أحداث سقوط الإمبراطورية العثمانية
اضمحلال الدولة العثمانية
بدأ عصر اضمحلال الإمبراطورية العثمانية في فترة موت السلطان سليمان القانوني، وتحديداً عام 1566 حتّى أواخر القرن الثامن عشر، فبعد موت السلطان سليمان القانوني نفد السلاطين العظام، ولم يبقَ سوى الملوك الضعاف، ولهذا السبب شهدت الإمبراطورية العثمانية ما بين عامي 1566-1718 العديد من الخسائر والهزائم، ولم يظهر في هذه الفترة سوى ملكين أكفياء وهما: مراد الرابع، ومصطفى الثاني، أمّا باقي السلاطين فقد انهمكوا في الملذات والرذائل.[١]
إلغاء الخلافة
أدى إلغاء الخلافة الإسلامية إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية، حيث تولى السلطان محمد وحيد الدين الخلافة العثمانية عام 1918، وذلك بعد وفاة أخيه السلطان محمد رشاد، ولم يمضِ على حكمه إلّا أشهر معدودة حتّى تعرضت البلاد للغزو والنهب الغربي، وفي ظل هذه الأحداث السياسية قام السلطان محمد بالاستعانة بمصطفى كمال أتاتورك، وذلك لإنقاض البلاد من الغزو الغربي لبلاد المسلمين، ولكنّ مصطفى كمال خان الأمانة، وبدأ يعمل على إخضاع الأمور لصالحه، وليس لمصلحة البلاد، وكسب الجماهير إليه من خلال خطبه الحماسية، وبالتالي قاد حرب الاستقلال، وآمن به الكثير من أهل تركيا ومن خارجها، ثمّ تأسس الحزب الوطني، ونودي بمصطفى كمال رئيساً له، وهكذا قويت شوكته، وأصبح يتمادى على السلطان محمد وحيد الدين، وبعد مرور فترةٍ من الوقت، عقد مؤتمر لوزان، ووضع رئيس الوفد الإنجليزي شروطاً لاستقلال تركيا، وبات نجاح المؤتمر معتمداً على تحقيق هذه الشروط، وهي كالآتي:[٢]
إقرأ أيضا:تعريف معاذ بن جبل- إلغاء الخلافة الإسلامية بشكلٍ نهائي.
- إعلان تركيا دولة علمانية، وإنهاء علاقتها بالإسلام.
- طرد الخليفة العثماني، وجميع آل عثمان خارج حدود تركيا.
- إلغاء الدستور العثماني، وإعداد دستورٍ مدني.
- ملاحظة: قام مصطفى كمال وأتباعه بتنفيذ جميع هذه الشروط، بل وزادوا عليها، وبذلك انتهت الدولة العثمانية، وحلّت مكانها دولة تركيا.
أسباب سقوط الإمبراطورية العثمانية
هناك العديد من الأسباب التي أدّت إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية، ومنها ما يأتي:
- وراثة المنصب العلمي: أصبحت المناصب العلمية في أواخر الخلافة العثمانية تُورّث؛ فأصبح التدريس، والفتوى، والإمامة والقضاء يورّث للأولاد أو الأخوة أو أحد الأقارب حتّى لو كان هؤلاء الورثة ليسو أكفياء في وظائفهم.[٣]
- رفض فتح باب الاجتهاد: أصبحت دعوى فتح باب الاجتهاد في أواخر الخلافة العثمانية من التهم الكبيرة التي تصل عند بعض المقلّدين إلى حدّ الكفر، وإقفال باب الاجتهاد يعني توقّف الحياة عن النمو؛ وذلك كونها محصورةً في قوالب لم تعد تناسبها، ويعني أيضاً خروج الحياة في وقتٍ لاحق على هذه القوالب لتخرج في الوقت ذاته عن الشريعة؛ لأنّ الشريعة تفتقد الاجتهاد وبالتالي تعجز عن مدّ الحياة به.[٤].
- انتشار الظلم في الإمبراطورية: إنّ وجود الظلم في أيّ نظام حكم يُهدّد بزوال الدولة عاجلاً أم آجلاً؛ وقد انتشر الظلم في الإمبراطورية العثمانية؛ فقد اقترف بعض الباشاوات أفعالاً قبيحة، وسفكوا الدماء، ونهبوا الأموال، واعتدوا على الأعراض، كما ظلم بعضهم أهل مصر وأهل الشام والحجاز، وقد اشتدّ ظلمهم لهم بمجيء الاتحاد والترقي للحكم، فقامت تلك المجموعة بظلم الناس داخل تركيّا وخارجها.[٥]
- الترف والغرق في الشهوات: كانت الإمبراطورية العثمانية في بداياتها وفي أوج قوّتها وعزّها بعيدةً عن هذا الانحراف؛ حتّى أوصى محمد الفاتح وليّ عهده بالحفاظ على أموال بيت المال من التبدّد، ونهاه عن صرف أموال الدولة في اللهو والترف، وأخبره أنّ الترف من أسباب الهلاك، إلّا أنّ الإمبراطورية انغمست في الشهوات في أواخر عهدها؛ الأمر الذي أضاع مقوّمات بقائها.[٦]
- الاختلاف والفُرقة: وُجدت العديد من الفرق في أواخر الإمبراطورية العثمانية، وكلّ فرقةٍ كانت تعيب على الأخرى وتدّعي امتلاكها للحقّ وحدها، ثمّ يزول تأثير هذه الجماعة في المجتمع وتندثر؛ لتظهر جماعة جديدة تكرّر ذات الأفعال، وقد أصبحت الإمبراطورية العثمانية في أواخر عهدها تفرّق بين الزعماء والسلاطين، وقد أدّى الصراع بين الحكّام المحلّيين إلى إضعاف الدولة ومن ثمّ سقوطها