تم التعاون بين مركز (رواسخ) ومركز براهين على اختيار كتاب ستيفن ماير « شك داروين » وترجمته ليكسر التابو الدارويني وليحث المقلدين وأسرى الانبهار بالزخم الإعلامي لهذه النظرية على مراجعات جادة لما أدخلوه في مربع القداسة!
د. محمد العوضي
تراجعت نظرية أزلية الكون وقِدَم المادة إلى درجة السقوط أمام تتابع الكشوف العلمية التي من أشهرها وأكثرها أثرا وقوةً نظرية “الانفجار العظيم“.
وهو ما أحرج المؤدلجين من أصحاب النزعات المادية والاتجاهات الإلحادية، وذلك لما ترتب على ميلادها من إشكالات فلسفية كُبرى تخص أسئلة البدايات. أما نظرية التطور الداروينية، وهي قطب الرحى للإلحاد المعاصر والتي زهَّدتْ الناس برواية الأديان السماوية في قصة النشأة الأولى للخلق (آدم) وأصل الحياة.
ومع أن داروين نفسه كان عالما بمحدودية نظريته وتفسيره العلمي للحياة الطبيعية من حوله، ورغم أنه حاول أن يحتاط لمستقبل نظريته في كتابه أصل الأنواع بقوله: إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقّد، والذي لا يرجّح أن يكون عن طريق تعديلات عديدة ومتوالية وطفيفة، فسوف تنهار نظريتي انهياراً كاملاً، إلا أن هاجسه قد تحقق بالفعل.
إقرأ أيضا:الإلحاد ومكارم الأخلاق.. علاقة يشوبها الغموض!فداروين كان عالماً بمحدودية نظريته وتفسيرها العلمي للحياة الطبيعية من حوله؛ فالخلية الحية لم تكن أيام داروين في نظر العلماء سوى مادة هلامية بسيطة لا تعقيد فيها، أما في العصر الحالي ومع تطور آلات الرصد والكشف فهي مصنع حيوي متكون من العديد من الجزيئات الوظيفية، يعتمد بعضها على بعض في صورة بالغة التعقيد والتركيب، هذا التعقيد والتركيب لا يمكن تفسيرهما بالتطور التدريجي الزمني البطيء.
وبالرغم من تحقق هاجس داروين علميا والذي هز نظريته بقوة، إضافةً إلى الثغرات العلمية العديدة التي طرحها علماء معتبرون تسببت بإرباك الداروينية، وبالرغم من التفسيرات العلمية البديلة والمنافسة لنشأة الحياة، ومع ازدياد أعداد نقاد الداروينية من علماء البيولوجيا وانقلاب آخرين على الداروينية وتراجعهم عنها، لاتزال الدعاية والترويج للنظرية على أنها حقيقة مطلقة أو أنها النظرية الأقوى والأسلم في موضوعها.
شك داروين.. وتزوير التاريخ العلمي
وقد شعر باحثون ونقاد ومهتمون بأن الداروينية تحولت إلى ايدلوجية يكتنفها التسليم بغيبيات وتفسيرات أقرب إلى أساطير الخيال الجامح.
بيد أن أغرب ما يثير الانتباه في مجتمعات علمانية تقدس البحث العلمي الحر هو مطاردة العلماء المعارضين للداروينية وفصلهم من الجامعات كما يحكي ويثبت فيلم المطرودون !!!
إقرأ أيضا:مخالفو الداروينية.. مغردون خارج السرب (1-3)
وفوق كل هذا تأتي كارثة فضيحة التزوير العلمي من علماء دراونة حملهم التعصب على اقتراف ما ينافسون به كل أشكال التعصب الإنساني البدائي!!
فمن تزوير العالم الدارويني الألماني أرنست هيجل عام 1874 في قصة خياشيم الجنين المقاربة لخياشيم الأسماك في رسوماته، ثم اعترافه بعد الفضيحة وتصريحه بأنه ليس الوحيد الذي زور لإثبات صحة نظرية التطور!!
وتتابعت التزويرات التي لم تسلم منها مجلة «ناشونال جيوغرافيك» عام 1990 لهيكل طائر الأركيولتريكس لإثبات الحلقة الانتقالية بين الزواحف أو الديناصورات والطيور، ولا ينسى العالم تزييف الأركيولوجي “تشارلز داوسون” البريطاني في تركيبه فكا سفليا لقرد على جمجمة كبيرة لإنسان واستمر الغش العلمي 41 عاما من 1912 حتى 1953 وكانت فضيحة مدوية!
حلقات التزوير لا تنتهي ونختم بما يندى له جبين الإنسانية خجلا في المسرحية الداروينية بمأساة “أوتا بينغا” القزم.. وهو قزم من الكونغو تم أسره وتقديمه في المعرض الانثروبولوجي في ميزروي عام 1904 بوصفه أقرب حلقة انتقالية للإنسان، ولاحقا في معرض حديقة الحيوان وانتهت حياته بالانتحار!!
لهذا تم التعاون بين مركز (رواسخ) ومركز براهين على اختيار كتاب ستيفن ماير «شك داروين» وترجمته ليكسر التابو الدارويني وليحث المقلدين وأسرى الانبهار بالزخم الإعلامي لهذه النظرية على مراجعات جادة لما أدخلوه في مربع القداسة!
إقرأ أيضا:السر الأكبر.. الفانتازيا تسيطر (رؤية نقدية)أما عن مكانة الكتاب علميا فقد قال وولف – إيكيارد لونيش Wolf- Ekkehard Lonnig كبير علماء البيولوجيا بمعهد (ماكس بلانك) عن جهد (ماير) هذا: «إن كتاب شك داروين إلى هذه اللحظة أحدث وأدق وأشمل مراجعة للأدلة المبثوثة في كافة المجالات العلمية ذات العلاقة خلال الأربعين سنة التي أمضيتها في دراسة الانفجار الكامبري. إنه بحث آسر في أصل حياة الكائنات وحجة قاهرة لمصلحة التصميم الذكي» وطبع هذا الإطراء على الغلاف الخلفي للنسخة الانكليزية طبعة 2013.