المنهيات الشرعية

سوء المعاملة

سوء المعاملة لغة

هو الاسم من قولهم: ساء يسوء، والمصدر السوء (بفتح السين) والمساءة، والمسائية، وكل ذلك مأخوذ من مادة (س وأ) التي تدل على القبح، وعلى خلاف السرور «1» ، تقول: رجل أسوأ أي قبيح، وامرأة سوآء أي قبيحة، قال ابن فارس: لذلك سميت السيئة سيئة، وسميت النار سوءى لقبح منظرها، وأساء إليه: نقيض أحسن إليه، وقولهم: ما أنكرك من سوء: أي لم يكن إنكاري إياك من سوء رأيته بك، إنما هو لقلة المعرفة، والسوأة: العورة، والفاحشة والسوأة السوآء: الخلة القبيحة، والسوء: قد يراد به الهزيمة والشر كما في قراءة من قرأ عليهم دائرة السوء (الفتح 6) أما من قرأ بالفتح فهو من المساءة، وسوء المعاملة:

نقيض حسن المعاملة «2» .

السوء اصطلاحا

هو كل ما يغم الإنسان من أمور الدارين من الأحوال النفسية والبدنية والخارجية من فوات مال، وفقد حبيب ونحوهما «3» .

المعاملة في اللغة

المعاملة في اللغة مصدر قولهم: عاملت الرجل أعامله معاملة، وتدل الصيغة (فاعل) هنا على المشاركة، أي إن الحدث المقصود قد اشترك فيه طرفان وذلك كما في البيع والشراء والإجارة ونحو ذلك، يقال:

إقرأ أيضا:الفسوق

عاملته معاملة، وأصل ذلك من مادة (ع م ل) التي تدل على كل فعل يفعل، وقال الراغب: العمل كل فعل يكون من الحيوان بقصد، فهو أخص من الفعل لأن الفعل قد ينسب إلى الحيوانات، وهو يقع منها بغير قصد، وقد ينسب إلى الجمادات، والعمل قلما ينسب إلى ذلك «4» .

المعاملة اصطلاحا

قال التهانوي: المعاملة عند الفقهاء عبارة عن العقد على العمل ببعض الخارج (أي الناتج عنها) ، وتطلق أيضا على الأحكام الشرعية المتعلقة بأمر الدنيا باعتبار بقاء الشخص كالبيع والشراء والإجارة ونحوها «5» .

شمولية معنى المعاملة

إن المعاملة المقصودة هنا أعم مما يطلق عليه أبواب المعاملات في الفقه الإسلامي كالبيع والإجارة ونحوهما وإنما تشمل إلي جانب ذلك ما يطلق عليه الأحكام العملية في الشريعة الإسلامية وتشمل هذه الأحكام.

يقول الدكتور النبهان: تشمل الأحكام العملية الأحكام المتعلقة بحياة الإنسان، معاملاته وعلاقاته مع الآخرين، كما تشمل كل الأحكام المتعلقة بالأسرة، والمعاملات المالية والمدنية والمنازعات والعقوبات وما يتعلق بالحكم أو بالدولة سواء فيما يخص العلاقة بين الحاكم والمحكوم، أو بين الدولة والدول الأخرى «1» ، ونقول: إن المعاملة التي ينبغي عدم الإساءة فيها تمتد إلى معاملة الإنسان نفسه ومعاملته للحيوانات وغيرها مما يحيط به في بيئته التي يعيش فيها.

إقرأ أيضا:الفحش

سوء المعاملة اصطلاحا

أن يفعل الإنسان ما من شأنه أن يغم أو يؤذي غيره في المعاملات الشرعية من بيع وإجارة ونحوهما، أو المعاملات السلوكية والأخلاقية المتعلقة بالنفس أو الغير في إطار الأسرة والمجتمع والبيئة «2» .

أنواع سوء المعاملة

لسوء المعاملة أنواع عديدة يمكن تلخيصها في نوعين:

الأول: الإساءة القولية وتحتها فروع «3» .

الثاني: الإساءة الفعلية وتحتها فروع «4» .

وقد فصل القول في ذلك في صفة الإساءة مما أغنى عن إعادته هنا.

[للاستزادة: انظر صفات: الأذى- الإساءة- الاستهزاء- التحقير- السخرية- اتباع الهوى- سوء الخلق- السفاهة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: حسن المعاملة البشاشة- حسن الخلق- الشفقة- طلاقة الوجه- تكريم الإنسان- الإحسان- الأدب] .

الآيات الواردة في (سوء المعاملة) معنى

انظر الآيات الواردة في صفة ((الإساءة))

الأحاديث الواردة في ذم (سوء المعاملة)

1-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي «1» .

فقال صلى الله عليه وسلم: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل «2» ، ولا يزال معك من الله ظهير «3» عليهم مادمت على ذلك» ) * «4» .

إقرأ أيضا:الإمعة

2-* (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنهما- أن رجلا قال: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال:

«من طال عمره وحسن عمله» قال: فأي الناس شر؟ قال: «من طال عمره وساء عمله» ) * «5» .

الأحاديث الواردة في ذم (سوء المعاملة) معنى

3-* (عن أبي أمامة- رضي الله عنه- قال:

أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة معها صبيان لها. قد حملت أحدهما وهي تقود الآخر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«حاملات «6» ، والدات، رحيمات. لولا ما يأتين إلى أزواجهن «7» ، دخل مصلياتهن الجنة» ) * «8» .

4-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجأ لعنتها الملائكة حتى تصبح» ) * «9» .

5-* (عن عبد الله بن جعفر- رضي الله عنهما- قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس- وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته، هدفا أو حائش نخل- قال: فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه «10» فسكت، فقال: «من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟» فجاء فتى من الأنصارفقال: لي، يا رسول الله. فقال: «أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه «1» » ) * «2» .

6-* (عن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» ) * «3» .

7-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رجلا تقاضى «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له، فهم به أصحابه، فقال: «دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا، واشتروا له بعيرا فأعطوه إياه» .

وقالوا: لا نجد إلا أفضل من سنه، قال: «اشتروه فأعطوه إياه؛ فإن خيركم أحسنكم قضاء» ) * «5» .

8-* (عن عبد الله بن الزبير- رضي الله عنهما- عن أبيه، أنه حدثه: أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي صلى الله عليه وسلم في شراج «6» الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح «7» الماء يمر. فأبى عليه.

فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: «اسق يا زبير: ثم أرسل الماء إلى جارك» .

فغضب الأنصاري فقال: أن كان ابن عمتك! فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر «8» . فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك:

فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم (النساء: 65)) * «9» .

9-* (عن أم سلمة- رضي الله عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم فقال: «إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها» ) * «10» .

10-* (عن النعمان بن بشير- رضي الله عنهما- أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكل ولدك نحلته مثل هذا؟» فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأرجعه» .

وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفعلت هذا بولدك كلهم؟» قال: لا، قال: «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم» فرجع أبي فرد تلك الصدقة) * «11» .

11-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل راكب على بقرة التفتت إليه فقالت: لم أخلق لهذا. خلقت للحراثة. قال: آمنت به أنا وأبو بكر وعمر. وأخذ الذئب شاة فتبعها الراعي، فقال له الذئب: من لها يوم السبع «1» ، يوم لا راعي لها غيري؟ قال: آمنت به أنا وأبو بكر وعمر» قال أبو سلمة: وما هما يومئذ في القوم) * «2» .

12-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل مائه فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك» ) * «3» .

13-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا: فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط.

ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال: والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدقه رجل. ثم قرأ هذه الآية إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا (آل عمران: 77)) * «4» .

14-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا.

قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث «5» . على رأس جبل، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل.

قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره «6» إني أخاف أن لا أذره، إن أذكره أذكر عجره وبجره «7» .

قالت الثالثة: زوجي العشنق «8» . إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق.

قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة «9» لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة.

قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد «10» وإنخرج أسد، ولا يسأل عما عهد.

قالت السادسة: زوجي إن أكل لف «1» وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث.

قالت السابعة: زوجي غياياء أو عياياء «2» طباقاء، كل داء له داء، شجك «3» أو فلك أو جمع كلا لك.

قالت الثامنة: زوجي الريح ريح زرنب «4» والمس مس أرنب.

قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد «5» طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد.

قالت العاشرة: زوجي مالك. وما مالك «6» ؟ مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر «7» أيقن أنهن هوالك.

قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع. فما أبو زرع؟ أناس من حلي أذني «8» ، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلي نفسي «9» . وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنق «10» ، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقنح.

أم أبي زرع. فما أم أبي زرع؟ عكومها رداح «11» وبيتها فساح. ابن أبي زرع. فما ابن أبي زرع؟ مضجعه كمسلشطبة «1» ويشبعه ذراع الجفرة «2» .

بنت أبي زرع. فما بنت أبي زرع؟ طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها.

جارية أبي زرع. فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثا «3» ولا تنقث ميرتنا تنقيثا «4» . ولا تملأ بيتنا تعشيشا. قالت: خرج أبو زرع- والأوطاب تمخض- فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سريا، ركب شريا، وأخذ خطيا، وأراح علي نعما ثريا، وأعطاني من كل رائحة زوجا، وقال: كلي أم زرع، وميري أهلك، قالت: فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع. قالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«كنت لك كأبي زرع لأم زرع» ) * «5» .

15-* (عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه، فقام قياما طويلا، نحوا من سورة البقرة، ثم ركع ركوعا طويلا، ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع، ثم سجد، ثم قام، فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته.

فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله» قالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، فقال: «إني رأيت الجنة أو أريت الجنة، فتناولت منها عنقودا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا. ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط، ورأيت أكثر أهلها النساء» .

قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: «بكفرهن» . قيل: يكفرن بالله؟ قال: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان. لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط» ) * «6» .

16-* (عن المعرور بن سويد قال: رأيت أبا ذر الغفاري- رضي الله عنه- وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألناه عن ذلك فقال: إني ساببت رجلا فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:

«أعيرته بأمه؟» ثمقال: «إن إخوانكم خولكم «1» . جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم» ) * «2» .

17-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار، قال:

فقالوا- والله أعلم-: لا أنت أطعمتها ولا سقيتها حين حبستها، ولا أنت أرسلتها فأكلت من خشاش الأرض» ) * «3» .

18-* (عن أبي مسعود البدري- رضي الله عنه- قال: كنت أضرب غلاما لي بالسوط، فسمعت صوتا من خلفي: «اعلم أبا مسعود» فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول:

«اعلم أبا مسعود. اعلم أبا مسعود» قال: فألقيت السوط من يدي فقال: «اعلم أبا مسعود، أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام» قال: فقلت: لا أضرب مملوكا بعده أبدا.

وفي رواية: فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله. فقال: «أما لو لم تفعل للفحتك النار «4» ، أو لمستك النار» ) * «5» .

19-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ الحاشية- فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء) * «6» .

20-* (عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تضربوا إماء الله» فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذئرن النساء «7» على أزواجهن، فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد طاف «8» بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن. ليس أولئك بخياركم» ) * «9» .

21-* (عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه- قاتلكالله- فإنما هو عندك دخيل «1» يوشك «2» أن يفارقك إلينا» ) * «3» .

22-* (عن عبد الله بن زمعة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم» ) * «4» .

23-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلبن أحد ماشية امرىء بغير إذنه. أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه؟ فإنما تخزن لهم ضروع ماشيتهم أطعماتهم «5» ، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه» ) * «6» .

24-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك «7» مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر» أو قال: «غيره» ) * «8» .

25-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره» .

ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم) * «9» .

26-* (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما (التحريم/ 4) .

حتى حج عمر وحججت معه. فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرز، ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضأ. فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله- عز وجل- لهما:

إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما (التحريم/ 4) ؟ قال عمر: وا عجبا لك يابن عباس (قال الزهري: كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه) قال: هي حفصة وعائشة. ثم أخذ يسوق الحديث. قال: كنا، معشر قريش، قوما نغلب النساء. فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم.

قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد، بالعوالي «10» .

فتغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني.

فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟ فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت:

نعم. فقلت: أتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت:

نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر.

أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فإذا هي قد هلكت. لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلمولا تسأليه شيئا وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك «1» هي أوسم «2» وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك (يريد عائشة) .

قال:- وكان لي جار من الأنصار- فكنا نتناوب النزول «3» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما، فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك، وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل «4» لتغزونا. فنزل صاحبي. ثم أتاني عشاء فضرب بابي. ثم ناداني فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم. قلت: ماذا؟ أجاءت غسان؟ قال: لا. بل أعظم من ذلك وأطول.

طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه.

فقلت: قد خابت حفصة وخسرت. قد كنت أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي، ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت:

أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لا أدري. ها هو ذا معتزل في هذه المشربة. فأتيت غلاما له أسود. فقلت:

استأذن لعمر. فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت، فانطلقت حتى انتهيت إلى المنبر فجلست فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم، فجلست قليلا ثم غلبني ما أجد، ثم أتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثم خرج إلي؟ فقال: قد ذكرتك له فصمت. فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني. فقال:

ادخل فقد أذن لك. فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكيء على رمل حصير «5» .

قد أثر في جنبه. فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إلي وقال: «لا» فقلت: الله أكبر. لو رأيتنا يا رسول الله- وكنا معشر قريش قوما نغلب النساء- فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فتغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني. فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟ فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل.

فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر. أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم. فإذا هي قد هلكت؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقلت: يا رسول الله، قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك. فتبسم أخرى فقلت: أستأنس «6» يا رسول الله؟ قال: «نعم» فجلست. فرفعت رأسي في البيت فو الله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلا أهبا ثلاثة «7» . فقلت:

ادع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك؛ فقد وسع على فارس والروم- وهم لا يعبدون الله- فاستوى جالسا ثم قال: «أفي شك أنت يابن الخطاب؟ أولئكقوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» . فقلت:

استغفر لي يا رسول الله وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته «1» عليهن. حتى عاتبه الله- عز وجل-) * «2» .

27-* (عن سهل بن الحنظلية- رضي الله عنه- قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة» ) * «3» .

28-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مطل الغني ظلم» ) * «4» .

29-* (عن عبد الله- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على يمين يقتطع بها مال امرىء مسلم هو عليها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تعالى: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا … الآية» فجاء الأشعث فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ في أنزلت هذه الآية.

كانت لي بئر في أرض ابن عم لي فقال لي: شهودك.

قلت: ما لي شهود. قال: فيمينه. قلت يا رسول الله إذا يحلف. فذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.

فأنزل الله ذلك تصديقا له) * «5» .

30-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل» ) * «6» .

31-* (عن معاوية بن حيدة القشيري- رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:

«أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح «7» ، ولا تهجر إلا في البيت» ) * «8» .

من الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذم (سوء المعاملة)

1-* (قال داود- عليه السلام- «المرأة السوء على بعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير، والمرأة الصالحة كالتاج المرصع بالذهب كلما راها قرت عينه برؤيتها» ) * «9» .

2-* (عن خباب- رضي الله عنه- قال:

«كنت قينا في الجاهلية وكان لي على العاص بن وائل دراهم فأتيته أتقاضاه فقال: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد. فقلت: لا، والله لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى يميتك الله، ثم يبعثك. قال: فدعني حتى أموت ثم أبعث فأوتى مالا وولدا ثم أقضيك. فنزلت:

أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا الآية» ) * «1» .

3-* (عن رافع بن خديج- رضي الله عنه- قال: «كنا أكثر أهل المدينة مزدرعا. كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيد الأرض. قال: فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض، ومما يصاب الأرض ويسلم ذلك.

فنهينا. وأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ» ) * «2» .

4* (عن هشام بن حكيم بن حزام- رضي الله عنهما- قال مر بالشام على أناس من الأنباط «3» وقد أقيموا في الشمس، وصب على رؤوسهم الزيت- فقال: ما هذا؟ قيل يعذبون في الخراج «4» ، وفي رواية: حبسوا في الجزية «5» .

فقال هشام: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا» فدخل على الأمير فحدثه، فأمر بهم فخلوا) * «6» .

5-* (قال بعضهم في سوء المعاشرة:

لقد كنت محتاجا إلى موت زوجتي … ولكن قرين السوء باق معمر فياليتها صارت إلى القبر عاجلا … وعذبها فيه نكير ومنكر «7» .

6-* (قال بعضهم:

لا يغرنك من المرء قميص رقعه … أوجبين لاح فيه أثر قد قلعه أو إزار فوق كعب الساق منه رفعه … ولدى الدرهم فانظر غيه أو ورعه «8» .

من مضار (سوء المعاملة)

(1) تسبب سخط الرب عز وجل.

(2) من يسيء المعاملة مع إنسان أو حيوان يلقى الله بما عمل.

(3) سوء المعاملة بين الناس هدم للمجتمع وضياع للأمة.

(4) شر الناس من طال عمره وساء عمله.

(5) سيىء المعاملة يحارب نفسه بنفسه حيث يلفظه المجتمع ويزدريه.

(6) يسبب إيذاء الآخرين والإضرار بهم.

(7) تنزع البركة من العمر والرزق.

(8) تترك ذكرى خبيثة لصاحبها.

السابق
الوهن
التالي
الوسوسة