صَلاةُ الجَنازَة
خلق الله تعالى الإنسان بين ميلاد وموت، فهو في سَعيه في هذه الحياة سيؤول إلى نهاية مَحتومةٍ لا يشكّ أحد من الخلق بوجودها، ولا يَتوه عقلٌ مُعتَبر عن الإقرار بها، فجاء دين الإسلام مُقرّاً ومُعتبِراً لهذه الحقيقة، وآخذاً بما تقتضيه من أعمالٍ وأحكامٍ تُدخِل أهل هذا الدّين في شموليّته التي يتّصف بها، وتُوجِب ما أُعِدَّ لهم من الرَّحمة والمَغفرة والخير في الدُّنيا والآخرة، فشَرَّع مجموعة من العبادات والأعمال المُتعلِّقة بالمُسلِم عند انقضاء أجله، ومن هذه العبادات المشروعة صَلاة الجَنازَة التي يُؤدّيها المُسلمون عند موت أحدهم ومغادرته للحياة الدّنيا.
تَعريفُها
الجِنازَة، أو الجَنازَة في اللّغة، بفتح الجيم أو كسرها، هي جَمْعُ المَيّت والنَّعش والمُشيِّعون، فيُقال: سَارَ القَوم وَراءَ الجَنازَة، أي: وراء المَيت المُسجّى على نَعشه في مَوكب المُشيِّعين، وجَنّزَ المَيّتَ أي بمعنى كفَّنه ووضَعه على النَّعش أو السَّرير. وجَمعُ جَنازَة: جَنَائزْ وجِنَازاتْ.[١] والصَلاة لُغة: أسم مُشتق من الفعل: صَلّى، أي: دَعَا، فالصَلاة بمَعنى: الدُعاء. [٢]
صَلاةُ الجَنازة اصطلاحاً هي التَعبُّد لله عزّ وجلّ بالصَّلاة على المَيّت على صِفة مُعيّنة مَخصوصة في الشَّرع، حيث لا سجود فيها ولا ركوع.
طريقةُ صلاةِ الجَنازَة
لصَلاة الجَنازَة أحكام وشروط وكيفيّةٌ مَعلومةٌ واردة في السُنّة النبويّة الشّريفة؛ فقد صَلّاها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم على من مات من المُسلمين في حياته، وتَبِعَه في ذلك جَمٌ غَفير من الصَّحابة والمُؤمنين، فهي كصلاة الفريضة غير أنّه لا ركوع ولا سجود فيها.
إقرأ أيضا:شرح الفرائضشُروطُها
يُشتَرط لصَلاة الجَنازَة ما يُشتَرط لباقي الصّلوات من الطّهارة الحقيقيّة في الثّوب والبدن والمكان، والحكمية، وستر العورة، واستقبال القبلة، والنيّة سوى الوقت.[٣]
أركَانُها
أركان صلاة الجنازة هي القيام للقادر عليه، والنّية، وأربع تكبيرات، وقراءة الفاتحة، والصّلاة على النبيّ، والدّعاء، والسّلام.[٣]
صِفتُها
- تُوجّه الجَنازَة إلى القِبلةً ويقف الأمام بمُحاذاتها، ومن السُنّة أن يقف بمُحاذاة رأس الرَّجُل، أو بمُحاذاة وسط المَرأه إن كانت المُتوّفاة امرأة، ويقف النّاس من وراءه في ثلاثة صفوف إن أمكن، مُقتَديْن بما يفعله الإمام.[٤]
- يُكبّر الإمام ناوياً الصّلاة على الميت، رافعاً يديه حذو مَنكبيه أو أُذنيه، ثم يضع يده اليُمنى على ظهر كفّه اليُسرى يشدّ بهما على صدره، ويقرأ فيها سُورة الفّاتحة، وسورةً أُخرى.[٥]
- ثم يُكبّر التّكبيرة الثّانية، ويُصلّي فيها على النّبي صلّى الله عليه وسلّم[٦] كما عَلّمها لإصحابه، وصِفتُها: (اللهمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد، كما صلّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنَّك حميدٌ مَجيد. اللهمَّ بارِك على محمَّد وعلى آل محمَّد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنَّك حميدٌ مجيد).[٧]
- ثمّ يُكبّر التّكبيرة الثّالثة ويدعو فيها للميت: (اللهمّ اغفر لحيّنا وميّتنا، وشاهدِنا وغائبِنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكَرِنا وأنثانا، اللهمّ من أحييته منّا فأحيِهِ على الإسلام، ومن توفّيته منّا فتوفّه على الإيمان، اللهمّ لا تحرمنا أجره، ولا تُضِلـَّنا بعده).[٨]
- ثمّ يُكبّر التّكبيرة الرّابعة، ويدعو فيها بما ورد من الدّعاء.[٩]
- ثمّ يُسلّم الإمام عن يمينه وشِماله كما ذهب إلى ذلك الحَنفيّة، وأحمد بن حنبل في رواية له، والشافعيّ، وله أن يُسلّم تسليمةً واحدةً عن يمينه في المشهور عن الإمام أحمد.[١٠]
مَشروعِيتُها
وردت مشروعيّة صلاة الجنازة في القرآن الكريم والسُنّة النبويّة، قال الله تعالى في مُحكَم تنزيله: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ)،[١١] ففي هذه الآية الكريمة يأمر الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلّم بعدم الصّلاة على المُنافقين والقيام على قبورهم، وفيها دلالةٌ على مشروعيّة الصّلاة على المُسلمين من غير المُنافقين، وهو شرط من شروط صحّتها
إقرأ أيضا:كيفية الصلاة الصحيحة كاملة