صور من الآلهة الباطلة
فالله سبحانه هو صاحب الكمال كله والجمال والجلال كله، فهو بالقدسية والتعظيم موصوف، وبجميل الصفات وحُسنى الأسماء معروف، جلَّ قدرُه وعظُم أمره سبحانه وبحمده.
وكل ما عُبِد من دون الله- سبحانه- تجده ناقصًا حقيرًا أو عاجزًا فقيرًا، أو تراه فانيًا ميتًا. فانظر إلى ما عُبد من دون الله تعرف مدى السفاهة والجهل عند من عبدوها.
عبادة الشيطان:
فالشيطان هو أصل الشرك وأساسه، ومُخطِّطه وبانيه من أسفله إلى رأسه، فكل معبود غير الله إنما هو الشيطان، وكل عبادة لغير الله إنما هي عبادة الشيطان، قال تعالى: [ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)][يس].
فهو الذي زرع شجرة الشرك وكل لونٍ من الكفر فهو من ثمراتها الخبيثة، وكل فرع له فهو من آثارها السيئة.
قال تعالى: [ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ][إبراهيم: 26].
فلا فرق فيما عُبِد من دون الله بين الذرة والمجرَّة ولا بين أعظم مَلكٍ وأصغر حشرة، فالكل عبيد لله وكل عبادة لغير الله شرك مهما كان هذا المعبود سواء كان نبيًّا مرسلًا أو ملكًا مقربًا، فكل عبادة لغير الله فهي للشيطان.
إقرأ أيضا:فضائل توحيد الألوهية
أقوامٌ يعبدون الأحجار([1]):
قوم نوح كانوا يعبدون الأصنام، وقد كانت هذه الأصنام لرجال صالحين، فلما ماتوا صنعوا لهم تماثيل ثم عبدها الأجيال التالية لهم، قال تعالى في قوم نوح: [ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23)
وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) ][نوح].
وكذلك قوم إبراهيم.
قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : [ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72)أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73)قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (74)][الشعراء].
والعرب في الجاهلية كذلك:
قال تعالى: [ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ (20)][النجم: 19، 20]. عن أبي رجاء العطاردي قال: «كنا نعبد الحجر في الجاهلية فإذا وجدنا حجرًا أحسن منه نلقي ذلك ونأخذه فإذا لم نجد حجرًا جمعنا حثية من تراب ثم جئنا بغنم فحلبنا عليه ثم طفنا به»([2]).
اليهود يَهْوَون عبادةَ الأصنام:
وتلك طبيعة اليهود في كل وقت، فلا يؤمنون بغيب ولا يتعبدون لربٍّ، إلا ما أُشربوا من أهوائهم.
إقرأ أيضا:هذا هو الله.. الحليم الرفيق سبحانه وتعالىقال تعالى: [ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ][الأعراف: 138].
الشرق الأقصى في العصر الحديث يعبدون «صنم بوذا»:
هذا الصنم الذي يعبده مئات الملايين من البشر ويحجون إليه كل عام، ويسجدون له ويركعون ويهدون له الهدايا ويطوفون حوله بالتعظيم ويقيمون له الأعياد والمهرجانات، وقد صنعوا له تمثالًا كبيرًا في معابدهم وميادينهم العامة ولا يسمحون لأحدٍ أن يلمسه بيده ولا يدخل عليه أحدٌ إلا راكعًا
فسبحان الله … صنعوا التمثال بأيديهم ثم يعبدونه:
لا يقال لهؤلاء وأمثالهم إلا كما قال إبراهيم عليه السلام لقومه: [ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)][الصافات].
ومن الناس من يعبد الأوثان:
الوثن: كل شيء له هيئة منحوتة كالأصنام أو غير منحوتة، قال تعالى: [فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ] [الحج: 30]([3]).
تعظيم الأضرحة والقبور يجعلها أوثانًا:
فكل ما عُظِّم من الأحجار أو الأصنام أو القبور والأضرحة والمقامات فهي من الأوثان، ومَنْ تبرَّك بها، وطاف حولها وذبح عندها ونذر لها فقد أشرك، وهذا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخشاه على قبره أن يُفعل به ذلك من الجهلاء والضلال، فقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعْبَد»([4]).
إقرأ أيضا:حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير
البقر:
كثير من بلاد آسيا، ومن الهنود يعبدون البقر ويعظمونه وهم طائفة «الهندوس»، فيعظمونه ولا يذبحونه، ولهم وزارة في الهند تُسمى «وزارة البقر»، ويلتزم كل وزير بتربية بقرة في بيته ولا يجرؤ أحدُهم على مس البقرة بسوء، «فقد نامت بقرة في الطريق فتوقف مرور السيارات اثنتا عشرة ساعة ولم يستطيع أحدهم تنفيرها عن الطريق». وبلغ تعظيمهم للبقرة حتى قال رئيس وزرائهم «راجيف غاندي»: «أمي البقرة، أحب إليَّ من أمي التي ولدتني».
اليهود أخبث من الهنود:
إذ هم أول من عَبَدَ البقر، فاتخذوا عجلًا إلهًا من الذهب، فكان جمادًا صنمًا.
قال الله سبحانه وتعالى: [ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ] [الأعراف: 148]. وقال تعالى: [ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ] [البقرة: 93].
الأشجار([5]):
فقد كان المشركون في الجاهلية يعبدون شجرة من سدر يقال لها «ذات أنواط»يتبركون بها.
عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حُنين ونحن حدثاء عهدٍ بكفر، وللمشركين سِدْرةٌ يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرةٍ فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الله أكبر، إنها السُّنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلًها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون»([6]).
حتى الحشرات والفئران:
فقد أظهرت إحصائيات في الهند أن عدد الديانات التي يعتنقها أهلها ألفا ديانة (2000 ديانة) ويتكلم أهلها مائتي لغة ومن بين هذه المعبودات:
الحشرات: وهذه الطائفة لا تتعرض لحشرة بأذى ويحتاطون لذلك أشد الحيطة، حتى إنهم لا يرتدون ثيابًا لا صيفًا ولا شتاءً حتى لا تعلق بها الحشرات ويمشي أحدهم وفي يده مثل ريش النعام لينظف تحت قدمه في كل خطوة يخطوها حتى لا يقتل حشرة تحت التراب وإذا قُتلت حشرة صاموا عن الطعام والشراب، وعذبوا أنفسهم حُزنًا على موت آلهتهم.
أما الفئران([7]): ففي الهند معبد ضخم البناء قد بُني على أحدث الطرز من الرخام الأبيض وفيه من أنفس التحف، وحوله حديقة واسعة مملوءة بالنباتات النادرة، ويُقدم إلى هذا المعبد الهدايا ويُذبح عنده ويُنذر له بالأموال من الذهب والفضة ويبقى لك أن تعلم أن الذي يُعبد في هذا المعبد هي «الفئران».
سبحان الله! أين هذا من عظمة وجلال الله سبحانه؛ إذ يقول:[ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ][لزمر: 67].
فما أصدق قول القائل فيهم:
هل من عقول تباع في الأسواق فأشتريها لمثل هؤلاء.
————————————
([1]) ومن صور عبادة الأحجار. «ضرب الودع»، و «وشوشة الودع»، و «وضع الأحجار على الأرض تمشي من فوقها المرأة الحامل أو التي وضعت حديثًا». يظنون أن ذلك يحفظها أو يحفظ طفلها، أو تمر عليه المرأة رجاءً للإنجاب وما هي إلا حجارة لا تنفع ولا تضر.
([2]) البخاري، وانظر: العقيدة في الله للدكتور عمر سليمان الأشقر (289).
([3]) فتح المجيد (71).
([4]) رواه مالك في «الموطأ» كتاب الصلاة، باب الصلاة، رقم (261)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/345)، وأحمد بنحوه في المسند (2/346).
([5]) وقد عُبِدت الأشجار في الحديث أيضًا، ففي مصر شجرة يقال لها: «شجرة مريم» تذهب عندها النساء العقيمات ويتبركن بها وينذرن عندها رجاءً أن يُرزقن بأطفال، ألم يسمعوا قول الله تعالى: [ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)][الشورى].
([6]) رواه الترمذي في «الجامع» رقم (2181) وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه أحمد في المسند (5/218)، وأبو يعلى في المسند (1441)، وابن أبي شيبة في المصنف (15/101) وغيرهم.
([7]) نقلًا عن جريدة «الكويت»، وانظر كتاب: «علو الهمة للدكتور سيد عفاني».