رحمة الله تعالى ومغفرته
خلق الله عزّ وجل الإنسان ضعيفاً، يخطئ ويرتكب المعاصي والذنوب صغيرها وكبيرها -إلّا من عصمه الله عزّ وجلّ وهو سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم-. ومن رحمته سبحانه وتعالى أنه لم يعاقب المخطئ حال وقوعه في الذنب، بل أعطاه فرصةً ليتوب وترك له باب التوبة مفتوحاً على مصراعيه. قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إنَّ الله عزَّ وجلَّ يَبسُط يدَه باللَّيل ليتوبَ مسيءُ النهار، ويَبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ اللَّيل، حتَّى تطلع الشمس من مغربها) أخرجه مسلم. وإنّ الله عزّ وجلّ ليفرح بتوبة عبده ورجوعه إليه.
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الفرقان: 68-69].
من عظيم فضل الله تعالى ورحمته أنْ أمرنا بالتوبة ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون)، فهو أرحم بنا من الأم بولدها، فقد جاء في صحيح البخاري أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رأى وأصحابُه أُمًّا تضمُّ طفلها إلى صدرها بكلِّ عطف وحنان، فقال لأصحابه رضي الله عنهم: (أتروْن هذه طارحةً ولدَها في النار؟) قالوا: لا والله، قال: (لَلَّهُ أرحمُ بعباده مِن هذه بولدها).
إقرأ أيضا:دعاء فك السحركبائر الذنوب
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (اجتنبوا السبعَ الموبقاتِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ، وما هن؟ قال: الشّركُ باللهِ، والسحرُ، وقتلُ النّفسِ التي حرّم اللهُ إلا بالحقِّ، وأكلُ الربا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والتولي يومَ الزحفِ، وقذفُ المحصناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ) رواه البخاري.
هذه السبع هي الموبقات أي المهلكات وهي أعظم الكبائر، لكن يجب الانتباه إلى أنّ الكبائر ليست محصورةً بها فقط، فهناك الكثير من الكبائر كعقوق الوالدين، ومشاهدة الأفلام الإباحية، وسماع الأغاني، وترك الصلاة وغيرها الكثير، وهي تختلف عن صغائر الذنوب، وكفارة الكبائر هي التوبة النصوح لله تعالى.
التوبة النصوح
هي التوبة الصادقة التي يُبتغى بها وجه الله تعالى ورضاه وعفوه وغفرانه، ويجب الإخلاص فيها، واصطحابها بالعزم على ترك الذنوب، والاجتهاد في الطاعات والعمل الصالح.
شروط التوبة من الكبائر
يُشترط للتوبة النصوحة ما يلي:
- الندم على ما فات من اقترافٍ للمعاصي والذنوب.
- الإقلاع عنها وتركها، تعظيماً لله عزوجل وخوفاً منه.
- العزم على عدم العودة لما سبق، والصدق في ذلك.
- هذه الشروط الثلاثة تتعلق بالذنوب التي بين العبد وربه، وهناك شرطٌ رابعٌ إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوق وهو: إعادة الحق لصاحبه كالمال ونحوه، أو الاستحلال منه وطلب العفو والصفح منه كالغيبة