها دور كبير في نشر الإسلام في أوروبا والدفاع عن المسلمين ضد الغزو الصليبي.[٣]
إقرأ أيضا:من هم قريشأما نسب العثمانيين فقد اختلف عليه المؤرخون، فمنهم من قال أنّهم ينتمون إلى الحجاز في أصلهم، وأنّ جدهم عثمان قد فرّ إلى قرمان، وانضم إلى السلاجقة، كما ذكر مؤرخون آخرون أن العثمانيين ينتمون إلى أبي مسلم الخراساني، وقيل أيضاً أن أصلهم من الجراكسة من أولاد يافث بن نوح، أما المؤرخون الأتراك فالبعض منهم ينسب العثمانيين إلى الغز، وبعضهم ينسبهم إلى قبيلة قابي كما ذكرنا سابقاً،[٣] وبالعودة إلى تاريخ الدولة العثمانية يمكن القول أنّ عثمان بن أرطغرل قد حصل على امتيازات عديدة بعد أن فتح قلعة قره حصار؛ حيثُ منحه السلطان علاء الدين لقب بيك، كما منحه العديد من الأراضي والقلاع، ومن الامتيازات التي حصل عليها أَنْ أمر بضرب العملة باسمه، وبعد وفاة السلطان علاء الدين تم اختيار عثمان ليخلفه، وعندها لقّب نفسه بادي شاه، وجعل قصره مدينة وحصّنها جيداً، ثم بدأ بتوسيع أراضيه تدريجياً، واستغلّ بذلك ضعف السيطرة على الأراضي البيزنطية في مدينة الأناضول، وحصلت العديد من المواجهات بين البيزنطيين وعثمان انتهت بسقوط العديد من الأماكن في أيدي العثمانيين.[٤]
فقد سقطت بورصة في عام 1329م، ونيقيا في عام 1331م، وفي عام 1337م سيطر العثمانيون على نيقوميديا، كما حكموا أراضي إمارة قره سي مع بداية عام 1360م، أما الدستور العثماني فقد سنّه السلطان أورخان الذي يُعتبَر المؤسس الفعلي للدولة العثمانية، كما عمل على تقسيم السلطات وتنظيم الدولة من النواحي الاقتصادية، والإدراية، والسياسية، وكانت أول عاصمة للدولة العثمانية هي مدينة بورصة والتي اتّخذها أورخان في الجانب الأوروبي، وتولّى العرش بعد أورخان السلطان مراد الأول، وامتدّت سلطته إلى البلقان، ثم انتقلت العاصمة إلى أدرنة، وبعدها استولى العثمانيون على تراقيا ومقدونيا، ثم توسعوا إلى بلاد الصرب، ثم استولوا على أنقرة وأطرافها، وفي عهد السلطان بايزيد الأول أصبحت الدولة العثمانية إمبراطورية كبيرة؛ إلّا أنّها تعرّضت لهزيمة نكراء أمام تيمور لنك في معركة أنقرة في عام 1402م، وحينها وقع السلطان أسيراً بيد تيمور، وأدى ذلك إلى احتلاله للأراضي العثمانية الواقعة في الجزء الآسيوي من الدولة، وبعد الهزيمة تنازع أبناء السلطان بايزيد على السلطة، وانتصر السلطان محمود الأول، وأعاد بناء الدولة وخلفه ابنه مراد الثاني، وعادت الدولة العثمانية كما كانت، كما استمرّ في حروبه ضد أوروبا، أما ذروة الدولة العثمانية فكانت في عهد السلطان محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية في عام 1453م، وعندها قضى على الدولة البيزنطية نهائياً.[٤]
إقرأ أيضا:وفاة أبي عبيدة و وصاياهسقوط الدولة العثمانية
اتّسعت الدولة العثمانية بشكل كبير، وكان تاريخها مُكمّلاً للتاريخ الإسلامي؛ حيثُ عَمِل السلاطين على نشر الإسلام، واتّبعوا الشرع وعظّموه، وخدموا الحرمين الشريفين، واعتنوا بالأماكن المقدسة، وأنشؤوا المساجد، والمدارس، وشيّدوا القلاع والحصون؛ إلّا أنّ الدولة العثمانية لم تصمد أمام التحديات الأجنبية التي واجهتها، فقد عانت أمام المؤامرات والحركات القومية والماسونية والصهيونية، والتي اجتمعت وتكاثفت على سقوط الدولة العثمانية مع نهاية الحرب العالمية الاولى، لتقوم دولة تركيا الحديثة مكانها في عام 1924م،[٣] وقد سعت الدولة العثمانية منذ نشأتها إلى ضم كافة المسلمين تحت رايتها، بالإضافة إلى محاولة استعادة الخلافة الإسلامية؛ حيثُ طالبت الدولة العثمانية في عام 1774م -في معاهدة كيتشوك كاينارجي مع روسيا- بأن تتولّى رعاية المسلمين وإن كانوا مقيمين خارج حدودها، وكان الهدف الأساسي من ذلك هو تحديد مسلمي شبه جزيرة القرم والتي تعد اليوم جزءاً من جمهورية أوكرانيا
إقرأ أيضا:من هم خلفاء الدولة العباسية