تُطرح الأسئلة طيلة الوقت من الملحدين موجهة صوب أصحاب الديانات.. بعضها في صورة استفسارات منطقية هادفة وأخرى في صورة شبهات وشكوك متعمدة لا تهدف إلا لإثارة الفتن والقلاقل.. أو من باب التسلية لا لطلب العلم والمعرفة الصادقة.. مبررين ذلك بعقليتهم النقدية الرافضة للقولبة وللتحكم الديني الذي ينافي العلم.. فهل جاء الوقت لطرح بعض الأسئلة على الملحدين ؟!.. إنها أسئلة فيما اختاروه لهم منهجا.. بالعلم نسأل وننتظر المجيب!!![1]
*إذا ارتكب إنسان جريمة وأصر أنه فعلها بدون قصد، هنا يسعى كل محامٍ لإثبات عدم القصد.. مع أنه بالمنظور المادي والعقلي الجريمة وقعت وانتهت على أرض الواقع، والمجرم أيضا معترف أنه ارتكبها، لكن يتدخل القانون لمعرفة القصد والنية ومعرفة الحالة النفسية أثناء ارتكاب الجريمة هل بقصد أم لا، وهنا نضع النفس في مركز أعلى من الحقائق، أعلى من الواقعة المادية المجردة، فنحن في الحقيقة لا نحكم على ما حدث في العالم، لكن نحكم على ما حدث داخل النفس، فالحكم والعقاب والقانون كلها تضع النية والنفس في مركز أعلى من الحقائق المجردة؛ ولذا يقول هوجو جريتوس أشهر قانوني في العالم: (إن القانون يعتمد على الأخلاق والأخلاق فحسب، والله هو المصدر الأعلى للقانون).
إقرأ أيضا:الإلحاد.. تاريخ ودوافع وأسباب!ألا يعني ذلك أن الإنسان بالفعل ليس مفصلا على طراز داروين ؟
*ما مصدر رأس المال الأخلاقي الرهيب الذي ورثه الإنسان الأول؟
اغتراب الإنسان في الأرض، وبحثه عن الفردوس المفقود، ووخز الضمير الأخلاقي، هذه أسئلة مجردة عميقة ولكن حياة الإنسان هي محاولة للإجابة عنها، وحتى محاولة التهرب منها ورفضها يشكل إجابة.
يعترف الملحد الشهير (ريتشارد دوكنز) في لقاء له على أحد الأفلام الوثائقية فيقول: وأنا أيضا أعاني من الدوار الميتافيزيقي والأسئلة المحيرة، ولا يستطيع إنسان يتأمل في نفسه وفي الزمان والحقب الجيولوجية إلا واعتراه دوار ميتافيزيقي شديد.
هذا الدوار يؤكد على عمق المأساة، مأساة ذلك الإنسان الذي يبحث عن الفردوس المفقود وعن سبيل للعودة إليه، هذا الدوار الذي يؤكد أن للإنسان أصلا آخر مستقر في ذهنه لكنه لا يذكر الآن شيئا عنه، وكل حياة الإنسان هي محاولة للعودة إلى ذلك الأصل أو الفردوس أو جنة الخلد.
إقرأ أيضا:الإلحاد في بلادنا.. غوصٌ إلى العمق ج6*هل ثمة تحليل مادي لمصدر هذا الدوار الميتافيزيقي؟